من يتابع ردود الأفعال حول ما يجري من اعتداء وحرب ومجزرة بحق الفلسطينيين في غزة، يتساءل هل هناك موافقة بـ (نعم) لتصفية الفلسطينيين وأخلاء الأراضي الفلسطينية وبالخصوص غزة من المقاومين للاحتلال والرافضين الاعتراف بدولة إسرائيل الغاصبة، وان هناك إصرار على إنهاء حالة الانقسام والاختلاف بين الفلسطينيين وتسليم غزة للرئيس عباس بدون مقاومة بأي ثمن ولو كلف الأمر إبادة الفلسطينيين؟!

إن الذي يحدث في غزة حرب إبادة للشعب العربي في فلسطين، وليس لشعب غير معروف الأصل والانتماء، وان المجازر البشعة التي وقعت فيها، هزت ضمائر الشعوب الحية في كل مكان في العالم من جميع الأديان والعروق، الشعوب التي تظاهرت وعبرت عن رفضها للحرب، مطالبة الأمم المتحدة وزعماء العالم وبالخصوص الزعماء العرب بالتدخل لإيقاف الحرب ضد أبناء قوميتهم وجلدتهم!

سمعنا هذا النداء وشهدنا صور التضامن العالمي الشعبي مع الشعب الفلسطيني، بعدما بحت أصوات الشعب الفلسطيني والشعوب العربية من النداء والاستغاثة قادة المنطقة بالتدخل بمساعدة الفلسطيني في غزة! وللأسف لم تتمكن صور المذابح والدماء والأشلاء والتدمير في غزة من هز ضمير الزعماء، والإعلان عن رفضهم للاعتداء وقطع العلاقات مع دولة الاعتداء وطرد سفرائها من الأراضي العربية، وسحب السفراء العرب من عاصمة دولة الاحتلال في تل ابيب، والتهديد باللجوء لجميع الأساليب لمساعدة الشعب الفلسطيني أهل القضية المركزية للعرب، ضد إسرائيل العدو الذي يهدد العروبة وتطور العرب كما تدعي الأنظمة.

ولكن الحقيقة قد اتضحت وبرزت من خلال ردة فعل الحكومات وعدم المبالاة بما يحدث في غزة، وعبر منع التظاهر واعتقال المتظاهرين، وعدم الاتفاق على عقد مؤتمر سريع حول الاعتداء ولو من باب المجاملة والخداع على الشعوب... كما هي العادة، والظاهر ان قادة الأنظمة أصيبوا بداء سرطان عدم الشعور والاهتمام بقضايا شعوبهم، والتسابق بخدمة أعداء الأمة من كثرة استخدام المسكنات والمضادات للكرامة والشهامة والشرف طوال السنوات الماضية.

حديث الرئيس المصري رئيس أهم دولة عربية، بعد صمت طويل، وبعد ما فاحت رائحة الموت والجثث، وتوجيه الاتهام بما يحدث في غزة لنظامه، بعد حملات وطنية وقومية وإسلامية ودولية تطالب بفتح الحدود مع غزة وتقديم العون للشعب العربي الفلسطيني، أثار ضجة وجدالا واسعا إذ قال فخامة الرئيس: quot;مصر لن تفتح المعابر أمام الفلسطينيين..، وان فتح المعابر مشروطة بعودة قوات الرئيس الفلسطيني محمود عباس والمراقبين الاروبيين للسيطرة على المراكز الحدودية، مؤكدا على التزام مصر بمرور الحالات الإنسانية لتلقي العلاجquot;!

ومحل التعجب هنا، انه من الأولوية والطبيعي أن يتدخل العرب لإيقاف الاعتداء على الشعب الفلسطيني في غزة بأي طريقة، ودعم الفلسطينيين أمام العدو الصهيوني، (عدو العرب كما تعلمنا منذ كنا صغار من خلال مدارس الأنظمة)، وليس لاستقبال ما تبقى من جرحى ومصابين، والتباكي على المتوفيين!!

والمفترض أن يكون العمل على إنقاذ الإنسان الفلسطيني الحي من الموت والدمار والإصابة في هذه المرحلة الحاسمة من باب أولى، ودعم وحدة الشعب الفلسطيني للوقوف جميعا أمام العدو المعتدي المحتل، وليس التفكير بعلاج المصابين، وفرض وحدة الشعب تحت لواء راية الرئيس عباس بالإكراه.

والسؤال الذي يطرح نفسه هل ننتظر حتى يتم تصفية الشعب الفلسطيني، ثم يتدخل العرب ليتم تسليم الأرض الخالية من الفلسطينيين (إذا بقت ارض) للرئيس عباس ليصبح رئيسا على أراضي جرداء بدون شعب مقاوم!!!

هل هناك قرار وموافقة عربية بـ (نعم) لتصفية الفلسطينيين المقاومين للاحتلال الإسرائيلي والرافضين الاعتراف بدولة إسرائيل بأي ثمن لفرض أجندة معينة ومنها الوحدة الفلسطينية المفصلة حسب المواصفات الإسرائيلية والأمريكية بالإكراه؟ ياللعجب ياعرب!!!

علي ال غراش