بين الفينة والاخرى يطل علينا واحد من quot;الدعاةquot; ليفتي بوجوب قتل الشيعة او التنكيل بهم او الاستهزاء بمعتقداتهم بل يؤكد بعض هؤلاء quot;الدعاةquot; ان قتل الشيعة يوجب على الله الجنة! وكأن هؤلاء القوم ليسوا بمسلمين ولايشهدون الشهادتين ولايصلّون الى قبلة المسلمين ولايصومون رمضان ولايحجون بيت الله الحرام ولايزكّون ولايأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر. الاصول الخمسة في الاسلام سارية على كل الشيعة بكل فرقهم تماما كما الاصول الاربعة عند اهل السنة والجماعة مفروضة على الجميع. بيد ان اضافة الفرض الخامس عند الشيعة من المفترض ان يكون شفيعا لهم عن الاخرين ولكن يبدو اننا امام تركة تأريخية ضخمة بحجم الجاذبية وربما أكبر!

بعد تصريح الشيخ القرضاوي وسلمان العودة ومن قبلهم اسامة بن لادن ومن سايرهم على ذات النهج التكفيري وعدم مقبولية الاخر ايا كان، نشرت صحيفة ايلاف الالكترونية هذا اليوم تحقيقا حمل عنوانا كبيرا يقول quot;الشارع الجزائري يؤيد تصريحات القرضاوي ضد الشيعةquot;؟! لاأدري لماذا الشارع الجزائري تحديدا ولماذا هذا التعميم رغم ان ايلاف كان بامكانها عنونة التحقيق تبعا للواقع والحقيقة الميدانية لتقول quot;بعض الجزائريينquot; بدلا من تعميم رأي بعض المتطرفين الذين شملهم الاستطلاع على مجمل المجتمع الجزائري؟! بيد ان كل البلدان العربية والاسلامية ضجّت بالعقلاء الرافضين لهكذا تصريحات لاتنم عن وعي لمن يطلقها فضلا عن حجم الكراهية التي تحملها تلك التصريحات اتجاه مكون رئيس وفاعل في الحضارة الاسلامية والعربية على حد سواء.

الغريب ان ايلاف طرحت رأي لشخص يدعى quot;هيثم ربانيquot; يؤيد فيه قول القرضاوي بحق الشيعة لانه ووفقا لرأي رباني quot;لان الشيعة الاثنى عشرية لايعترفون الا ب 15 صحابيا جليلا كمصدر من مصادر الحديث النبويquot;! أليست هذه الهرطقات اساس بلاء الامة الاسلامية؟! شخص مغمور في الجزائر يدعو الى الكراهية وسلب الاخر حقوقه لمجرد ان هؤلاء القوم لايعترفون الا ب 15 صحابي رغم ان هذا وامثاله يروون ويصدّقون بحديث quot;العشرة المبشرون بالجنةquot;، اليس الشيعة في هذا المقام اكرم من الاخر حيث وسّعوا الجنة بنسبة الثلث بعد ان حصرها الاخرون بعشرة فقط؟!

اضافة الى ما تقدم ووفقا للفتاوى التي يضج بها المجتمع الاسلامي اليوم أليس حريا بنا التوقف عند quot;الثقاةquot; من رواة الحديث؟! هل يمكن القول ان من يفتي بقتل الهواء قد جاء بفتواه تبعا لهواه ام تبعا لمصادر فقهية استند عليها؟! نعم قتل الهواء والا ما التسمية الفعلية لفتوى قتل quot;ميكي ماوسquot; الشخصية الكرتونية التي لاوجود لها الا على الورق وماهي الا من نسج خيال مبتكرها؟! مفتي اخر استند في فتواه على احاديث جمة من quot;السلف الصالحquot; تؤكد وتسند فتوى quot;ارضاع الكبيرquot;! ترى فتاوى على هذه الشاكلة هل تقرع لنا جرس الانذار لضرورة التحقيق في مدوى موثوقية رواة الحديث وما أكثرهم ام نقفل عقولنا على ماجاء في كتب quot;السلف الصالحquot; وكأن الله قد خلق لهؤلاء القوم عقلا وسلبنا لبّه؟! مفتي جزائري بالمناسبة كان قد افتى في وقت سابق بجواز تفجير الاطفال لاجسادهم خدمة لما اسماه quot;تعاليم الاسلامquot; والاغرب من ذلك ان تلك الفتوى جاءت بحق الجزائريين انفسهم وليس وسط جموع الجنود الاسرائيليين!

الحقيقة الواضحة وضوح الشمس في رابعة النهار تؤكد ان كل التصريحات التي تستهدف الطائفة الشيعية هي في اساسها quot;فتاوى سياسيةquot; للاسف الشديد تتخذ من التكفيرين والكارهين للاخر جنودا للترويج لها والدفاع عنها والا فأن العالم اليوم ملئ بمن لايعترف بالاسلام اصلا ويتهجم على كل التعاليم الاسلامية بمن فيها الرسول الاعظم فأين هؤلاء quot;الدعاةquot; من كل ذلك؟! لماذا لانرى فتوى تصدر او تصريحا من هؤلاء quot;الدعاةquot; باتجاه الصين مثلا ونفوسها يفوق نفوس المسلمين سنة وشيعة مجتمعين وهم يعبدون بشرا يدعى quot;بوذاquot; ولد قبل مئات السنين؟! بل على العكس نرى ان حجم التبادل التجاري بين المسلمين والصين اكثر بكثير منه بين المسلمين انفسهم لدرجة ان quot;الشماغ العربي الاصيلquot; الذي يرتديه هؤلاء quot;الدعاةquot; يأتي من هناك.

شيعة العالم الاسلامي اليوم أكثر الناس تسامحا وقبولا للاخر لكن يبدو ان تصريحات على تلك الشاكلة ليست اسرائيل ببعيدة عنها خصوصا وان ملف ايران النووي وصراعها مع هذا العدو يشكل محورا اساسيا لحشر الصراع الطائفي في القضية وذلك ضمانا لاسرائيل ومصالحها في المنطقة. كذلك الدفاع الذي يقوم به الشيعة في جنوب لبنان عن ارضهم ومقدساتهم كان من المفترض ان يكون مدعاة للفخر والاعتزاز لكن لانرى من الاخر الا التجريح والتشكيك لدرجة ان احدهم قد طالب حزب الله بتغيير اسمه وكأن هذا الحزب يرقص في الحانات ويستغل بسطاء الناس لتفجير اجسادهم في جموع المصلين وليس يقف بالضد من العدو الاسرائيلي الذي يريد سلب الارض وتدنيس العرض!

الغريب ان العالم اليوم يتجه نحو التكامل والتكاتف في مواجهة التحديات وهاهي اوربا تتوحد بينما لازال البعض ممن يسموون انفسهم مسلمين يكرهون اخوانهم ويصدرون فتاوى تبيح دمائهم وممتلكاتهم لمجرد انه لايعترف الا بخمسة عشر صحابيا عاشوا قبل اكثر من اربعة عشر قرنا بينما هو يدعو للاعتراف بالجميع صالحهم وطالحهم! الانكى من ذلك ان البعض يتكأ على هذا وأمثاله في اضفاء المصداقية على تصريحات بعض المخرفّين ومروجي فتاوي ومفتي السلاطين!.

رياض الحسيني

كاتب وناشط سياسي عراقي مستقل

www.alhusaini.bravehost.com