كانت بشرية الأنبياء والمرسلين من أخطر القضايا التى عانى منها الرسل أنفسهم، ومنذ أخرج الله آدم من الجنة مع زوجته وطرد قبلهم إبليس قال الله تعالى:
( إهبطوا منها جميعأ بعضكم لبعض عدو )
ثم قال عز من قائل :
( فإما يأتينكم منى هدى فمن تبع هداى فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكأ ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لما حشرتنى أعمى وقد كنت بصيرأ قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى )
وأرسل الله الرسل من بنى البشر فرفضهم أغلبية الناس بحجة أنهم بشر وكان قولهم دائمأ :
( أبعث الله بشرأ رسولا )
( لإن إتبعتم بشرأ مثلكم إنكم إذأ لخاسرون )
وكانوا إذا مر عليهم الرسول قالوا:
( أهذا الذى بعث الله رسولا)
وإذا رأوه يشترى أو يبيع قالوا:
( ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشى فى الأسواق)
وقالوا :
( لولا إنزل إليه ملك فيكون معه نذيرأ)
وكان الله يرد عليهم :
( قل لو كان فى الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكأ رسولأ )
ثم ينبههم الله لشىء هام جدأ وهو أن هذا الملك أو الملاك مكون من مواد غير مرأية بالنسبة للبشر المخلوقين من الطين ولذلك فإن الله لا بد أن يحول بقدرته ذلك الملاك إلى نسخة بشرية قابلة للرؤية من قبل البشر :
(ولو جعلناه ملكأ لجعلناه رجلأ وللبثنا عليهم ما يلبثون (
ويذكر القرآن العظيم قصة الملائكة الذين ذهبوا بتكليف من مالك الملك إلى نبييه إبراهيم ولوط فلما دخلوا على إبراهيم لم يدرك أنهم ملائكة لأنهم كانوا على هيئات بشرية، وإستضافهم فى منزله بكرمه العربى الأصيل ثم دخل فذبح عجلأ وطبخه وعاد إليهم بالطعام ndash; كعادة الكرام ---ولكنهم لم يأ كلوا :
( فلما رأى أيديهم لا تصل إليه أوجس فى نفسه خيفة )
فلما لاحظ الملائكة قلق إبراهيم عليه السلام :
( قالوا لا تخف إنا رسل ربك (
ودار بينهم حوار شيق مفاده أنهم ---الملائكة ndash;قادمون فى مهمة عاجلة تبدأ بتبشير نبى الله إبراهيم بولد ينجبه رغم كبر سنه وسن زوجته والأمر الثانى هو تدمير قرية لوط الظالمة التى كانت تعمل الخبائث جنبأ إلى جنب مع الكفر والشرك والفواحش الأخرى.
عندما أراد الله تعالى تكريم رسوله الخاتم جعله يرى الملاك العظيم جبريلأ رأى العين وكانت آية كبرى :
( لقد رأى من آيات ربه الكبرى(
ولما كذبه الكفار والملحدون والمشركون وجادلوه فال الله لهم :
( أفتمارونه على ما يرى؟ ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذ يغشى السدرة ما يغشى )
ولقد سمى الله تعالى عبده جبريلأ ( شديد القوى) وكلفه أن يعلم رسول الله محمد (ص) القرآن وتلاوته وكتابته وكل الفرائض الدينية التى وصلت لنا بالتواتر الشفهى مثل الصلوات الخمس وطريقة حج بيت الله الحرام وغير ذلك من أمور العبادة التى قام جبريل بتعليمها لرسول الله الخاتم يقول الله
( علمه شديد القوى )
( لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه )
لم بقتنع الكفار ببشرية الرسل على مر الزمان فكانوا بقولون :
( أءلقى الذكرعليه من بيننا بل هو كذاب أشر )
فيرد عليهم الله :
( سيعلمون غدأ من الكذاب الأشر )
وكلمة غدأ معناها يوم القيامة ويعبر عنها مالك الملك بهذا التعبير لأنه يرى الماضى والحاضر والمستقبل وكان يطمئن رسوله بقوله :
( إنهم يرونه بعيدأ ونراه قريبأ )
لأننا بشر من طين ونحن حديثو عهد بالكينونة والوجود ولذلك يقحم الإنسان نفسه فى مسائل صعبة المنال مثل أين الله؟؟ ومتى يأتى يوم القيامة؟؟ ثم يضحك عليه إبليس ويخرجه من غرفة المؤمنين الصالحين ويجعله يهرف ويخرف قائلأ :
( إن هى إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر )
( إن هى إلا حياتنا الدنيانموت ونحيا وما نحن بمبعوثين )
فكان الله يقول له :
( ذرهم يخوضوا ويلعبوا ويلههم الأمل حتى يلاقوا يومهم الذى يوعدون )
ويتفاجأ الكفرة والملاحدة بعد موتهم بأنفسهم مستيقظين من سباتهم العميق فى يوم بعث عظيم كفروأ به من قبل :
( وقالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الله وصدق المرسلون )
لم بقتنع الكفرة يوما من الايام بأن هناك نبى من البشر فكانوا يقولون :
( لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الارض ينبوعأ (
( أو يكون لك بيت من زخرف او تأت بالله والملائكة قبيلأ )
( أو ترقى فى السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابأ نقرؤه )
فيرد عليهم الله تعالى :
( قل سبحان ربى هل كنت إلا بشرأ رسولأ)
( وما منع الناس أن يؤمنوا إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولأ )؟؟
بل لقد وصل الأمر إلى حد إتهام الرسل بالسحر والشعوذة والكهانة وكتابة الشعر:
( أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون)
( وقالوا ياأيها الساحر أدعو لنا ربك )
ثم وصل حقدهم لدرجة القول :
( لولا إنزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم )
فيرد الله تعالى :
( أهم يقسمون رحمة ربك؟ نحن قسمنا بينهم معيشتهم فى الحياة الدنيا(
ولم يقف كره الناس لبشرية الرسل عند هذا الحد بل لقد كذبوا الكتب السماوية وخصوصأ القرآن وقالوا :
( أساطير الأولين اكتتبها فهى تملى عليه بكرة وأصيلأ )
( وقالوا إنما يعلمه بشر)
ثم وصل بهم التحدى لدرجة قولهم :
( لو نشاء لقلنا مثل هذا )
فتحداهم الله بقوله :
( قل لئن إجتمعت الإنس والجن على أن بأتوا بمثل هذا القرآن لاياتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً (
( فليأتوا بسورة من مثله )
( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون )
وبقول الله عن بشرية الرسول :
( قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلى أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملأ صالحأ ولا يشرك بعبادة ربه أحدا )
ولأن الأنبياء بشر فهم يصيبون فى آرائهم ويخطئون فيها أحيانأ خاصة عندما يكون الكلام فى الأمور الدنيوية العادية أما فيما يخص الدين فالله يحفظهم من الخطا والنسيان ويدافع عنهم ضد شياطين الجن والإنس ولقد تعلموا من الخالق سبحانه أنهم متبعون لدين الله إتباعأ حرفيأ دون زيادة أو نقصان :
( وما كان لرسول أن يأتى بآية إلا بإذن الله (
وكل نبى يعرف مهمته التى كلفه بها مولاه سبحانه وهى الدعوة لعبادة الله بلا شريك ونشر المحبة والسلام والحرية بين الناس حتى يصبح الدين لله تعالى يقيمه فى قلب كل إنسان ويحاسبه على تقواه أو كفره تبعأ لحالة كل إنسان.
ولست أدرى كيف يتجرأ بعض الأدعياء الذين يرفعون الرسل لدرجة الألوهية ويدعون أن لهم تشريعات مع تشريعات الله وأقوال مع كلمات الله التامات بل وأفعال تناقض كتب الله السماوية ويرد الله تعالى عليهم :
( ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادأ لى من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون )
حسن احمد عمر
التعليقات