تسعى بعض الاوساط السياسية و الاعلامية في الغرب و حتى في المنطقة، للربط بين حالتي رئيس الوزراء الصهيوني الاسبق مناحيم بيغن و الحالي بنيامين نتنياهو، من زاوية کون کليهما متشددين و نجحا في فرض أجندة و مواقف و رؤى صهيونية على النظام الرسمي العربي، ومع عودة نتنياهو للحکم عقب الانتخابات الاخيرة، إشتدت نبرة الاصوات التي تزعم بأنه سينجح في النهاية في فرض رؤيته و موقفه للسلام على الجانب العربي وان مراقبين و محللين سياسيين من مشارب متباينة قد سلکوا نفس هذا النهج.
مناحيم بيغن الذي عاصر مرحلة الرئيس المصري السابق أنور السادات و تمکن في نهاية الامر و بمشارکة و مبادرة أمريکية حميمة من جر الرئيس المصري الى التوقيع على إتفاقية کامب ديفيد، خدمته العديد من العوامل و الظروف المختلفة يومئذ، ولم يکن نجاحه اساسا إلا وليد لحظة ضعف عربية عندما تخلى العرب عن الرئيس المصري و جعلوه لوحده في مواجهة النفوذين الامريکي و الصهيوني، لکن اليوم، ليس بالامکان التصور بأن نفس الظروف و العوامل ستخدم نتنياهو وانه سيقوم بإنجاز مکسب سياسي و امني کالذي أنجزه بيغن للکيان الصهيوني، بل وان الکثير من المؤشرات تؤکد بأن نتنياهو أعجز مايکون أمام المرحلة الحالية سيما وان النظام الرسمي العربي قد أعد العدة اللازمة لمواجهة الغطرسة و التعجرف الصهيونيين و طرح رؤية واقعية و مثالية لحل و معالجة أزمة الشرق الاوسط بشهادة العديد من الاوساط السياسية العالمية وهو امر دفع نتنياهو للتراجع و تخفيف حدة لهجته و خطابه الموجهين کما انها دفعته أيضا لکي يتواضع أکثر بخصوص سقف مطاليبه السياسية و الامنية في الاتفاق المزمع عقده مع العرب.
ان نتنياهو و العديد من أقرانه و معاصريه من الساسة الصهاينة، يدرکون جيدا معنى وحدة الصف و الموقف العربي و يدرکون أکثر وقع و ردة فعل الدبلوماسية العربية على الاوساط السياسية و الاعلامية في الغرب و العالم وان الدبلوماسية الصهيونية لم تعد محتکرة الغرب و تسيره وفق إملائاتها السياسية و منافعها الخاصة وان الديبلوماسية العربية قد باتت بالمرصاد لهکذا تحرکات صهيونية غير منصفة و معادية لروح و جوهر الحقائق الموضوعية و التأريخية، وقد بات واضحا ان نتنياهو صار يدور في حلقة مفرغة تماما، إذ أنه و بعد کل تلك الوعود المتطرفة و اللاانسانية التي قطعها للناخبين، قد صار اليوم في موقف صعب جدا وهو يواجه العقلية السياسية العربية المتوحدة المتصدية للأطماع و النفوذ الصهيوني وانه لا يملك خيارا سوى المزيد من التراجع و الاخفاق و الانصياع للغة العقل و المنطق وان الايام القادمة لن تکون کسابقاتها في خدمة الاطماع و المشروع الصهيوني وسوف يثبت العرب للعالم أجمع من أن الحق لن يضيع أبدا طالما کان ورائه من يطالب به.
محمد علي الحسيني
*الامين العام للمجلس الاسلامي العربي في لبنان.
التعليقات