مقدمة العنوان تبدو مبتذلة أليس كذلك؟؟ أعرف تماما وقد شاهدتها بنفسي في مئات المقالات وفي مانشيتات الجرائد وعلى جدران بيروت والضاحية الجنوبية وفي صور لا حصر لها كلها تقول quot;شهيد لبنانquot;، quot;شهيد الوطنquot;، quot;شهيد ثورة الأرزquot;، quot;شهيد الحرية والإستقلالquot;، وأحيانا شهداء.. بعضهم لهم ويسقطونه على لبنان بأكمله.. تلك نكتة quot;الأمة اللبنانيةquot;.. وبعضهم يصادرونه من حزبه الذي لا يملك إمكانيات رفع صوره وها هو قائده الآن يحاول الوصول إلى ذلك عبر سوريا بكل تاريخه الأحمر المحارب لها والممانع وجودها في لبنان!! وكذلك سمعتها في مقدمات نشرات الأخبار الإذاعية والمتلفزة بحسب كل اتجاه وانعزال.
لكنني لست أقصد أيّا منهم.. لست أقصد الشهداء الذين تحفظون أسماءهم عن ظهر قلب وإذا ما شك أحد بشهادتهم جهزتم له صنوف مصطلحات العمالة والأمركة وquot;المجوسيةquot; والتمهيد لعودة السوريين إلى لبنان.. أقصد واحدا فقط بعيدا كل البعد عنهم.. أقصد واحدا لم يتقاض في حياته أكثر من 400 دولار شهريا.. ولم يترك وريثا يأخذ قضيته إلى مجلس الأمن الدولي أو حزبا يهدد بالإنتقام اليقيني لدمائه.. أقصد شهيدا واحدا غبيا غارقا في غبائه كما يغرق في قضاياه التي خدرته تماما وجعلته ينطلق مخربا هنا ومتعاركا هناك.. مفتديا بنفسه الزعيم تارة وقائدا لثورة شوارع وقضايا راسخة لا لبس فيها بعدها ولا شك ولا كذب.
فليرحمك الله.. ما كل ذلك الذي آمنت فيه وها هم اليوم يعقدون فوق جثتك اتفاقاتهم. لماذا قُتلت؟ ولماذا قاتلت؟ ولماذا قتلت؟ القضية نعم. أيّ قضية؟ الصهاينة، سوريا، أميركا، إيران، السعودية، السودان، فلسطين، المخيمات، السنة، الشيعة، الموارنة، خشب الأرز، المحكمة الدولية وفصلها السابع، الله أكبر، أجراس الكنيسة، علي الأمين، شراء الأراضي، بيع الأراضي، شبكة الخطوط، المدرج رقم 17، بيع المياه للصهاينة عبر قبرص،.. السنيورة؟؟
قد تكون قضيتك الدفاع عن باريس 3 أو بكل بساطة المطالبة بتعويضات حرب تموز... لكن بربك كيف نسينا جميعا أساس السابع من أيار وامتلأنا سياسة وحقدا أهليا حتى الشهادة؟ كيف نسينا المطالبة بتحسين الأجور ورفع الحد الأدنى؟ رفعته الحكومة فعلا وارتضى الجميع ذلك لأنهم متفقون علينا أيها الشهيد المسكين.. متفقون على حرقنا.. متفقون على تعليق صورنا حين نستشهد وإزالتها فورا حين يتم الإتفاق على ذلك بحجة أنها إستفزازية.. لكن هل ذلك فعلا ما طالبنا فيه يومها؟
أعرف تماما أنك نظرت إلى الجميع باحتقار في اتفاق الدوحة ورددت ما قالته أحلام مستغانمي إذا ما كان لديك وسط المعارك والقضايا وقت ومكان لقراءة روايتها عابر سرير: quot;فوق جثة آخر شهيد تبرم أول صفقةquot;.. نظرت إلينا باحتقار بعدها في اجتماعات الأقطاب ومصالحاتهم وتغنجهم على بعضهم وتدليلهم لبعضهم البعض.. لكن بربك قل لي كيف ستنظر إلى نفسك حين تجدهم جميعا قد تحالفوا مجددا في الإنتخابات النيابية وعادوا كما هم دائما.... أنفسهم!؟
رحمك الله يا شهيد لبنان.. فهم نسوا تماما وجودك في تحضيرهم لزملاء لك لهم أوقاتهم وقضاياهم وساحات صراعهم كذلك..
عصام سحمراني
[email protected]
http://essam.maktoobblog.com/
التعليقات