ككل مسألة خلافية و كأي أمر متنازع عليه إختلفت آراء أخواننا الشيعة في موضوع ممارسة التطبير أو الضرب بالسيوف على الرؤوس في يوم العاشر من محرم من كل عام إحياءا لذكرى إستشهاد الإمام الحسين في موقعة الطف في كربلاء عام 61 هجرية، وقد خبا هذا الموضوع ردحا من الزمن بسبب توقف العراقيين عن أداء تلك الممارسة أيام النظام السابق وحيث منعها منعا باتا لأسباب عدة، و لكن بعد رحيل ذلك النظام و سيادة الروح الطائفية و إرتفاع أسهم الأحزاب و التيارات الطائفية عادت تلك الممارسة بقوة لساحة الأحداث و قد بلغت الذروة في الآونة الأخيرة رغم أن أول و أكبر دولة شيعية وهي إيران نفسها لا تمارس فيها تلك الممارسة الدموية و البربرية و التي ترقى لمستوى الجريمة لكونها تدخل ضمن إيذاء النفس إضافة لأضرارها الأخرى و التي أهمها أنها تسيء للإسلام و أهله و لمذهب أهل البيت، كما أنها بالقطع لا تعبر أبدا عن جهاد و فدائية و تضحية الأمام الحسين ( ع )، و قد تصاعد الموضوع مؤخرا بشكل خطير وواضح ليمتد لتأثيرات و مؤثرات سياسية في ظل حالة الإنقسام السياسي العنيف في الشارع السياسي الشيعي العراقي على خلفية إنتخابات المجالس المحلية القادمة أواخر يناير و التي ستكون نتائجها بمثابة بارومتر لحجم القوى السياسية شعبيا، فبعد الرأي الذي أطلقه أحد مستشاري المالكي وهو السيد حسين الشامي حول بدعة و خرافية تلك الطقوس أثيرت ضجة كبيرة في الوسط الشيعي العراقي أثارها في البداية بعض المعممين ممن يطلقون على أنفسهم ( لفيف من علماء الحوزة )!! و سرعان ما إنضم لهم مساندا و مؤيدا عمار الحكيم رئيس مؤسسة شهيد المحراب و الزعيم القادم للمجلس الأعلى للثورة الإيرانية في العراق الذي أعلن بشكل واضح من أن تلك الطقوس البربرية هي بمثابة شعائر مقدسة!!

وهو رأي يفتقر بالكامل للمصداقية العلمية لكون مطلقه ليس من أصحاب الدراسات المتخصصة و ليس مؤهلا علميا للإفتاء النهائي بتلك الأمور التي هي فوق طاقته و إمكانياته الفكرية و العلمية، و الدليل الثابت و الحاسم هو الإحتكام إلى الرأي الصريح و العلمي و القاطع الذي أعلنه أحد أشهر و أكبر و أبرز خطباء المنبر الحسيني و هو المرحوم العلامة الشيخ ( أحمد الوائلي ) رحمة الله الذي سخر بالكامل من دعاة التطبير و مروجيه و من الذين يعتبرونه شعيرة من الشعائر الدينية المقدسة لا بل أنه أعلن بوضوح بأن من يمارس التطبير ليس سوى فارغ العقل و الدين و يريد تحويل قضية الإمام الحسين لمسخرة حقيقية!! متسائلا عن العصر الذي يعيش فيه أولئك النفر من الناس واصفا إياهم بكونهم يرقصون على جراح الشيعة و المسلمين و يسخفون من ثورة و نهضة الحسين العظيمة التي لم تدع أبدا لتقديس الخرافة و قد جاء رده رحمه الله و كأنه موجه لرأي عمار الحكيم حيث أكد بأن التطبير ليس شعيرة أبدا و من يقول بهذا الرأي عليه ( أن يضع علمه في بطنه )!!

و أعتقد أن رأي المرحوم العلامة الوائلي هو الأرجح و الأقوى لكونه الأعلم و الأكثر ثقة و من يريد الإطلاع بالكامل على رأي العلامة الوائلي في جريمة التطبير أحيله إلى الرابط التالي :

www.youtube.com/watch?v=Cai97mlGxrs

و بالمقابل من الرأي السديد و الواضح و الصريح الذي أعلنه المرحوم الشيخ الوائلي و الذي يتناغم بالكامل مع السنة النبوية المطهرة ومع أخلاقيات أهل بيت النبوة الكرام عليهم السلام، هنالك آراء أخرى لمعممين من الغلاة من المتمشدقين بالخرافات و الأساطير و الغيبيات الذين يروجون لروايات خرافية مثيرة للشفقة حول مطر السماء دما لثلاثة أيام!!

و حول خوارق و معجزات لم تحدث إلا في روايات أهل الغلو وهي روايات ضعيفة بل موضوعة يبدو أن بعض أصحاب المطامع و الأغراض الدنيوية ما زال متمسكا بخيوطها الواهية لكونها تحقق مصالح مادية و لو بالضد من مصلحة الإسلام و التشيع العلوي النقي البعيد عن ترهات الصفوية و خرافاتها و أساطيرها، و ليس غريبا عن الأذهان بأن هدف بعض القوى السياسية العراقية من إحياء و تقديس وممارسة تلك الطقوس الخرافية هو حشد الجماهير من البسطاء لأغراض إنتخابية و مصلحية واضحة و قد جاء النقاش حول جريمة التطبير البشعة للتغطية على لأهداف الدنيوية... فيا أيها الدين كم من الجرائم و التعديات ترتكب بإسمك...؟

داود البصري

[email protected]