اتسعت ثقوب quot;الحاصلين على تسهيلات بنكية في دبي quot;، و لم يعد بمقدرة العديد ( ممن كانوا) من الموظفين العاديين او بعض رجال الاعمال و اللذين التزموا مع البنوك لسنوات، و حققت من ورائهم ارباح سنوية بلغت بين 12 و 36 بالمئة، واليوم بعد ان فقدوا وظائفهم خلال الاشهر الماضية في دبي غير قادرين على تسديد الدفعات الشهرية المستحقة في وقتها، مجبرين لا مخيرين، ليس رغبة منهم في عدم سداد البنوك التى قدمت تسهيلات لكل من حضر الى امارة الاحلام، ولا تهربا من دفع كمبيالات، او قفزا على شيكات كتبت مسبقا بدون تاريخ.
القضية ببساطة لا عرق عمل، لا رطوبة اجواء، و لا قيظ مشاريع اليوم في دبي كما هو السابق.
امارة دبي quot;معبر الاحلام quot;الى المستقبل، كانت قبلة المتميزين المتيميين بالنجاح الراغبين في حياه عصرية و رفاهية ناضجة الى حد ان وصفت في وقت ما بشبيهة quot;المدينة الفاضلة quot;، و لكن مع ما حدث من انهيارات عالمية، و من اغلاق شركات و تسريح عمالة و الغاء وظائف و تأجيل مشاريع عملاقة و انهاء عقود كبرى وسقوط للاسهم و غيرها،عبرت الاحلام جسر المدينة الفاضلة و استيقظ اهلها على بنوك الصبار الطويل ذو الاشواك المدببة و اصبحت اللزوجة المالية عند حد التجمد، رغم الضخ المالي الحكومي للبنوك لاكثر من عشرين مليار درهم على مدار شهور عشر.
لقد تحولت الامور الى ما يشبه المياه الراجعة، و رغم التوجيهات و التصريحات و الحلول التى نشرت بالجرائد، الا ان الوضع العام بعكس التصريحات، و كثيرا ما ادعت بعض البنوك عند مراجعتها ان التصريحات شيء و ما يصلها من تعليمات شيء مخالف.
كانت بعض الاقتراحات من امارة دبي، ان تكون الافضلية للعمل لمن هم في دبي و لديهم التزامات بنكية، و لم يحدث هذا، و لم يسجل كشف بالاسماء وخبراتهم لاعادة دمجهم في السوق المحلي، و كان الحديث يتم عن استيعاب للطاقة العاملة المستغنى، و ايضا لم يحدث هذا، و عن منح مهل للتسديد و عدم التشدد او المنع من السفر او الحبس، و لكن لا زال هذا المنع قائما و قضايا الشرطة و سجلاتها تشهد. و لكن هذا لم يحل المشكلة و لم و لن quot;يسدد البنوك و اضاف اعباء على المقترض و المزيد من الديون.quot;
اذ كيف يمكن لشخص مدين ان يقوم بالسداد و هو لا يعمل في الامارة، و لايسمح له بالعمل في الخارج للتسديد، و مع كل يوم المزيد من الفائده و المزيد من المديونية و هو ما ينعكس على الاقتصاد العام للامارة و ليس فقط الفرد المدين.
و المشكلة الاخرى ان بطاقات الائتمان، و التى كانت تكفلها شركات تأمين محلية، رفضت بعض تلك الشركات ان تدفع عن المقترض او الساحب، و لا يزال البنك يطالب المدين مدعيا انه لا علاقه له بالتأمين على بطاقات الفيزا او الماستر او ماشابه و انها قضية ثنائية، البنك خارجها.
و ترفض بعض البنوك استلام رسائل اعادة الجدولة، او منح فترات سماح ثلاث اشهر، او اسقاط بعض من الفائدة. و من يستلمها عبر الفاكس لا يجيب عليها، و الامثلة موثقة و متواجده. لا حياة لمن تنادي.
نحن هنا نتحدث عن تسعين مليار للقطاع الخاص و عشرة مليارات للقطاع الحكومي، و حسب تصريحات السيد محمد العبار رئيس اعمار في مؤتمر عام عقد في دبي منتصف هذا العام و نشرته جريدة الامارت اليوم انذاك.
و مع كل هذا، فأن البنوك كانت منحت تسهيلات مقابل شيكات كتبت بدون تاريخ و بدون مبلغ مالي و هو مخالف للشروط و القانون، و اليوم تقوم البنوك الدائنه و بعد مرور دفعتين من عدم السداد بوضع القيمة المتبقية و تضيف الارباح كما تراها هي و تقدمها للبنك الاخر و تختم الشيك بعلامة عدم quot;كفاية الرصيدquot;، و من ثم تقدمه للشرطة و تقيد بلاغ ضد صاحب الشيك لمنع صاحب الشيك من السفر( و هو اصلا عاطل عن العمل )، وبالطبع بالامكان حبسه ثلاث سنوات لان بندا جديدا قد تم الاعلان عنه، و هو ان الشيك بدون رصيد يسجن صاحبه ثلاث سنوات. و الاصل ان صاحب الشيك لم يكتب اي مبلغ و لم يضع اي تاريخ، و قانونيا هذا الاجراء البنكي يستلزم المسألة القانونية قبل ان يسأل المدين.
عموما كل من اتى الى دبي، اشترى سيارة بالتقسيط، و حصل على بطاقات ائتمان، و على قروض لشراء شقق، و على تسهيلات لتعليم ابنائه،و ادخلهم مدارس مقابل شيكات مؤجله، و دفع اقساط ايجار منزله عبر شيكات مؤجلة ايضا، ومنهم من حصل على قرض 250 الف درهم كحد ادنى، و كان الضمان الراتب العالي و الاطمئنان الى استقرار مالية الامارة و العمل المتوافر، و انتظام مشاريعها و عبقريتها و تفردها العالمي، و كان يثق بهاquot; من هم على ارضها quot; اكثر مما يثقوا بقدرات بلادهم، و عملوا بشرف و امانه دون ان تمتد يدهم لسرقة هنا او عمولة بالملايين هناك، و اعتقد انه هناك كثر ممن لديهم تلك الثقه في دبي الرأئده لم يفقدوها بعد. ولكنهم حزناء لما يجرى و لا يجدوا اذانا صاغية او مبادره حل.
ليصحو يوما ما من العام الذي مضى، بعد ان ادرك شهريار الصباح، مكتشفين انهم كان يرون نصف القمر المضيء و اليوم quot;الكسوف quot; الكلي امامهم.
دبي جمعت الاشجار الباسقة من الشرق و الغرب، متميزون محملون بتفاح احمر و نبيذ الاهي، و امدتهم بمياه عذبة و روتهم بعندليب صهوتها و نجاحاتها و تجربتها الفريدة كنموذج سابق للغرب في النجاح و التميز، و في ليلة من قصص الف ليلة و ليلة تحول الشجر الى عشب مطلوب ان يجتذ و ان تقطع اوصاله بمنجل فائدة بنكي، او ان يحرق مع سقوط التفاح الذي احضره هؤلاء المتميزون القادمون من بقاع الارض للمشاركة في تظاهرة عالمية يقودها الشيخ محمد بن راشد اسمها quot;رؤيتيquot;.
الرسائل البنكية عبر الهاتف للمقترضين على لسان شهريار تقول :quot;لا تدفع ما عليك، حضر كامل المبلغ، شيك التأمين سيقدم للبنك، تم ترتيب محضر شرطة لمنعك من السفر و الحبس لاصدار شيك بدون رصيد، حظا سعيدا quot;، انتهى الاقتباس عن الرسالة البنكية.
اليوم، ماذا تحقق في دبي على ارض الواقع، و ما هو المطلوب لحل تلك المشكلة، اذ ليس من المعقول ان يبنى quot;جوانتانموا مالي quot; قرب حدود مطار دبي لترحيل غير المسددين وقت ان يشاء الله.
ماذا تكسب البنوك من منع السفر او السجن؟. مجرد عملية حسابية بسيطة نجد ان سجن المقترض غير المسدد لثلاث سنوات يكلف يوميا شرطة دبي مائتي درهم ما بين اطعام و نظافة و حراسة و ادارة سجون و تكييف ورواتب شرطة و غيرها، و اقصد هنا ان السجن سيكلف الامارة سنويا ثلاث و سبعين الف درهما لكل مقترض، و اذا ما جمعت السنوات الثلاث فأن ذلك يقترب من ربع مليون درهم للفرد. ثم حتى ملاحقة المدين الهارب من الامارة، يكلف مالا اكثر مما سيحصلوا عليه.
اليس الاجدر اسقاط المديونية عن المقترضين و تعويض البنوك بنسبة بعد دراسة الموقف العام،او اسقاط فوائد الدين و اعادة راس المال للبنك لمن يقدر عليه على سنوات ممتده، ناهيك عن سمعة الامارة التى لا يعادلها اي مال يذكرو التى تتضرر بحبس من اتى اليها بانيا في شموخ ابراجها و مستثمرا في مناطق صناعتها و بارزا في مدنها الاعلامية و التقنية و الملاحية و غيرها من المناطق و الاعمال.
ان دفع مبلغ في حده الاعلى 300 الف عن كل مقترض هو احد الحلول عند بعض الاقتصاديين، و ما فوق ذلك يتم اعادة جدولته بين المقترض و البنك.
ان هذا يحافظ على البنوك و لا يزيد من الالتزامات الربحية على المقترض خصوصا و انه بالامكان ان تتفق الامارة مع البنوك على اصل الدين.
ييقترح البعض انه على الامارة ان تشكل لجنة تفاوض عن المقترضين لا تتركهم في مهب الريح، خصوصا مع كل يوم فائدة الدين تزيد و ميزانية البنك تظهر المزيد من الخسارات مع نهاية العام.
و التاريخ يشهد على فضل الامارات على دول كبرى في اعانتها في شدتها وقت الكوارث من امريكا الى اندونسيا و الباكستان و غيرهم، و المثل يقول quot; ما يلزم البيت يحرم على الجامع quot;.
ان ما زرعته بنوك دبي يجب الا يتجرعه المقترض خروعا حتى لا تحصده البنوك quot;بطاطس زرقاءquot;.
و لا يعني خسار ة البنك خارجيا ان يأكل كتف المقترض المحلي القادم لمدينة الاحلام.
ماذا لو اتفق كل من حصل على قرض لشقة او تسهيلات فيزا على عدم السداد؟.،
ان الخطوة الاستباقية بالحل الجماعي بين مسؤولي دبي و البنوك العاملة افضل كثيرا من مواجهة خطر عدوى quot;عدم السداد الجماعي المنظم quot;.
المعروف ان النقاط الزرقاء في البطاطس تعنى عدم صلاحية المحصول،و هنالك شروط متبعة عالميا في نوعية بطاطس ماكدونالدز الامريكية ضمن المواصفات و الشروط، و الكل يثق في مبيدات دبي الزراعية القادرة على انتزاع كل ما يتسبب في افساد المحاصيل.
ان ثوب البنك العاري لا يدفء، و ان ادفء مسبقاعملائه بقروض فأنه لا يدوم.
د.عبد الفتاح طوقان
[email protected]
التعليقات