طالباني يرأس وفد بلاده للقمة العربية الإقتصادية
العراق يقترح تأسيس شراكة مع الكويت وحل الملفات الخلافية

أسامة مهدي من لندن: كشف مصدر عراقي عن دعوة سيوجهها الرئيس العراقي جلال طالباني إلى أمير الكويت ورئيس وزرائها لزيارة بلاده وبحث حل الملفات الخلافية بين البلدين كما سيناقش معهما عدد من القضايا العالقة وذلك خلال ترؤسه لوفد بلاده إلى القمة العربية الإقتصادية التي ستعقد بالكويت في التاسع عشر من الشهر الحالي حيث سيطرح ايضا ورقة عمل ومشروع إقامة شراكة عراقية كويتية خاصة في مجال الإستثمار وإقامة مشاريع إقتصادية مهمة في بلاده.

وأبلغ المصدر المقرب من الرئاسة العراقية quot;إيلافquot; اليوم أن طالباني سيغتنم فرصة وجوده في الكويت لإجراء مباحثات مع أميرها الشيخ صباح الأحمد الصباح ورئيس وزرائها الشيخ ناصر محمد الأحمد الصباح تتعلق بإمكانية البدء بمباحثات جدية بين البلدين لإنهاء الملفات العالقة خاصة الديون وترسيم الحدود المشتركة وإستثمار حقول النفط المشتركة وقضية المفقودين. وأشار إلى أن طالباني سيدعو أمير الكويت لزيارة العراق وتجديد دعوة سابقة لرئيس وزرائها للقيام بزيارة مقررة إلى بغداد منذ العام الماضي لكنها تأجلت لأسباب فنية تتعلق بظروف سياسية في الكويت.

ومن جهته قال رئيس ديوان رئاسة الجمهورية العراقية نصير العاني ان الرئيس طالباني سيكون ضمن المشاركين في المؤتمر الاقتصادي الذي سيعقد في الكويت وسيقدم ورقة العراق امام القمة. واشار الى quot;هناك إعداد متواصل لورقة عمل اقتصادية يعكف على وضعها وزيرا التجارة والمالية اللذان سيكونان ضمن الوفد المشارك في المؤتمر وسيلتقيان نظراءهما العربquot; . واوضح ان زيارة طالباني الى الكويت ستكون فرصة لطرح مسألة الديون العراقية المترتبة عليه وآليات حلها كاشفا في الوقت نفسه في تصريح لصحيفة الصباح البغدادية المملوكة للدولة اليوم عن عزم الطالباني طرح مشروع اقامة شراكة اقتصادية عراقية كويتية خاصة في مجال الاستثمار واقامة مشاريع اقتصادية مهمة في البلاد.

من جانبه قال السفير الكويتي في العراق علي المؤمن ان استعدادات مكثفة تجري حاليا من قبل الكويت لعقد القمة الاقتصادية للفترة بين التاسع عشر والحادي والعشرين من الشهر الحالي quot;والتي تعد الاولى من نوعها لما ستتخذه من قرارات مهمrsquo;. وقال quot;رافقت ممثل امير الكويت لتوجيه دعوة الى الرئيس الطالباني لحضور القمة وقد وافق الاخير عليهاquot; مشيرا الى ان الكويت تطمح وتهمها مشاركة العراق بشكل اساسي لتعزيز العلاقات الطيبة التي نريد توطيدها بشكل اكبر فمشاركة الطالباني لها معنى كبير لدى القيادة الكويتية . ولم يستبعد السفير طرح بعض المواضيع العالقة خلال زيارة طالباني الى الكويت برغم ان المؤتمر الذي اوضح بشأن اهدافه ان العالمين العربي والاسلامي يمران بظروف اقتصادية وتقلبات ومرحلة مهمة في السوق العالمي quot;ولا يمكننا كعرب ان ننفصل عن هذه المرحلة رغم ان تضررنا اقل لكن من المهم بحث الاوضاع ومناقشة التطورات والوصول الى طروحات وحلول عملية لمواجهة اثار الازمة الاقتصاديةquot; .

وبشأن الملفات العالقة بين العراق والكويت قال السفير المؤمن quot;لدي وقت كاف للتعرف على وجهة النظر العراقية بشأن بعض الملفات وهي كلها ملفات لها حلول ومتفق عليها والنظام السابق تعمد عدم حلها رغم انه ملتزم بالاتفاقيات والتعهدات والتقينا بعدد من المسؤولين كان اخرهم وكيل وزير الخارجية وقد بدأت التعرف على اراء المسؤولين في ما يتعلق بالعلاقات ووجدت حسن نية منقطع النظير من قبل العراقيين وسيتم انهاء هذه الملفات قريباquot;. وفي ما يتعلق بزيارة رئيس الوزراء الكويتي الى العراق اعلن المؤمن ان quot;الزيارة مازالت قائمة ومتفقا عليها ومؤكدة وموعدها مازال قيد الدراسة لاسيما مع وجود بعض الظروف السياسية الداخلية في الكويتquot; مؤكدا ان رئيس الوزراء الكويتي يتجه للقيام بالزيارة لاهميتها في هذه المرحلة.

وفي وقت سابق امس اعلن وكيل وزارة الخارجية العراقية لبيد عباوي استعداد بلاده لإجراء مباحثات مع الكويت لتسوية القضايا العالقة معها في صفقة واحدة او الاتفاق على حلها كلٌ على حدة وبالتدريج. وقال عباوي في تصريح صحافي ان quot;الكويت ابدت مؤخرا على لسان سفيرها لدى بغداد علي المؤمن رغبتها في ضرورة ايجاد حلول ومعالجات نهائية للملفات العالقة مع العراق وبكل تأكيد فان هذا الموقف الاخير للإشقاء الكويتيين يعد امتدادا لمواقف معلنة اتخذتها حكومتا البلدين من اجل التوصل الى تفاهمات مشتركة وتعاون مكثف حيال تلك الملفاتquot;.

وأعرب عباوي عن quot;الأمل بأن يصار في القريب العاجل الى عقد مباحثات مثمرة وجادة بين البلدين، لاسيما وانهما اتفقا على تشكيل لجنة فنية وسياسية تأخذ على عاتقها متابعة ودراسة تفاصيل جميع القضايا وتهيئة الاجواء الايجابيةquot; لعقد تلك المفاوضات. وقال quot;شكلنا وفدا تفاوضيا رفيع المستوى ونحن على أتم الاستعداد والجاهزية للمضي قدما في المباحثات الثنائية مع الاخوة الكويتيين وحل القضايا بيننا في صفقة واحدة تسوية كل قضية على حدة بالتدريجquot;.

واضاف quot;بتصوري ان الملفات الشائكة والمعقدة مع الكويت وابرزها قضايا الديون والتعويضات والحدود المشتركة قابلة للحل إذا توفرت الإرادة السياسية لكلا البلدين في تسويتها وبالتالي تحريك العلاقات الثنائية الى مديات اوسع وارحب واكثر ايجابيةquot;. وقال ربما سيكون مؤتمر القمة الاقتصادية الذي سيعقد في الكويت خلال الايام القليلة المقبلة، وسيشارك فيه وفد عراقي كبير يترأسه رئيس الجمهورية جلال الطالباني وعدد من الوزراء من بينهم وزير الخارجية هوشيار زيباري، فرصة جيدة لتقريب وجهات النظر ودفع التعاون المشترك الى الأمام .

وبموجب شروط سلام فرضتها الامم المتحدة بعد الحرب التي اعقبت احتلال النظام العراقي السابق للكويت صيف عام 1990 فان على العراق دفع خمسة بالمائة من ايرادات النفط كتعويض للكويت ودول أخرى وحتى نيسان (ابريل) الماضي كان قد دفع نحو 24.4 مليار دولار أميركي في صورة تعويضات من صندوق الامم المتحدة لكن أكثر من 28 مليار دولار لم تدفع بعد. وتقول الكويت ان أي تغييرات بالنسبة لبرنامج التعويضات يتعين أن يقررها مجلس الامن.

وعن الملفات التي سيبحثها رئيس الوزراء الكويتي خلال زيارته المقررة الى الكويت فقد اشار المصدر الذي كان يتحدث الى quot;ايلافquot; الى انها ستتناول الديون الكويتية على العراق وملف المفقودين والممتلكات الكويتية وهي ملفات سبقت واعقبت احتلال النظام العراقي السابق للكويت عام 1990 . ولا تزال خلافات تلقي بظلالها السوداء على علاقات البلدين الجارين وهي تتعلق بالديون الكويتية على العراق والبالغة حوالي 17 مليار دولار وبعض القضايا الفنية المتعلقة بترسيم الحدود البحرية لكن الرغبة المشتركة في عدم السماح بتعكير العلاقات الثنائية اثمرت عن اتفاق لعقد اللجنة العليا المشتركة بين البلدين قريبا .

فقد دعت الحكومة العراقية الكويت مؤخرا الى اجراء مفاوضات لحل الملفات العالقة بين البلدين والتي تعود بشكل خاص الى ايام النظام العراقي السابق . وقال الناطق باسم الحكومة العراقية علي الدباغ ان مجلس الوزراء الذي quot;ناقش ملف القضايا العالقة مع دولة الكويت يدعو الى مفاوضات جادة وفق قواعد الإحترام المتبادل ومصالح البلدين وحسم المشاكل التي خلفتها سياسات النظام السابق بمصالح الشعبينquot; . واكد رغبة المجلس في علاقات طيبة وحسن جوار وتطوير للعلاقات الأخوية بين البلدين لكنه quot;يعبرعن قلقه لبقاء هذه الملفات دون حلول مما يلحق الضرر البالغ بمصالح الشعبين الشقيقين'.

وهناك ملفات اخرى عالقة بين العراق والكويت اهمها موضوع استكمال ترسيم الحدود والديون حيث ارغمت الامم المتحدة العراق بعد غزوه الكويت عام 1990 على دفع 5% من عائداته النفطية لصندوق تابع للمنظمة الدولية للتعويض عن اضرار ما خربه الاجتياح العراقي. وتلقى الصندوق طلبات تعويض قدرها 354 مليار دولار الا انه اقر منها 52 مليار دولار فقط بينها 45 مليار دولار للكويت دفع الصندوق منها اليها حتى الآن 21 مليار دولار تعويضات عن الغزو .

وحول ملف الديون هذا فقد اكد مصدر مسؤول في وزارة الخارجية الكويتية أن الحكومة الكويتية لاتملك اتخاذ قرار في هذا الملف من دون الرجوع إلى مجلس الأمة وهو ما أكدته في أكثر من مناسبة للجانب العراقي باستثناء التعويض المستحق للخطوط الجوية الكويتية على العراق. وقال إن البلدين اتفقا على إمكانية بحث هذه القضية خارج إطار التعويض العام الذي تشرف عليه الأمم المتحدة على أن تتم التسوية في مسألة هذه التعويضات بين الخطوط الجوية للبلدين بعد أن اقترح الجانب العراقي تسويتها على شكل خدمات تقدمها الخطوط العراقية لنظيرتها الكويتية حتى يتم الإيفاء بالدين المستحق وهو ما وافق عليه الجانب الكويتي وقطع الطرفان شوطاً كبيراً في المفاوضات حول تفاصيله.

اما بالنسبة للحدود فقد اوضح المصدر ان المسألة تتعلق بصيانة العلامات الحدودية بين البلدين وبحث مسألة مخالفة بعض المنشآت والمزارع العراقية المحاذية للحدود المشتركة والتي طالبت الكويت في وقت سابق بإزالتها وأودعت تعويضات أصحابها في الأمم المتحدة. وشدد على ان المطلوب الآن هو إجراء وتحرك عملي وتنفيذي من قبل الجانب العراقي لإزالة تلك المنشآت والمزارع وإبعادها بضعة كيلومترات عن الشريط الحدودي لضمان سلامة الحدود بين البلدين . وكان مجلس الامن الدولي قد رسم بشكل نهائي الحدود بين الكويت العراق بقراره المرقم 833 عام 1993.