قيل بالأمثال أن الشجرة المثمرة هي التي تُرمى بالحجارة.. ولأن الشجرة الوحيدة التي أثمرت في تأريخ العراق الحديث منذ لحظات التأسيس وحتى لحظات التدمير التي نعيشها اليوم هي شجرة النظام الملكي ولأنها وحدها التي فاء العراقيون جميعاً وبكل أطيافهم بظلها الوارف على مدى أربعة عقود ومثّلت العهد الذهبي الوحيد الذي عاشوه في عصرهم الحديث لذا نراها منذ الساعات الأولى المشؤومة لصباح14 تموز 1958 وحتى الآن تتلقى الحجارة من كل حدب وصَوب من قبل مؤدلجي بعض الأحزاب التي كانت سبباً في دمار العراق والتي بدل أن تنتقد أفعالها السابقة وتعتذر للشعب العراقي عما جرّته عليه وعلى العراق من ويلات بسبب سياساتها الطائشة والصبيانية التي أوصلتنا للهوان والخراب الذي نعيشه اليوم نراها لا تنفك عن إلقاء اللوم وتلفيق الإتهامات على النظام الملكي ورجاله الذين لم يعرف العراق مثلهم منذ غادروا الحياة السياسية العراقية وحتى اليوم وآخر هذه الإتهامات هي أن الدولة العراقية الحديثة شُكِّلت على أساس طائفي وقومي بيد الملك الراحل فيصل الأول ورجاله وأن النظام الملكي كان طائفياً تجاه الشيعة وعنصرياً تجاه الأكراد من أبناء شعبه وهو كلام عارعَن الصحة وباطل جملة وتفصيلاً يَستند لكون الملك فيصل كان عربياً حجازياً سُنّي المذهب رغم عدم تطرّقه يوماً لهذا الموضوع ولا حتى بأحاديثه الخاصة بل كان ومن قبلِه آبائه وأجداده يفخرون دوماً بأنهم هاشميون وسليلوا بيت النبوة و وضع فيصل الأول أولى خطواته بأرض العراق وبرفقته نوري السعيد وجعفر العسكري الكرديان ورستم حيدر الشيعي وإختار يوم ذكرى بيعة الغدير ليكون يوم تتويجه وجلوسه على العرش الذي يعلم أغلب العراقيين بأن من قام بنجارته وصنعه هو العراقي الأصيل النجار الكظماوي أبو كاظم كما كان أغلب مرافقيه ومرافقي إبنه غازي وحفيده فيصل الثاني وكبار ساسة العهد الملكي من الضباط الأكراد والشيعة.
يتحجّج البعض في محاولته لصق صفة الطائفية والعنصرية بالنظام الملكي بالقول إن محافظات العراق المختلفة من شماله الى جنوبه بإستثناء بغداد كانت مُهملة ولم تنل وأهلها الإهتمام الكافي أيام ذلك النظام وهو كلام فارغ بدليل عشرات المشاريع التي تم تنفيذها وكان مزمعاً تنفيذها بكافة أنحاء العراق لولا بزوغ ذلك الفجر التموزي الأسود عام 1958 بل لايخفى على أي متابع منصف التغيّر الكبير الذي شهده الوضع الإجتماعي والإقتصادي لأغلب محافظات العراق أواخر العهد الملكي مقارنة بوضعها قبل مجيئه ولو قدِّر له ولساسته البقاء الى يومنا هذا لكان حال العراق غير ماهو عليه اليوم من بؤس وشقاء.. فاليوم وبعد 50 عاماً من سقوط الملكية و وصول من كانوا يُردّدون ويَجترّون هذا الكلام ويدّعون تمثيل هذه المحافظات والحديث بلسان أهلها للسلطة لا نرى تغييراً حقيقياً طرأ على حالها وحال أهلها مقارنة بأيام النظام الملكي أللّهم بإستثناء محاولات الترقيع ببناء جسر هنا وأحياء سكنية عشوائية هناك التي قامت بها بعض الأنظمة التي جائت بعد النظام الملكي والتي يعلم الجميع وعلى رأسهم أعداء ومبغضي الملكية بأنها لم تكن سوى محاولات متعجّلة وغير مدروسة لتنفيذ مشاريع كان قد أقرها مجلس الإعمار أيام النظام الملكي تم تنفيذ بعضها أيام ذلك النظام فيما سُرق وصودِر البعض الآخر من قبل الأنظمة التي تعاقبت على حكم العراق بعده وقامت بتجييرها لصالحها ولم تستح بإدعاء أنها قامت بتخطيط وتنفيذ هذه المشاريع فيما أبناء الشعب العراقي يتهامسون بينهم أن هذه المشروع أو ذاك هي للمجلس وسدود الكوت وديالى والرمادي وسامراء ودوكان ودربندخان والموصل ومشروعي الحبانية والثرثار ومدينة الطب التي وضعت تصاميمها ونُفِّذ أو بدأ تنفيذ بعضها أيام النظام الملكي مثال على ذلك.. فساسة النظام الملكي لم يسرُقوا ثروة العراق النفطية ويتاجروا بها ولم يشكلوا مافيات لتهريبها لدول الجوار كمَن جائوا مِن بَعدِهم بل إستثمروها لخدمة البلاد وتحسين المستوى المعيشي لأبنائها عبر بناء مشاريع تنموية عملاقة كما كان النظام الملكي سباقاً لإرسال أعداد كبيرة من أبناء العراق للدراسة بالخارج حتى كانت نِسبة العراقيين بين طلاب بعض جامعات العالم الأعلى كانوا كلهم يدرسون على نفقة الدولة التي كانت تنفِق على الجميع دون تمييز وكان أول ثلاثة عراقيين أرسلتهم الدولة آنذاك للحصول على الدكتوراه من أمريكا هم الدكتور فاضل الجمالي والدكتور متي عقراوي والدكتور نسيم سوسة في أوائل ثلاثينات القرن الماضي كما تم إرسال أعداد أخرى لجامعات أوروبية كان من بينهم الدكتور مصطفى جواد والدكتور جواد علي ولو عدنا لإنتمائاتهم الدينية والطائفية والعرقية لتأكدنا من كذب وزيف إدعاء البعض بوجود تمييز طائفي وعرقي بتأريخ العراق الحديث.بدئاً من الظلم والإجحاف القول بأن النظام الملكي كان طائفي النزعة ضد الشيعة لأنه سعى منذ اللحظات الأولى لتأسيس الدولة العراقية وبكل ما كان يمتلك من إمكانات متواضعة لتوفير أسس وطنية موحّدة تُوائِم الإنتمائات المختلفة لأطياف الشعب العراقي مع الهوية الوطنية بل يمكن القول وبثقة بأن العهد الملكي يمثل نموذجاً نادراً في تأريخ العراق الحديث من هذه الناحية فقد أدرك الملك فيصل ومنذ اليوم الأول لدخوله العراق ضرورة المحافظة على التوازن بين مختلف أجزاء مملكته السائرة نحو التكوّن لذا كان أول عمل قام به بعد دخوله للعراق وقبل توجهه لبغداد هو زيارة قبور أجداده الأئمة علي والحسين والعباس (ع) بالنجف وكربلاء وإختار يوم تتويجه في يوم عيد الغدير فهل هذه تصرفات شخص طائفي أو حتى يفكر بطائفية! كما يقال بأنه قد كلف السيد حسين الحلي بتسلم الاراضي التي كانت تعود لجده الإمام الشهيد زيد بن علي (ع) بين الكِفل وبابل ومقولته الشهيرة (لامشروع قبل الغراف) الذي كان الغرض منه تحسين أحوال أبناء الجنوب العراقي ذو الغالبية الشيعية لاتزال عالقة بذاكرة العراقيين بل إن البعض كان يتندّر عَن شدّة قرب الملك فيصل الأول من بعض الساسة الشيعة وتأثيرهم عليه كما فعل الرصافي في رسالته العراقية حيث يقول (رستم حيدر العَلوي السوري جعل فيصل يسير بإتجاه الطائفية فقد كان يذهب إلى النجف وصلّى على تُربة) إضافة لذلك فإن من كان يُتوّج الملوك بالعهد الملكي هو السيد محمد الصدر بعمامته السوداء الطاهرة الوطنية التي نفتقدها في عراق اليوم.. لا أدري ماهو ذنب النظام الملكي إذا كانت نسبة كبيرة من أبناء الطائفة الشيعية بالعراق لم تمارس مسؤوليات الحكم في عهد الدولة العثمانية مما لم يؤهلها لشغل الوظائف ببدايات تأسيس الدولة العراقية الحديثة كما لا أدري ماهو ذنب النظام الملكي إذا كان عَوام شيعة العراق إنصاعوا حينها لبعض رجال الدين الذي كانوا يعيشون بقمقم وأفتوا لهم بعقلية العصور الوسطى بحُرمة الإعتراف بالدولة الفتية والتعامل معها والإنصياع لقوانينها والتعلم بمدارسها وإكتساب جنسيتها لأنها مصطنعة كما أن الإشكال الشرعي الذي تراه المؤسسة الدينية الشيعية بكون أموال الدولة يتم تداولها مَصرفيا وتخضع لتعاملات ربوية وترويجها لهذه الفكرة بين بسطاء الشيعة دفع الكثيرين منهم للإبتعاد عن العمل بالقطاع الحكومي ودوائر الدولة عموماً لكن بعد سنوات قليلة وجدت الأجيال اللاحقة أن هذه (الدولة المصطنعة) و(الجنسية البُدعة) و(الحدود المفروضة) أصبحت أمراً واقعاً ورافق ذلك تطور الوعي لدى شرائح واسعة من شيعة العراق خصوصاً الشباب لذا يوماً بعد آخر لعبت الطائفة الشيعية دوراً أكبر بالحياة السياسية العراقية وما تولّي السادة صالح جبر ومحمد الصدر وفاضل الجمالي عدة مرات لرئاسة الوزارات العراقية إضافة لوجود عدة وزراء شيعة فيها إلا دليل على هذا الكلام.. وبدلاً من تشخيص من قاموا بهذه الغلطة التأريخية وتحميلهم اللوم على ما أحدثوه من شرخ بجَسَد الأمة العراقية وما سبّبوه من ضرَر على خطوات تأسيس الدولة العراقية لا تزال آثاره وتداعياته السلبية باقية لليوم نرى الكثير مِمّن يَدّعون بأنهم مثقفين وتقدّميين يتغاضون اليوم عن هذا الدور الخطير الذي لعبه رجال الدين آنذاك ويَرمون باللوم على النظام الملكي ولا أدري هل للنشأة والمناطقية دور بذلك إذ لا أفهم كيف لايزال بعض اليساريين الذي يدّعون الثقافة أعداء أشداء للنظام الملكي الذي كان علمانياً ليبرالياً تقدمياً بعد نصف قرن من سقوطه في حين لا يَنتقدون إلا نادراً ممارسات المؤسسة الدينية التي كانت قائمة آنذاك والتي حاربت هؤلاء اليساريين لدرجة تكفيرهم لا بَل نرى بعضهم اليوم من أصدقاء ومن أشد المدافعين والذادين عن حياظ هذه المؤسسة وأحزابها الظلامية التي تعيث اليوم خراباً بأرض العراق.
أما أكراد العراق فقد كان لهم القدح المُعلّى بالدولة العراقية أيام النظام الملكي وكان الباب مفتوحاً لهم على مصراعيه للمشاركة بالحياة السياسية والإجتماعية أيام ذلك النظام دون أي معوّقات أو تمييز على أساس قومي وقد لعبوا بالفعل دوراًهاماً ومُتميّزاً في بناء وتشكيل صورة العراق الحديث سياسياً وإجتماعياً فبدئاً هنالك مليون منهم يسكنون منذ آلاف السنين بعاصمة العراق الخالدة بغداد وباتوا جزئاً أصيل لا يتجزأ من تراثها وتركيبتها الثقافية ونسيجها الأجتماعي كما أن أبرز قادة وضباط الجيش العراقي منذ تأسيسه عام 1920 على يد ضبّاط أكراد وحتى حلِّه عام 2003 هم أكراد وأبرز أطباء ومهندسي ومعماريّي وخطّاطي وقضاة ومحاميّي العراق وبغداد بالذات هم أكراد وأبرز ساسة العراق في العهد الملكي كنوري باشا السعيد وجعفر باشا العسكري وبكر صدقي وسعيد القزاز وعلي جودت الأيوبي وجلال بابان وجميل المدفعي وأحمد مختاربابان وغيرهم كثير مِمّن حكموا العراق وشكلوا وترأسوا أغلب وزاراته بالعهد الملكي وكانوا سبّاقين في العطاء والمساهمة ببنائه بوطنية وأمانة وإخلاص هم أكراد عراقيين لم يُنكِروا يوماً أصولهم الكردية لكنهم في نفس الوقت لم يتبرؤا يوماً من إنتمائهم للعراق لأن قناعاتهم الفكرية كانت مَبنية على أساس أن مصلحة ليس فقط أكراد بل وجميع قوميات العراق هي بالتعايش معاً بظل العراق الموحد القوي المزدهر وقد دفع أغلبهم حياته ثمناً للعراق وللنظام الملكي.. وقد يعترض كثيرون على هذا الكلام بالقول إن الأشخاص الذين ذكرناهم لا يمثلون الأكراد حقاً لأنهم كانوا يمثلون البرجوازية الكردية ويُمثلون أنفسهم فحسب ولم يحققوا شيئاً للأكراد وهذه وجهة نَظَر نراها مغلوطة وضيّقة لأن هؤلاء العظماء لم يُفكروا يوماً بهذا الشكل الضيق كون أغلبهم نشأ في بيئات منفتحة على الآخر لذا فعندما عملوا بجد وإخلاص ووطنية كان عملهم لكل العراق وعندما حققوا إنجازات تأريخية حققوها لكل العراقيين لذا ستبقى أسمائهم منقوشة بأحرف من نور في صفحات التأريخ لكن المشكلة هي إن هنالك من يعتقدون بأن الذي يُمَثل الأكراد هو فقط من رفع السلاح بوجه الأنظمة العراقية المتعاقبة ومنها النظام الملكي وبأن من يمثلهم هو فقط من يُغلب إنتمائه القومي على الوطني ولكن بالمقابل هنالك كثيرون يعتبرون بأن كل عراقي كردي بل وكل العراقيين يجب أن يكونوا على شاكلة مَن ذكرنا مِن الشخصيات والأسماء الخالدة وأن يعمل في سبيل وطنه العراق كما عمل هؤلاء ولكلّ وجهة نظره.. وللتأريخ يجب أن نَذكر بأن البعض كان يَتّهم الحكومات العراقية ومجلس الإعمار أيام النظام الملكي بأنها صَرَفت على شمال العراق أكثر مما صَرَفت على وَسَطِه وجَنوبه ففي فترة قياسية مِن عُمر النظام الملكي بُنيَت بشمال العراق مئات القرى والمدارس وعشرات المَعامل والمَزارع والمَصايف والمُستشفيات وعُبّدت آلاف الكيلومترات من الطرق بمواصفات عالمية وتم إنشاء أهم سَدّين ستراتيجين يَتحكّمان بمَصيرالعراق الزراعي والإروائي وهما سدي دوكان ودربندخان وهي إنجازات رائدة لاتزال أساس ودعامة البنية التحتية لشمال العراق حتى الآن ولم تزد عليها كل الحكومات التي تعاقبت على العراق حتى هذه اللحظة سوى رتوش لا تُذكَر بل إن البعض كان يَتندّر بأن الزعيم الراحل مصطفى البرزاني كان يَعمَد بين الحين والآخرالى التصعيد في شمال العراق ليحصل على مزيد من الأعمار وقد نجح في ذلك نجاحاً كبيراً.يقول الكاتب البريطاني إيريك ديفيس بكتابه (العراق 1945-1958 : إزدهار ثقافي ونضج سياسي وإنفتاح إجتماعي) الذي قام بترجمته الدكتور العزيز حسين كركوشquot; إن عملية إعطاء طابع مؤسساتي للطائفية لم تتعمّق ولم يتم تسريعها إلا بعد حدوث إنقلاب شباط عام 1963 والقضاء على ثورة 14 تموز1958 quot;.. ورغم إختلافي مع هذه العبارة من ناحية توقيت إعطاء الطابع المؤسساتي للطائفية والذي أرى بأنه قد بدأ وأصبح سياسة دولة بعد 2003 وليس بعد 1963 إلا أن ما يُهمنا من هذا الكلام هو تأكيد بُعد النظام الملكي عن أية شُبهة طائفية كما يريد أن يلصقها به البعض.. كما أجد بأنه من الضروري أن أورد هنا وجهتي نَظَر مُهمّتين تصفان طبيعة تعامل النظام الملكي بدئاً من العائلة المالكة وصولاً للنخبة السياسية مع إشكالية تركيبة المجتمع العراقي المتنوعة قومياً وطائفياً ودينياً الأولى لأحد أقطاب العهد الملكي وهو السياسي الراحل أحمد مختار بابان والثانية للعلامة الراحل أنستانس الكرملي.. إذ يقول المرحوم أحمد مختار بابان وهو آخر رئيس للوزراء بالعهد الملكي وأحد أبرز سياسييه في مذكراته حول تقييم ذلك العهد quot; إنني أنتمي الى العهد الملكي بالعراق ولا أنكر ذلك بل أعتز وأفتخر به ولست نادماً على أي مِن أعمالي في ذلك العهد فلقد كرّست نفسي بإخلاص لخدمة وطني وشعبي ولم أكن مرتبطاً بأي طرف كان ولم يكن بوسع أحد أن يُملي إرادته عليّ وكان ذلك شأن زملائي الآخرين quot; وفي مكان آخر من الكِتاب يُسجّل الوزير الراحل ملاحظاته حول تكوين العراق القومي والطائفي والديني حيث يتحدث عن طبيعة المجتمع العراقي وتنوعه ثم يصف كيف كانت هنالك علاقات طيبة تربط بين أبناء هذه القوميات والطوائف والأديان ثم يضيف quot; لم يكن لدى البلاط الملكي أي إتجاه طائفي بصورة قطعية بل على العكس من ذلك فالشيعة كانوا ملتفين حول مقام العرش أكثر من السنة وذلك على أساس أن أفراد العائلة المالكة هم من أهل البيت وسادة وأشراف ومن حسن الحظ أن رؤساء الوزراء الذين كانوا يأتون للحكم بالعراق كانوا مُجرّدين من أي مشاعر طائفية وعنصرية فأنا شخصياً لم أفكر طوال حياتي بأني غير عراقي لا مِن ناحية العنصر ولا مِن ناحية المذهبquot; ويضيف quot; لم ألاحظ أبداً أي تعصّب لدى الملك فيصل الأول والملك غازي والملك فيصل الثاني ولا الأمير عبد الإله quot;.. أما العلامة الراحل أنستانس الكرملي فقد قال في كلمته الشهيرة التي ألقاها أثناء تأبين الملك فيصل quot; إن فيصل كان أباً للجميع ولم يُفَرّق بين أبناء المذاهب المختلفة quot; وذكَر بأنه زار الملك فيصل مع مجموعة من الأدباء فقام أقدَمَهم بتقديم الأدباء للملك وكان يقول هذا شيعي وهذا سني فقال الملك quot; حسبي أن تقول لي هذا عراقي ولا أحب أن أعرف أكثر من هذا quot;..
لقد بات واضحاً لأغلب العراقيين أن من رفعوا شعارات المظلومية لهذه الشريحة منهم أو تلك وتاجروا بها سياسياً لتحقيق مصالح شخصية وفئوية وحزبية ضيقة لم يكونوا صادقين في ما إدّعَوه بدليل عدم قيامهم بما يؤكد صِدق هذه الإدعائات والشعارات بعد وصولهم للسلطة وبأن النظام الملكي وسياسيوه عملوا على تأسيس دولة عَصرية حديثة وفق أسس وطنية صِرفة بعيدة عن كل أشكال الطائفية والعنصرية وكانوا الأكثر صدقاً وإخلاصاً وحرصاً على مصالحهم كشعب واحد.. والدليل على ذلك وعلى إن أغلب العراقيين لا يَرَون في النظام الملكي نظاماً طائفياً ولا عِرقياً هو إنه لايزال يحتل مكانة كبيرة ورفيعة في قلوبهم وإن أول الأشخاص الذين فكّروا ورَغِبوا بعودة النظام الملكي للعراق وطالبوا الشريف حسين بن علي رحِمَه الله بالتصدي لهذا الموضوع والمطالبة بعرش أجداده كانوا كل مِن الشيخ الشهيد طالب السهيل والزعيم الراحل مصطفى البرزاني والسياسي المخضرم سعد صالح جبر والمفكرحسن العلوي كما إن دعاة الملكية بالعراق هم اليوم من كل أطياف الشعب العراقي ففيهم السني والشيعي وفيهم العربي والكردي والتركماني والآشوري وفيهم المُسلم والمَسيحي والصابئي والإيزيدي فهم رغم تنوع إنتمائاتهم العِرقية والطائفية والدينية لكن يجمعهم حب العراق الواحد الكبير والحنين الى لعهد الملكي الذهبي الزاهر على عكس غالبية القوى والأحزاب السياسية الموجودة والعاملة حالياً بالعراق والتي تتشكل أغلب قواعدها ويأتي أغلب دعاتها ومناصروها من لون طائفي أو عِرقي واحد لأنها تطرح شعارات خاصة بالطائفة أو القومية لا تلبي طموحات جميع أبناء الشعب العراقي وإنما أبناء طائفتها وقوميتها فقط.
[email protected]
التعليقات