لا شك أن الهجوم الإعلامي الكاسح الذي تعرض له السيد حسين الشامي القيادي في حزب الدعوة و أحد مستشاري رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي و الناشط السابق في حركة المعارضة الدينية العراقية من عمار الحكيم و من قبل جماعة شبه سرية تطلق على نفسها إسم ( لفيف من علماء الحوزة )!!
على خلفية تصريحات سابقة للسيد الشامي إنتقد فيها (شعيرة و ممارسة التطبير) و سلخ الجلود و المبالغة في إبداء مظاهر الحزن على إستشهاد الإمام الحسين ( ع) و إعتباره بدعة، هو من طراز الهجمات الإبتزازية و التخويفية الهادفة لردع أحرار الشيعة من إعادة النظر في الكثير من الممارسات السلبية و الغريبة و الطارئة على المذهب الشيعي العلوي الأصيل و التي تستفيد منها مجاميع مافيوزية دينية و طائفية تستفيد أكبر إستفادة من تلكم الممارسات في الهيمنة على الشارع الشيعي البسيط و في فرض مفاهيم بدائية و متخلفة تعيق عملية الإصلاح الديني و التطهير الفكري و السلوكي للمذهب الشيعي الذي تعرض لأكبر عملية تشويه على يد الجماعات المافيوزية التي لا تهدف لتهذيب المذهب بل لتكريس التخلف و فرض الممارسات و البدع الغريبة التي تفصل أبناء الشيعة المؤمنين عن التيار الإسلامي العام و الطريف أن مصطلح ( لفيف من العلماء ) الذي تطلقه هذه الجماعة السرية على نفسها هو مصطلح شيوعي أو ماركسي أو يساري لا علاقة له بالدين أو المذهب؟ فمن هم أولئك ( اللفيف )؟ و ما هي تسمياتهم؟ و ماهي توجهاتهم؟ و أي حوزة أو مرجع يمثلون؟ بل ما هو حجمهم و دورهم في التشكيلة الحكومية القائمة أو ضمن تصنيف المنظمات السرية و ربما الباطنية العاملة في العراق لتنفيذ أجندات سرية خطيرة و ممنهجة بهدف تدمير النسيج الشعبي و الطائفي في العراق و فرض حجب التخلف المريع على جماهير البسطاء من الشيعة تحديدا و الذين تستفيد من اصواتهم الإنتخابية في ظل الديمقراطية الطائفية العراقية المزيفة تلك المرجعيات الإقطاعية و العائلية التي ( تثرم البصل ) في رؤوس البسطاء و تفرض نفسها كقيادات مقدسة و ومتوارثة في واحدة من أبشع مهازل العملية السياسية المشوهة في العراق!
وأولئك اللفيف الذين يهاجمون بشراسة كل فكر حر و كل رأي مستنير و تحت يافطة الإبتزاز و الإتهام للمخالفين يتبني فكر الجماعات التكفيرية هم من أبرز المنظمات السرية التي تعمل هدما و تدميرا في الشارع الشيعي العراقي عبر العمل الحثيث على إستمرار الهيمنة الإيرانية وفرض الرؤى الصفوية المتخلفة و الإغراق في عوالم الميتافيزيقيا المذهبية و تجريد الفكر الشيعي من أبرز خصائصه وهو التفكير الحر و الدعوة إلى العدل و المساواة و التأسي بأخلاق الأئمة من أهل بيت النبوة الأطهار الذين كانوا مثالا أخلاقيا رائعا و رموزا للسلام و الوئام و منارة للهدى و قبلة للفقراء و المحتاجين و المساكين و أهل السبيل ( و يطعمون الطعام على حبه مسكينا و يتيما و أسيرا إنما نطعمهم لوجه الله لا نريد منهم جزاءا و لا شكورا ) صدق الله العظيم، كما إن إمام المتقين و رابع الخلفاء الراشدين و بطل الإسلام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه الكريم و سلام الله عليه لم يكن رمزا من رموز الإقطاع و الكهنوت بل كان واجهة رائعة من واجهات الإسلام النقي الحر المتحرر و كان يبيع دنياه من أجل آخرته و لم يكن يمارس تلك البدع الغريبة و المستهجنة و المرفوضة التي تم زورا لصقها بشيعته و أنصاره الذين قاتلوا تحت رايته القاسطين و الناكثين و الخوارج و دافعوا عن الإسلام المحمدي حتى النهاية، فلم تكن في زمنه و لا في زمن أبنائه الكرام من أحفاد المصطفى ( ص ) بدع ضرب الطبول و شق الرؤوس و سلخ الظهور و اللطم على الصدور بوحشية أو الزحف على البطون في ممارسات بريرية و مخجلة لا علاقة لها بالإسلام الذي يدعو للكرامة البشرية، و لم يخطأ أبدا السيد حسين الشامي حينما وصف تلك الممارسات بالبدع المستهجنة بل كان رأيه الواضح إنسجاما مع المتابعة الواعية لممارسات و أخلاق أهل بيت النبوة الأطهار، و يقينا فإن العاصفة الكبرى التي أثارها ذلك ( اللفيف ) من علماء الصفوية الجديدة لن يهدأ أوارها قبل أن تجهز على كل الأصوات و العقول الحرة التي تحاول كنس مجموعة القيم و الممارسات البالية و البربرية التي تشوه الفكر الشيعي و تسيء لعموم المسلمين و تعطي إنطباعا سلبيا للغاية عن شعوبنا المشغولة في زمن التقدم العلمي و الحضاري الهائل بالزحف على بطونها و شج رؤوسها و سلخ ظهورها، وهي جميعا ممارسات تظهر فيها الأساليب الهندوسية و المجوسية و الغنوصية التي دخلت للإسلام بفعل التلاقح الحضاري و التأثر و التأثير و شوهته في زمن الردة الحضارية و الهيمنة الأجنبية و التراجع الحضاري خلال العصور الماضية، و تهذيب المذهب الشيعي و تنقيته من الشوائب هي واحدة من أهم و أصعب المهام التي تواجه طلائع الشيعة من المثقفين و المتنورين الذين يواجهون قلاع رهيبة من المراكز و الجماعات و المنظمات المعارضة لتلك التوجهات و التي ترتبط مصالحها إرتباطا وثيقا بغرس و نمو و تشجيع تلك الممارسات البربرية الهادفة لخلق الإنسان الشيعي العبد و الأسير و ليس المتحرر من عقد التاريخ و غبار القرون، لقد واجهت الكاتب الشيعي الحر السيد أحمد الكاتب مثلا عواصف و حروب إتهمته حتى بالوهابية أو السلفية!!
و فشلت المراكز العلمية التي تدعي التشيع في مناقشة طروحاته العلمية، و لكنها قابلته بالتجاهل و نشر الإفتراءات و الدعايات المفبركة و هو نفس مصير السيد حسين الشامي الذي لن يتركوه قطعا بل سيمارسون مختلف الوسائل للنيل منه، وقد آن الأوان لأحرار الشيعة اليوم للعمل الحثيث لتشكيل جبهة ثقافية أو علمية أو إجتماعية لمكافحة الأفكار المتطرفة و أهل الغلاة من الراونديين الجدد و الذين أحرق الإمام علي أسلافهم قبل قرون لأنهم قالوا بآلوهيته!!، و اليوم تتكرر الصورة بشكل مشابه و تتم محاربة كل الأصوات و الأفكار الحرة من أجل تنقية مذهب أهل البيت من دسائس الصفويين و بقايا البويهيين... و هي المهمة الأصعب في زمن الفتنة الذي نعيش!!.
داود البصري
التعليقات