بالرغم من مصادقة مجلس النواب العراقي على قانون انتخاب المحافظات العراقية الا ان اجتماع رئيس وزراء العراق جواد المالكي مع مدراء الفضائيات العراقية في الفترة الاخيرة كشف عن تعقيدات جديدة في غاية الخطورة في الوضع العراقي، المالكي وجه انتقادات غير مباشرة الى فدرالية اقليم كردستان. وحول طبيعة المشكلة الكردية مع بغداد فقد كشف مسعود البرزاني رئيس اقليم كردستان لقناة الجزيرة لاول مرة عن تفاصيل مهمة تتعلق بالاتفاق التاريخي للاكراد مع الرئيس الراحل صدام حسين حول مشكلة كركوك وقال ( اتفقنا على الإحصاء وفق واعتمدنا إحصاء عام 1957 لحل موضوع كركوك في اتفاقية آذار 1970 لكن الحكومة تنصلت الحقيقة، تنصلت من الوعود وتنصلت من الاتفاقية أيضا والنتيجة استؤنف القتال في عام 1974 بعدها النظام دخل في حرب مع إيران دخل في حرب وغزا الكويت وصار اللي صار، العراق لم يستقر، هل نستمر على هذا الوضع؟ هل نتحرك من حل موضوع كركوك لكي يبقى العراق مهددا باستمرار؟ لكي يبقى الأمن والاستقرار في العراق مهددان باستمرار؟ هناك حل دستوري وفق المادة 140، لماذا نبحث عن بدائل للمادة 140؟ لماذا لا نطبق المادة 140 لكي نتخلص من هذه المشكلة وإلى الأبد؟
الجميع اذن يلاحظ التطور الحاصل في الموقف الحكومي الرسمي فهل يشكل هذا التطور الجديد العودة الى الخلافات العراقية العراقية؟ ام انه يدخل في سياق تبادل الادوار في المواقف السياسية؟
ومما لاشك فيه فان موقف جواد المالكي قد ساهم في اتساع الهوة بين القوى المؤتلفة في الحكومة العراقية، ليس فقط بسبب مشكلة خانقين وكركوك بل ايضا بسبب تفرده بعملية التفاوض حول مستقبل وجود القوات الامريكية في العراق والاتفاقية الاستراتيجية مع واشنطن. وفي هذا السياق وضح البرزاني ايضا موقف الكرد من الاتفاقية وقال*الكورد يعبرون عن رايهم بصراحة وبدون غموض، والاخرون لديهم غموض ومواقف متناقضة،في اشارة طبعا الى خلافات رئيس االحكومة جواد المالكي مع واشنطن حول الاتفاقية الامنية.
وبرأي البرزاني فان الانسحاب المبكر بجدول زمني دون تهيئة الظروف الملائمة التي تضمن تعزيز دور الحكومة وتمكينها من ادارة شؤونها وضمان وجود قوات عراقية قادرة على توفير الامن والاستقرار قد يعرض البلد مرة اخرى الى حروب اهلية.
ان هذه التطورات الجديدة التي سمعناها ورايناها برايي منحت العقدة العراقية زخما جديدا،قد يمهد لمرحلة مقبلة اكثر عنفا، يدفع ثمنها الشعب العراقي.
كما ان اللامبالاة الحكومة العراقية بالوضع الكردستاني،تمنح ترخيصا للدول الاقليمية بملء الفراغ القادم. فتركيا تستعد للتدخل تحت ذريعة الارهاب مرة اخرى وايران لها اجندتها المعروفة.
كما ان تداعيات الانتخابات الامريكية والظروف الدولية الحالية المتمثلة بالتهديدات الجديدة التي تواجهها الناتو والولايات المتحدة بسبب الحرب الروسية على جورجيا قد سحب الانظار الى عملية السلام في الشرق الاوسط وجعلها القضية الاولى دون القضية العراقية.


وتاكيدا على صحة ما ذكرناه فان الوضع السياسي القائم في العراق بدأ يمثل خطرا حقيقيا على مكتسبات الشعب العراقي لان الصراع السياسي في العراقي اصبح يتعقد اكثر واكثر واذا اضفنا الى هذا كله الوضع الامريكي الداخلي المتازم واتساع الهوة بين الجمهوريين والديمقراطيين.
وفي احسن التقديرات فان جواد المالكي عاجز عن اتخاذ اي قرار وطني فهو اضعف رئيس حكومة عرفته العراق
:- والعراق محاطة بجملة مشاكل واخطار وبناء علىى ذلك نلاحظ مايلي

اولا، قد تسحب الادارة الامريكية قواتها العسكرية من العراق كي تقدم نجاحا مبكرا في حربها على الارهاب تستثمره في انتخابات الرئاسة الامريكية.
ثانيا،قد تسحب امريكا قواتها العسكرية من العراق بشكل سريع بناء على رغبة رئيس وزرائها جواد المالكي مما يوقع الشعب العراقي في اتون الحروب الاهلية مرة اخرى.
ثالثا،قد ينسحب الاكراد من العملية السياسية بسبب مشكلة كركوك وبغياب وجود القوات الامريكية وحليف قوي مثل الاكراد قد يحدث انقلاب عسكري في بغداد.
واخيرا من يعلم ربما نرى مشهدا عراقيا اكثر انقساما نشهد فيه عودة رجالات الصحوة الى احضان القاعدة والفصائل المسلحة بعدما حلت من قبل جواد المالكي والاكراد ينسحبون وقد يصل بهم الموضوع الى حد اعلان الانفصال،والشيعة ينقسمون الى انتماء عراقي واخر ايراني.
فما المطلوب اذن من جواد المالكي؟ برأيي المطلوب من رئيس الحكومة جواد المالكي ان لا يقدم على اي مغامرة عسكرية ينسف حالة الاستقرارالقائم، فحكومته ارهقته الخلافات والانقسامات السياسية،ومطلوب منه ان لا يتردد في اتخاذ القرارات الصائبة من اجل حماية العراق من الاخطار والتحديات القادمة.

راوند رسول