الأيام الماضية قامت حرب شعواء بين الأخوة الفلسطينيين الأعداء فتح وحماس. قُتل الكثيرين من الفلسطينيين وجُرح الكثير من الطرفين.
هناك شعار يقول: ما علينا!!. إنه شعار المُغيبين من مُدعي خير أمة أخرجت للبشرية.
والسؤال للقراء المحترمين: هل تتذكرون أيضاً الحرب الضروس العام الماضي أيضاً بين فتح وحماس والتي راح ضحيتها عشرات الجرحى والقتلى؟
كل هذا والمصريون يتشاجرون معاً على تصدير الغاز إلى إسرائيل.
في الفترة الماضية، كتبت جريدة quot;المصري اليومquot; في صدر صفحتها الأولى17/6/2008: نواب مجلس الشعب يختلفون حول تصدير الغاز ويتفقون على كراهية إسرائيل.
ولتسمحوا لي ببعض الأسئلة للتفكير:
1.متى نتعاون باحترام مع إسرائيل كدولة وكشعب في إطار راقي وفي النور من أجل رفاهية الشعبين بعيداً عن المزايدة والمناقصة لصالح قضية خاسرة يسمونها الصراع العربي الإسرائيلي؟ وفي هذا السياق أعجبتني فكرة الكاتب المبدع كمال غبريال في جريدة إيلاف المحترمة يوم 25/6/2008 حين قال: quot;يحار المراقب الموضوعي لما يحدث من المتثاقفين حول هذا الموضوع من غوغائية وتحريض، يحار في حقيقة الأمر وبواعثه، فعندما تكون مشكلة مصر هزال الإنتاج بما فيه إنتاج الخبز، وما يترتب على ذلك من عشرات الغرقى من المصريين، الذين يهربون من جحيم مصر العربية إلى أوروبا الإمبريالية، بحثاً عن لقمة خبز وكرامة إنسان، وفشل الحكومات المصرية عبر عقود وعهود في مقاربة الإشكالية مقاربة جادة وصحيحة، تضع الإنسان المصري على طريق الموازنة بين إنتاجه واستهلاكه، ثم نجد أشاوس المتثاقفين يصرفون انتباه الجماهير والدولة عن الورطة الحقيقية، إلى قضيتهم الأثيرة اللعينة المسماة الصراع العربي الإسرائيليquot;.


2. حتى متى نعيش ونخدع شعوبنا العربية بهذا الوهم الظاهري ونصوره أنه حقيقة، بينما خلف الستار يكون التعاون على أعلى المستويات ليصب ناتج التعاون في جيوب الحكام العرب من أجل زيادة حساباتهم الشخصية في بنوك الخارج؟ ( مع احترامنا لكل الرؤساء والملوك العرب الشرفاء جدا الذين تكتشف لهم ثروات طائلة بعد موتهم في بنوك الدول التي يقولون عليها لشعوبهم إنها مشبوهة).


3.لماذا نعقد اتفاقيات سلام بين دولة مصر ودول عربية أخرى ودولة إسرائيل ثم نقوم بإذاعة الأغاني التحفيزية للشعب لكراهية إسرائيل؟ لماذا الانفصام في التعامل على مستوى الأفراد والحكومات؟ إذا كانت الحكومة المصرية تحت ضغوط الولايات المتحدة الأمريكية لها وتنفيذاً لاتفاقية quot;الكويزquot; تقوم بالشراكة بين مصانع النسيج الوطنية المصرية وبين مصانع النسيج الإسرائيلية في الخفاء والعلن. فلماذا لا تسمح للمؤسسات الاستثمارية الأخرى بهذا التعاون في إطار أمني وسياسي واضح وعلني ومن خلال شفافية تهدف إلى الرقي والتقدم والرخاء للشعبين؟


4.حتى متى نبث فكر الكراهية للآخر؟ وما معنى عدو الله الذي يجب أن نحاربه؟ ومن هو عدو الله هذا الذي ننتظر الحجر والشجر أن يخبرنا عنه حين نحاربه ونسحقه سحقاً؟ مازال يحكمنا فكر التدمير والكراهية والخراب والموت لغيرنا الذي سيأتي اليوم الذي نحاربه بالسيف والحصان. الدكتور سيد القمني في كتابه أهل الدين والديمقراطية تناول قضية كراهية إسرائيل الواردة في سورة المائدة 82 وغيرها من الأحاديث التي ينسبونها لرسول الإسلام بقوله أن الدولة الإسلامية في نشأتها كانت تتعامل مع كيانات موجودة في الجزيرة العربية غير موجودة على الساحة الآن. وأيضا لم يذكر القرآن كيانات وأصحاب ديانات كبرى مثل الكونفوشيوسية والبوذية كانت موجودة في أيامه ولكنها غير مؤثرة في شبه الجزيرة العربية، يقصد القمني أننا لا يجب أن نتعامل بنصوص الكراهية اليوم لأنها لا تتناسب مع ظروف العصر الحالي.


5.الأعوام الماضية طفحت على الساحة قضية تهريب الأفارقة إلى إسرائيل جنوب رفح المصرية وقتل البعض منهم وقبض على البعض وبالتأكيد هرب البعض إلى إسرائيل والمتابع يرى أن كثير من الشباب الأفارقة والعرب أيضا يرى أن الحل في إسرائيل للهروب من الفقر والمهانة في بلادهم وكتب في هذا الصدد الكاتب الكبير سعد هجرس مقالة بعنوان: عرب يرفعون شعار ـ إسرائيل هي الحل ـ وكانت المقالة بتاريخ 25/7/2007 في موقع الحوار المتمدن. فلم تفلح مع السودانيين ـ على سبيل المثال ـ أحكام الشريعة المطبقة لديهم. والصراع الداخلي في كل الدول الأفريقية. يا سادة العالم حولنا يتحد ويتعاون من أجل رخاء وتقدم ورقي الشعوب معاً. ونحن لا نزال نخلق عدو وهمي لتغييب شعوبنا عن كم المهازل والمصائب التي تعانيها شعوبنا.


6.حتى متى نَلهي ونُغيب شعوبنا بأطفال وشباب دول أخرى وشبابنا يموت في هجراته الغير شرعية بالعشرات (الخبر المجاور في جريدة المصري اليوم لنفس اليوم17/6/2008)
يا سادة ليت الفلسطينيين متمثلين في فتح وحماس يتفقا معا على العيش في سلام في أرض واحدة. ليت السنة والشيعة في العراق يوقفا أنهار الدم. ليت الأخوة في لبنان يتحدا لأجل لبنانهم. كفى كراهية لإسرائيل ولنحب بعضنا بعض. الله الحقيقي محبة. قال الرسول يوحنا تلميذ السيد المسيح: مَن لا يُحب أخاه ـ في البشرية ـ الذي يراه بعينيه المجردتين كيف يُحب الله الذي لا يراه بعينيه؟
يا سادة هل الله الصالح يدعونا للكراهية؟


إن إله المحبة والصلاح لا يمكن أن ندعي عليه بطلبه الصريح أن نكره ونقاتل أحفاد القردة والخنازير. إن الإله يا سادة يرجو لعبيده الرخاء والتقدم والنمو الاجتماعي والرقي للعابدين له في هذه الدنيا وعلى هذه الأرض وليس في أوهام ما بعد الانتحار قتلاً للآخرين وتفجيرات دامية تدمر اليابس والأخضر.


كفى كراهية للآخرين ودعونا نُحب عِباد الله الذي أنزل فيهم التوراة هُدىً ونور، أو حتى دعونا نحب الله ذاته متمثلاً في مخلوقاته أياً ما تكون معتقداتهم أو دياناتهم.


أيمن رمزي نخلة
[email protected]