اثناء الحرب الباردة انقسم العالم الى معسكرين كبيرين ابيض واسود ومعسكر ثالث رمادي اللون ادعى انه محايد ولا يهوى الانحياز ولكنه بقي يمارس التأرجح بين المعسكرين بما يشبع رغبات قادته ومصالح بقائهم ووجودهم، وبالتأكيد ليس الكل لكنني ازعم الاغلبية منهم التي مارست سلوكا ذيليا في تعاطيها السياسي مع القوى الكبرى والمؤثرة دوليا.
ما يجري الان في عالم القطب الواحد وكواكب الافلاك ومنها منطقتنا الساخنة دوما وبالذات العراق ومنذ اكثر من خمس سنوات ودوامة التأرجح هنا وهناك، تعيدني الى ذلك الشيخ الحلي الجليل أيام النفي في سبعينيات القرن الماضي حينما كنت الجأ إليه في ساعات الحنين إلى الوطن والشعور بالحاجة إلى الحرية، كان الحاج بيعي من المعروفين في مدينة الحلة بمناوأته لنظام حزب البعث والثنائي البكر وصدام، ومن الزبائن الدائمين لمديرية أمن الحلة لانتقاداته اللاذعة لسلوك البكر وصدام وحزبهما.
حدثني ذات يوم عن تاريخ البعثيين وعلاقاتهم المشبوهة مع كل الأطراف التي يدعون معاداتها علنا وفي مقدمة ذلك الأمريكان وغيرهم من القوى ( الرجعية والمحافظة ) التي يدعون مناوأتهم لها على طول الخط الإعلامي، بينما يلتقون معها خلف الكواليس منذ جريدة الحرية والثنائي حمودي ( جعفر وسعد قاسم حمودي، أعضاء القيادة القطرية لاحقا)، وأكثر ما أثارني هو مصطلح ( ذيول الذيول ) الذي وصف به البعثيين آنذاك!
وحينما استفسرته عن المقطع الثاني للمصطلح أجابني متهكما: أولئك الذين يطبلون ويزمرون ليل نهار للوحدة العربية من المحيط إلى الخليج، ثم أردف قائلا يعني لازم انسوي وحدة من (الجفل) ويقصد ناحية الكفل في محافظة بابل بالفرات الأوسط إلى جمهورية البليساريو.
وهنا أردته أن يسمي الأشياء بأسمائها فقال:
هذه الدول الكلش تقدمية والجدا اشتراكية وتزايد على مؤسسي الاشتراكية والتقدمية في الشرق والغرب وكان يقصد القاهرة وطرابلس الغرب ودمشق آنذاك أيام الوحدات الاندماجية والاشتراكيات العربية والشيوعيات المعدلة على قياسات العشائر والأفخاذ حسب أهواء تلك الأنظمة.
كان يقصد إن تلك الأنظمة كانت ذيولا لعواصم الدنيا المؤثرة والفاعلة وإن نظام البكر صدام ذيلا لتلك الذيول على حد تعبيره وتشبيهه!؟
وما أشبه اليوم بالبارحة إلا بغياب ذلك الرجل الطيب الذي أغمض عيناه ولم يكحلهما برؤية جيل متطور من ذيول الذيول ذات المواصفات الكاملة أي ( الفوول اوبشن ) كما يقولون وهي تنفذ أجندات دولية وجوارية وتجرجر العراق برمته خلف قاطرات لها علاقة بكل الاشياء الا العراق، والغريب إن معظم هذه الاجندات الدولية والجوارية وأؤكد على (الجوارية) ما هي الا ذيول للعرابين الكبار في العالم، وأعتقد ان الحاج بيعي يقصدهم لو كانت الاقدار قد أمهلته ليرى مدرسة العقود الماضية ماذا أنتجت؟
وبقراءة أولية لخطب ومداخلات بعض النواب وبعض المسؤولين، حتى وهم يناقشون التصديق على موافقة العراق للانضمام إلى منظمة بلدان بلا حدود فأنهم سيصرحون بأن قوات البيشمه ركه ستغلق تلك الحدود بما يمنع التوقيع على الاتفاقية؟
إضافة إلى تصريحاتهم وأحاديثهم وبكائياتهم المسرحية للفضائيات العربية والشرقية عن الخطر المرعب القادم من إقليم كوردستان أو من أي صوت باتجاه اقامة الفيدراليات في البصرة أو غيرها من ارض العراق الواسعة وما يشكله ذلك من خطر جسيم على مستقبل الأمة وتاريخها، وهم بذلك يزايدون على الرفيق علي حسن المجيد في ولائه للأمة ونضالها ومستقبلها في الموصل وكركوك وديالى والنجف والرمادي الذي كان واضحا في انتصاراته في معارك الأمة المجيدة في الأنفال والمقابر الجماعية والاهوار.
أخشى ما أخشاه أن نترحم ذات يوم على من أعدمتهم المحكمة الجنائية العراقية بجرائم الدجيل والأنفال والفيليين والتجار والبارزانيين، لو أن هؤلاء الذين يزايدون عليهم امتلكوا يوما ما ربع ما امتلكه أولئك ( الرفاق ) من سلطة وجيوش وأموال!؟
كفاح محمود كريم
التعليقات