اجراس الخطر (2)

من اجراس الخطر الهامة والتى يجب ان تقرع وبشدة جرس المرأة المطلقة وما تعانيه من مشاكل عديدة ومميتة والتى يتم التغاضى عنها وعن ذكرها .

شريحة المرأة المطلقة..شريحة هامة جدا فى مجتمعاتنا العربية خاصة المصرية.

ولاشك ان العلاقات الإنسانية كثيرة ومتنوعة..وأى علاقة سوية لابد لها من بداية سوية ومقبولة حتى تستمر ويكتب لها النجاح .

.ولابد من وجود أطراف لهذه العلاقة تتفق فيما بينها على أبجديات هذه العلاقة..ولنأخذ مثال العلاقة الزوجية..فإن لم تنجح هذه العلاقة والتى يكون قطباها الرجل والمرأة..تكون النتيجة الحتمية هو الإنفصال

والحقيقة أننى أيضاً ُأبغض ذكر كلمة الطلاق..فقد أبغضها الله سبحانه وتعالى من قبلى ..ولكن وبرغم البغض والتحذير بانها أبغض الحلال.إلا أنها احيانا تكون بمثابة حياة جديدة للطرفين.

.ولكن تكمن المشكلة هنا فى الحياة الجديدة للمرأة المطلقة..وليس الرجل..فهنا لا مبدأ مطلق للمساواة بكل شىء مع المرأة المطلقة.

.فالمجتمعات العربية لا تؤمن بأى حق للمرأة المطلقة ، بل تضع كافة المحاذير عليها وعلى التعامل معها وتصرفاتها ، بل و على حقوقها كإنسانة وبشر يتمتع بكافة الحقوق التى شرعها الله سبحانه وتعالى..فلم يكن هناك نص قرآنى يقول بنبذ المطلقة أو التعامل معها طوال الوقت على إنها فريسة سهلة للرجل أو إنسان درجة عاشرة .

.فالمجتمع الذكورى العربى يشكل حياة الرجل والمرأة فى منظومة غريبة التناول وشاذة المنطق وصعبة الفهم عندما يعطى كل الحقوق للرجل المُطلٌّق فى ممارسة حياته بكامل مرادفاتها والتمتع بكافة الحقوق فيها دونما معارضة إجتماعية .. ويضع كل محاذير الكون فى نفس الوقت فى التعامل مع المرأة المطلقة ويرفض التعامل بمبدأ المساواة بالحقوق على الأقل الحياتية.. فأى مجتمع هذا؟
والغريب أن بعض المجتمعات العربية إلى الآن تمارس العنف النفسى تجاه المرأة المطلقة حتى إنها تمنع من حق الإحتفال بطقوس زواجها الثانى..معتبرة أن المطلقة ليس لها هذا الحق البسيط..
فبعض الأسر ما زالت تنظر للمطلقة على أنها عضو شاذ فى المجتمع لا يحق له أى شىء بالحياة وكأنها أجرمَت عندما إستخدمت حق شرعه لها الله سبحانه وتعالى..
هذه نظرة دونية للمطلقة ..مع أن الإسلام نهى عن التعامل مع الناس بحسب إنتمائهم العرقى أو السياسى أو الدينى أو اللون أو الجنس ..بل فضل البعض على البعض بالتقوى..(لا فرق لعربى على اعجمى الا بالتقوى)..
وفى قوله تعالى : quot;يا أيها الناسquot; quot; يا بني ادمquot; كان خطابٌ شاملَ غير مميز بين ذكر وأنثى..
ومن هنا نجد أن الخطاب الدينى خاطب الإنسان بكونه إنساناً له كافة وكامل الحقوق وعليه أيضاً ما يترتب على الحقوق من واجبات.

وقد كشفت آخر الإحصائيات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر وحدها..أنه توجد 240 حالة طلاق يوميا، بمعدل مطلقة كل 6 دقائق،و أن عدد المطلقات 2 مليون و459 ألف مطلقة..
وأن 34,5% ينفصلن في السنة الأولى، 12,5% ينفصلن في السنة الثانية، 40% من حالات الطلاق يكون في سن الـ(30).
وعلى صعيد ترتيب المحافظات والمدن المصرية في ملف الطلاق تتربع سيدات بورسعيد، تليهن نساء الإسماعيلية ثم السويس ثم القاهرة ثم الإسكندرية ثم دمياط والجيزة ومطروح، وفي النهاية تأتي محافظات أسيوط وسوهاج والوادي الجديد.
وفى بلد عربى مثل السعودية ..جاءت التقارير لتشير إلى أن النسبة بمدينة الدمام وحدها تراوح بين 7 إلى 8 حالات يوميا ..وقال مدير فرع وزارة الشؤون الاسلامية والدعوة والارشاد في المنطقة الشيخ منصور الهديد إن الكثير من حالات الطلاق تجري لاسباب تافهة لا تستدعي حدوث مشاحنات بين الزوجين..
ولو خرجنا للعالم الغربى فمثلاً..
الإحصائية الغريبة كانت من تايوان وتؤكد أن النسبة تزيد على 83% سنويا
وتشير الاحصائيات الرسمية الصادرة في تايبيه الى أن عدد حالات الطلاق قد سجل رقما غير مسبوق على مدار تاريخ مقاطعة تايوان الصينية منذ الاعلان عن تأسيسها فى عام 1949.

ومن مكتب الإحصاء المركزي التشيكي تبين وقوع تسعين حالة طلاق يوميا ،الأمر الذي يجعلها تتصدر مضمارالدول الأكثر طلاقا إلى جانب الولايات المتحدة وروسيا والدانمرك وبريطانيا
وبذلك نجد أن مؤشرات الطلاق ترتفع بشكل كبيروعالميا ً..ولذلك لزم البحث وفتح ملف حقوق المرأة المطلقة..وخاصة فى الوطن العربى.
فلماذا نتعامل مع المطلقة وكأنها إنسان من الدرجة الثانية وإن تعاملنا مجازاً معها على أساس أنها من البشر ..نعطيها نصف حقوقها..!! ؟؟
إلى متى ستظل المطلقة رهن عادات وتقاليد بالية تمتهنها وتنزل بها لأحط درجة .؟؟. وإلى متى سيظل المجتمع يقف من مشاكل المرأة المطلقة موقف المتفرج..؟
فطلاق المرأة يكون بمثابة خروجها من سجن ومعاناة إلى منفى ومعاناة مع مجتمع بأكمله وليس مع فرد مثلما كانت تعانى مع زوجها..
وتكمن أسباب التعامل الغير الآدمى من المجتمع تجاه المطلقةً..على إعتبار أن المرأة هى السبب الرئيسى فى الطلاق.. مع إن حالات الطلاق والتى تحت المجهر بالمحاكم تؤكد أن الرجل و المرأة سوياً هما السبب وليس المرأة وحدها..
ومن المنغصات الإجتماعية للمطلقة..وإن أختلفت من واحدة لآخرى تبعاً للبيئة وظروف المعيشة.. ووو.. سوء المعاملة الأسرية..وخاصة مع السيدات الغير عاملات..والتحكم بأبجديات حياتها فتسير بحياتها كمطلقة وفق معايير خاصة وضوابط وممنوعات مدونة بقائمة لا تستطيع لها عداً ولا حصراً..
ناهيك عن ما تتعرض له من تحرش جنسى وخاصة إن كانت تعمل ..وأضف لذلك الشائعات المسيئة لسمعتها
وإن تركنا كل ذلك ..وطرقنا الناحية القانونية.. فيكفى العلم أن المطلقة لا تحصل على حقوقها القانونية إلا بعد أعوام..وإن حصلت عليها تكون فتاتاً تلقى لها من الزوج الذى أفنت معه من عمرها سنوات شبابها ، تقدمها له فى رضى وترضى باليسير من العيش..فيكون الجزاء ليس من جنس العمل ..ولا يكون رد الجميل بعد الطلاق إلا بإنكار كل ذلك وإنكار حتى القليل من حقوقها الشرعية والقانونية والتى شرعها الله لها..ولكن منعها الزوج والمجتمع عنها..فأى عدل فى ذلك؟؟
إن حق الرجل مكفول بالزواج من آخرى ومكفول الحق له فى الطلاق وقتما شاء والزواج مرة آخرى كيفما شاء.. وممنوع على المرأة هذا الحق .. كل حق للزوج هو شىء محرم للمرأة.. بخلاف التعدد فهو شىء خاص بالرجل بما شرعه الله ولا جدال بذلك..
هنا نقرع جرس إنذار للمجتمع وبخاصة للفئة المثقفة القادرة على التبصير بالمشكلة ..نصف المجتمع فى خطر.. وشريحة كبيرة منها تعامل بشكل لا يرضى عنه الله ورسوله..فى مجتمعات المفروض أنها تتعامل وتمشى حسب الشريعة الإسلامية..


وفى النهاية لا أحد ينكر بأن الطلاق ظاهرة غير محببة فقد ورد في الحديث الشريف: (أبغض الحلال عند الله الطلاق) رواه أبو داود وابن ماجة

ومن وراءهذه الظاهرة تنبعث مشاكل وأمراض إجتماعية خطيرة وخاصة على الأسرة .. وخصوصاً إذا كان بها أطفال ما زالوا بمراحل سنية صغيرة.. ولكنه .. وضع قائم وينبغى التعامل معه بشفافية والبحث عن أفضل الحلول للمشاكل المترتبة عليه..لا الإكتفاء بلوى الرؤوس ومصمصة الشفاه والنظرات الغير مبالية وإن كانت مبالية فتكون مملوءة بالعديد من عبارات السخرية والإستنكار ..والموجهة لشخص المرأة المطلقة.. فليضع كل رجل هذه المطلقة مكان إبنته أو أخته أو حتى والدته ويتعامل معها بحق الله.. ولتضع كل إمرأة فى إعتبارها عتدما تنظر لغيرها المطلقة .أنها معرضة لنفس الموقف وربما تكون حاملة لهذا اللقب يوماً ما ..وتتعامل معها مثلما تحب أن يعاملوها الناس...وربما يکون وضع المطلقة فى وطننا العربى من اجراس الخطر التى يجب ان نقرعها جميعا ونجد الحلول لها حتى تصبح المطلقة كائن حى له كيان مماثل للمرأة المتزوجة تماما فى المجتمع ونظرته اليها.. وحتى لا يكون العذاب إمرأة مطلقة..

ولكم تحيتى

نجوى عبد البر