منذ اليوم الأول لظهور مجلس النواب العراقي على شاشات الفضائيات، قام البعض من الكتاب العراقيين بتشبيه بعضهم وكأنهم جالسين في احدى جايخانات الباب الشرقي، فلا نظام ولا هدوء ولا كأنه مجلس رسمي مسؤول عن توفير الأمن والخبز للعراقيين، مشهد اعتبروه لا يمثل الوجه المشرق للعراق الجديد الذي طبلوا وزمروا له الاعداء، المجلس كما هو متعارف عليه مرآة للشعب ويبدو ان مجلسنا لا يعكس طموحات الشعب بل ولا يعير اهتماما لمشاعر مكوناته الأخرى، فوضى وصخب حتى ان البعض من الكتاب وصف غالبية اعضاء البرلمان بان وجوههم لا تشبه المألوف من العراقيين ولا تصرفاتهم، وانهم لم يعتادوا على رؤية السبح ولا تسريح الذقون في الجلسات البرلمانية والرسمية للحكومات السابقة، محياهم خائفة ومتكأبة ومترقبة وكأنها تخفي شيئا ما.


قال احدهم.. لم يبقى للبعض من اعضاء مجلسنا الا ان ينتعل وبشموخ......! بدلا من الحذاء والربطة الأجنبية الكافرة ليكتمل المشهد ويأخذ شرعيته وهذا ليس ببعيد، اما نحن فقلناها لمئات المرات ان شعب العراق وكل امنيات طوائفه وقومياته التواقة لادارة نفسها والحفاظ على موروثها ولغتها وتأريخها وتوفير الأمن لها واختيار ما يناسبها من ثقافة لن تتحقق الا بوجود حكومة وطنية نزيه، غير طائفية ولاعنصرية، حكومة منتخبة بشكل سليم، وبمجلس نواب اعضاءه مثقفون مؤتمنون على المال والمتاع، كفوئون غير فئويون، عندها فقط نستطيع ان نقول ان مشاريع وخطط وتوجهات حكومتنا سليمة وعادلة وحظارية.

ان خطوات ومشاريع حكومتنا وقرارات مجلس نوابنا في وضعهما الحالي سوف لن تؤدي فقط الى تقسيم العراق وخلق الصراعات الطائفية والقومية، انما ستؤدي وبلا شك الى تمزيق quot;الأقليات الدينية والقوميةquot; تمهيدا لسحقها فصهرها بكل تأريخها وحظارتها في بوتقة الكتل والأقاليم الكبيرة الجائعة، وهذا ما تحقق مؤخرا في مجلس النواب، حيث تبنين انهم يريدون طمس هويتنا الدينية والقومية لينتهي الى الأبد تواجدنا على ارض العراق ارض اجدادنا، وسنظطر ان نعيد ما قلناه سابقا ونذكر ممثلينا في بغداد الأستاذ يوناذم كنة والأستاذ ابلحد افرام ونقول لممثلينا في حكومة كردستان المحترمين للمرة المليون..ان شعبنا بحاجة الى تثبيت وجوده مع الأخرين كشعب اصيل في الدستور العراقي والدستور الكردستاني، وثانيا حقه في المشاركة في رسم سياسة الوطن الإقتصادية والأمنية والثقافية وحقه في المشاركة في ادارة شؤون المحافظات التي ينتمي اليها، ولكي يتحقق ذلك يجب العمل بكل جد للإتيان بمن له القدرة والكفاءة والنزاهة ليقود شعب العراق نحو المستقبل الزاهر، وكما هو واضح من ان اميركا هي المتنفذة وهي صاحبة الشأن في العراق وستبقى لسنين، فان ارادت فانها قادرة على تهيأت قيادة عراقية كفوءة واصيلة غير مرتبطة باجندة دينية متطرفة او قومية عنصرية لتحكم بالعدل والمساواة شعب العراق بكل مكوناته الدينية والقومية، وباستطاعتها ايضا تهيأت دستور يحترمه جميع العراقيين، في ظل هذه الأجواء سنحق الديمقراطية وتُضمن حقوق الجميع.

وهنا لا بد وان اسجل كل التقدير لما اقدم عليه الأستاذان يوناذم كنة وابلحد افرام الأعضاء في مجلس النواب العراقي على رد فعلهما السريع واعتراضهما على ما اقره مجلس النواب وبأغلبية أصواته بالغاء المادة 50 من قانون انتخابات مجالس المحافظات المتعلقة بالقوميات والتي تنص على وجود حصة مقررة للأقليات، هذا الموقف الشجاع ليس بغريب على قادة شعبنا، حيث ان تأريخ شعبنا مليئ بمثل هذه المواقف فقد سبقهم المالك خوشابا والمالك ياقو والمار شمعون وسرما خانم وغيرهم، انه تعبير عن الدفاع عن الأصالة والانتماء القومي والوطني.


وعليه نؤكد بانه آن الأوان لقول الحقيقة وفضح الذين يتاجرون بالعراق وباقلياته التي اصبحت بعد غزو العراق كالضحية التي تتوسط فكي الحيتان الكبيرة، وما حدث بالأمس في مجلس النواب قد فضح النوايا المبيتة لشعبنا الآمن والمسالم فقد اعلن عضوان في مجلس النواب العراقي وهما الممثلان الوحيدان للمسيحيين في العراق، عن رفضهما لقرار المجلس، حيث قرر السيد أبلحد إفرام انسحابه من كتلة التحالف الكردستاني احتجاجا على تصويتها على حذف حصة الأقليات من قانون الانتخابات، هكذا هي المواقف الشجاعة والتي اتمنى ان تصمد وان لا يصيبها التراجع!، ففي الوقت الذي تمنيت لو كان هذا الموقف الشجاع في اثناء حرق كنائسنا وقتل كهنتنا في الموصل وبقية المحافظات وتهجير شعبنا، لكان لنا حديثا آخر، لكني متفائل من ان الخير فيهم ما زال حيا وقائما، لقد عبرنا في السابق عن اسفنا وامتعاضنا من السيد يوناذم كنة والسيد ابلحد افرام كممثلين لنا في البرلمان لعدم قيامهم برد فعل سريع ضد سلطة الحكومة التي لم تستطع حماية كنائسنا وابناء شعبنا في الدورة والموصل وبغداد وبقية المحافظات، فاننا ولموقفهم اليوم في مجلس النواب، ولردة فعلهم السريعة اتجاه ما يحاك لتهميشنا فاننا سنقف الى جانبهم والى جانب كل من يقف رافضا لأي تهميش او ظلم يقع على اي مكون ومن اي دين او قومية كان، ان اشارة السيد كنة خلال مؤتمر صحفي في بغداد قوله...quot; الى ان هناك توجها وليس قرار سياسيا لإجتثاثنا من كل مراكز الدولة، بل قد تم اجتثاثنا في المفوضية العليا للإنتخابات،، واقرار القانون يعد شعوراً بالتراجع عن مبادئ الديمقراطية ومبادئ الشراكة والتآخي في هذا الوطنquot; انتهى النص...


نعم ايها النائب الجليل..هذا ما قلته وقاله الكثيرين امثالي منذ زمن، ان العراق هو الحاضنة الأمينة للحفاظ على حقوقنا في الحياة، وكلما ابتعدنا عن المطالب الفئوية الضيقة واغفلنا المطالب التي تهم المجتمع العراقي ككل فاننا نساهم في تقريب الذين يريدون الشر لنا!، ان الحقوق لن تتأتى من قمم الجبال ولا من سهولها انما الحقوق تتأتى من رحم المجتمع فكلما كان مجتمعنا العراقي ديمقراطيا وينعم بالخير والأمان كلما اقتربنا من ممارسة طقوس حياتنا في العلوم والثقافة بكل حرية.

quot;لماذاهذه الازدواجية في المواقف يا مجلس النواب؟ هكذا خاطب ممثلينا المجلس...و نؤكد لكم ايها السادة اعضاء مجلس النواب ان هناك انتهاك حقوق الصغار بمثل هذه الاساليب سوف لم و لن تضمنوا حقوق الكبارالذين كانوا على رأس اللعبة و بالتالي سوف تكون مجمل حقوق الشعب العراقي في خطر داهمquot; انتهى النص

اننا كعراقيين ما زلنا نحذر من ان العراق وشعب العراق ما زال في خطر! وهذا ما اكده الأستاذ ابلحد إفرام في حديث لـquot;نيوزماتيك quot;حين قال أن انسحابه من كتلة التحالف الكردستاني، جاء على خلفية تصويتها على حذف حصة الأقليات وعدم التزامها بتعهداتها السابقة بشأن تمثيل الأقليات في المجالس والبرلمان العراقي،وان تصويت الكتل الكبيرة في البرلمان العراقي على حذف حصة الأقليات في قانون الانتخابات توصف بالمؤامرة الكبيرة ضد الأقليات القومية والدينية في العراقquot;.


وأكد إفرام أن quot;الكتل الكبيرة في البرلمان العراقي تحاول إقصاء وتهميش المكون المسيحي في العراق وغيره من الأقليات، لأسباب تتعلق بنظرتهم لهذه الأقلياتquot;....نعم يا سيدي افرام هكذا باتت حال شعبنا بعد 2003...ان موقفكم الشجاع هذا يثبت ان العراق سيتعافى من كل اشكال الطغيان والدكتاتورية والطائفية.

إن المسيحيين هم مكون أساسي من مكونات الشعب العراقي ويعد من أقدم سكان العراق، ولهذا فإن عدم تخصيص حصة له تمثل ظلما كبيرا وعدم احترام لتاريخهم الوطني.

لقد اكدناه مرارا وتكرارا أن الكتل السياسية الكبيرة في البرلمان العراقي لم تجلب للبلاد منذ سيطرتها على السلطة في العراق، الا الدمار والخراب والقتل وتهميش الأقليات التي تختلف معهم دينيا أو عرقيا ويبدو ان ذلك سيستمر نهجا ستراتيجيا في ايدلوجياتهم، ترى متى سيتحرر العراقيون من هذا الظلم وهذه الدكتاتورية.


اننا نهيب بقادة شعبنا المتواجدين على كل ارض العراق اظهار الشجاعة والصمود والتصدي لكل ما من شأنه تطويقنا ودمجنا او صهرنا، لأننا نستحق الاستمرار في الحياة، فنحن من ضمن الشعوب التأريخية المتبقية والتي قدمت للبشرية اعظم الحظارات حيث شعبنا اليوم بامس الحاجة الى من يرعى ويحمي وجوده وتراثه ودينه، وان كان ذلك متعذرا فعلينا طرق الأبواب الأوسع، وهي فرصة للقاء بالسيد استيفان دي مستورا الذي انتقد في مؤتمر صحفي مشترك عقده مع رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني القانون لعدم وجود فقرة تشير إلى تمثيل الأقليات القومية والدينية في مؤسسات الدولة، ووصف الأمر بالمؤامرة الكبيرة ضد الأقليات القومية والدينية في العراق، مؤكدا أنه سيعمل مع المفوضية العليا للانتخابات في العراق خلال الفترة القليلة القادمة على معالجة قضية تمثيل الأقليات في الانتخابات بشكل يعطي حقوق الأقليات في العراق بشكل كامل ومن دون تهميش، ان ما حدث في جلسة مجلس النواب الاخيرة،يمنحنا الفرصة لتأكيد حقيقة القائمين على حكم العراق.

تحية لكل الذين يسعون لإنقاذ شعب العراق من الطائفية والدكتاتورية.

ادورد ميرزا
استاذ جامعي مستقل