مع بدء طبخة المصالحات بالنضوج بين أطراف الأحزاب اللبنانية الذين عكروا صفو سماء لبنان مؤخراً، وتركوه قطعاً ممزقة سياسياً وإقتصادياً وأشلاء طائفية مزروعة بالحقد السياسي في نفوس معظم الشعب اللبناني الذي عانى ما عاناه في الأحداث الأخيرة الأليمة.

الشعب التابع لتركيبة سياسية عجيبة لا يمكن حل لغزها أبداً في بلد يدعي الديمقراطية وحرية الفكر والموقف، هو في الحقيقة بعيد كل البعد عن ما يسمى بالديمقراطية وما تتضمنها لأن أي زعيم سياسي كان يجر وراءه مئات من الشعب..

فيحققون له مطامعه وأفعاله ويزرع في عقولهم أفكاره وكلماته فعندما يأمرهم بالحرب يحاربون ومتى ما أراد أن يتوقف يبادرون سريعاً إلى التوقف ويهتفون ويصفقون له، حتى ولو كان على خطأ فإنهم مجبرون على ذلك ولو خسروا أولادهم في تلك الحرب ودمرت بيوتهم وشرد أطفالهم في الشوارع وهتكت أعراضهم..

كل ذلك يذهب فداء لذلك الزعيم السياسي الذي غسل أدمغتهم مسبقاً حتى يصل إلى كرسيه ويجعل من أجسادهم ودمائهم معبر طريق يمشي عليه نحو مركزه الطامع له!!

وكأن كل تلك الأحداث التي جرت مؤخراً كانت كلعبة فيديو غيم يلعبها ذلك الزعيم، ومتى ما سئم يبادر إلى التوقف بعد أن شحن هو وأمثاله من الزعماء المجرمين الأجواء اللبنانية كلها بالحقد الطائفي والسياسي الذي لم يرحم لا صغيرا ولا كبيرا، وبعد أن quot;صفّيتquot; كل الحسابات القديمة على ظهر الشعب والإستقرار والأمن والسلم الأهلي وجيشنا الباسل المقاوم..

فأتى أخيراً شهر الرحمة حاملاً معه بوادر التوبة وطهر قلوب السياسيين الحاقدة وغسل ذنوبهم الآثمة وأيديهم الملطخة بالدماء، فوقف كل طرف ووضع يده في يد الآخر بنية المصالحة، ولكن هل كل ذلك توبة حقيقية أم إنه من أجل إقتراب الإنتخابات النيابية وما سيربحه كل طرف من مقاعد من وراء تلك الإتفاقات والمصالحات...

ونرجو من الله أن تكون مصالحة حقيقية طاهرة القلب طويلة الأمد، وليست غيمة صيف عابرة ويرجع كل طرف ويحقن أتباعه متى ما طاب له الأمر ليأخذ البلد نحو الجحيم والهاوية بممارسته الحقد الطائفي والسياسي، لأن الشعب اللبناني لم يعد يتحمل وأصبح كقنبلة مؤقتة لا لا يعلم موعد انفجارها ومن ستدمر هذه المرة من السياسيين المدعين التوبة المؤخرة التي لم تعد تقنع وتنفع الشعب بعد الآن..

حنان سحمراني