رغم أن هناك ثمة تفاوت في الرأي العربي(الرسمي و الشعبي)ازاء صدور قرار محکمة الجنايات الدولية الخاص بتوقيف الرئيس السوداني عمر حسن البشير، لکن القاسم المشترك الاعظم الذي يجمع بينهما هو ان هناك إمتعاض و رفض صريح للقرار و إعتباره بمثابة إهانة واضحة للعرب کافة.


الموقف الرسمي العربي ولئن لم يکن قويا بما فيه الکفاية، لکن ذلك الانزعاج و الإمتعاض اللذين کانا واضحين بقوة عليه، فسره العديد من المراقبين بأنه قد يمثل رسالة واضحة المضمون للأطراف الدولية التي وقفت خلف القرار کي تدرك بأن تطبيقه على أرض الواقع قد لايصطدم برفض سوداني فقط وإنما برفض عربي أيضا من المتوقع أن يتخذ سياقا قد لا يخطر على بال تلك الاطراف الدولية، والموقف الرسمي هذا من الممکن أن يکون عاملا مساعدا لإنطلاق موقف شعبي جبار ضد القرار ومن يقف خلفه.


ان توقيت إصدار القرار عقب المجازر الاسرائيلية الشنيعة التي أرتکبت بحق المدنيين العرب في غزة، يحمل في ثناياه دلالات معبرة لإبعاد الجزارين الاسرائيليين عن دائرة الضوء و المسائلة و الترکيز على قضية أخرى فيها الکثير من الضبابية و عدم الوضوح و الالتباس وان وضع الرئيس السوداني عمر حسن البشير في دائرة الضوء هو مؤامرة مفضوحة النوايا و الاهداف و سعي مکشوف لخلط الاوراق بالصورة التي تجعل مجرد الاشتباه بمثابة إدانة کاملة تستوجب المسائلة لکنه و في نفس الوقت يعتبر إرتکاب جرائم حرب في وضح النهار وأمام أنظار العالم کله بمثابة مسألة فيها أکثر من نظر و وفق هذه الرؤية أصدرت محکمة الجنايات الدولية قرارها المشکوك أصلا في مصداقيته وهو يهدف لدس السم بالعسل و التغطية على الجرائم الاسرائيلية البشعة بحق الفلسطينيين في غزة و في کل الارض الفلسطينية المحتلة وانه يراهن أساسا على هشاشة الموقف العربي و عدم جديته و عمليته في التصدي لهکذا مؤامرة دنيئة مفضوحة ومن هذا المنطلق، فإن العرب قادة و شعوبا، أحزابا و منظمات و على مختلف الاصعدة مطالبون بالوقوف بجدية و حزم ضد هذه المؤامرة و عدم السماح بتوفير الارضية المناسبة لها لکي تصبح أمرا واقعا لأن ذلك سيؤدي الى مفترق فيه الکثير من الخطورة على مستقبل العرب و أنظمتهم السياسية وانهم إذا ماکانوا يصدرون اليوم حکما جائرا لتوقيف الرئيس السوداني، فإنهم لن يتورعوا غدا عن إصدار مذکرات توقيف أخرى بحق قادة عرب آخرين وسوف يلجأون الى طرق و سبل جديدة لممارسة المزيد من الضغوطات السياسية و العسکرية و الامنية لکي يحققوا من وراء ذلك أهدافهم المبيتة ضد الامة العربية المجيدة و قادتهم.


اننا في المجلس الاسلامي العربي في الوقت الذي ندين و نشجب فيه بشدة صدور هذا القرار و الاهداف المتعددة الجوانب و الابعاد المختفية وراءه، فإننا ندعو القادة و الحکومات و الامة العربية للمزيد من الحيطة و الحذر للوقوف بوجه المؤامرة و إجهاضها في مهدها، واننا ندرس في المجلس کافة السبل المتاحة للعمل على خلق الارضية الشعبية المناسبة للتصدي لهذا القرار المجحف وان إيماننا الذي يصل الى درجة اليقين بقدرات أمتنا العربية يمنحنا الثقة و العزم على حتمية إنتصارنا وان المجرم الحقيقي الذي يجدر بمحکمة الجنايات الدولية أن تصدر مذکرة إعتقال بحقه هو رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت و باقي العصبة المجرمة المسؤولة عن إرتکاب المجازر البشعة التي أرتکبت بحق الابرياء والعزل في غزة الصامدة واننا عاقدون العزم على المضي قدما من أجل فضح جرائم اولمرت و باقي شلته المجرمة حتى توضع الامور في نصابها الحقيقية.

محمد علي الحسيني
الامين العام للمجلس الاسلامي العربي في لبنان