عبد الجبار العتابي
اخطر ما في الموضوع انك تطالب وزيرا بالاستقالة، على الرغم من انه يعلم انها واجبة، ولكن لماذا لايستقيل ويرفع يديه امام الناس معبرا لهم عن عدم قدرته في تأمين الكهرباء، واعلانه لهم انه يواجه صعوبات في تحقيق ذلك طوال المدة التي امضاها في وزارته، لكي لا يترك للاخرين حجة في التشكيك في امر ما، هذا الامر كما يقول المثل فيه (انّ) ونحن نضع كل يوم مليون انّ حتى اصبحنا لا نعرف الفرق بين هذه الـ (انّ) وتلك!!.
الكهرباء في العراق ولمدة ست سنوات، وهي الاخيرة في عراقنا الجديد، لم تتغير، كثيرة هي الاشياء التي تغيرت الا الكهرباء، فأمرها امر، على الرغم من انها الاكثر اهمية في واقع الحياة اليومية وعليها تقع حلول العديد من مشاكل البلد، بل كل مشاكل البلد ابتداء من الامن الى البطالة الى التعليم الى الوقود الى الحالة النفسية للمواطن الى الفوضى العارمة التي تعم البلاد بسبب مولدات الطاقة الصغيرة والكبيرة، والاسلاك التي تشوه وجه المدن الممتدة في كل مكان وصارت مثل نسيج العنكبوت،وتؤثر في حياة الناس سلبيا وتستنزف اموالهم وجهودهم، ولنا ان نعرف ان العديد من المواطنين تعرضوا للموت بسبب عدم وجود الكهرباء الوطنية، نتيجة استخدامهم للبنزين وتخزينهم له، واذن.. لماذا لايستقيل السيد الوزير، الذي لم يغير من حال الكهرباء ولو بقدر بسيط؟، على الرغم مما نسمع عن الاموال الهائلة التي تصرف على (الكهرباء)، السؤال جوابه عند الوزير فقط، والذين يؤمنون به والذين استوزروه،ولا اعتقد ان احدا منهم يمكنه الاجابة عنه لان مكاتبهم وبيوتهم المبردة المضاءة تمنحهم من الاسترخاء والانتعاش ما ينسيهم اي جواب، ولكن هناك التصريحات الكبيرة والكثيرة التي تخرج من اروقة الوزارة التي تجعلنا نستبشر خيرا ونفرح ونعتقد اننا مقبلون على تحسن، ولكنه تحسن طاريء سرعان ما يعود الى نقطة الصفر، يمزحون مع المواطن، لان المواطن نفسيته تعبانة وبحاجة الى مزاح، يعطونك نصف ساعة كهرباء ويقطعونها عن 23 ساعة ونصف، ويعتبرون هذا تكريما وانجازا ومفخرة، او انه يقال ان ما يحدث هو مثلما قال برنارد شو عن شعر رأسه ولحيته (غزارة في الانتاج وسوء في التوزيع) ولكن سوء التوزيع لن يصيب سوى المواطن الذي طبخته حرارة الصيف، وجمده برد الشتاء، وراح يلعن الظلام الذي لا تنفع معه كل الشموع ذات الرائحة الكريهة، حتى بات المواطن يكره قول السياب (حتى الظلام هناك اجمل فهو يحتضن العراق)، وقد كان هذا القول (يرد الروح).
من المؤسف ان يقال : ليس في العراق كهرباء، ومن المؤسف ان لاينزل الوزير الى الشارع ويصرخ بملء صوته انه مستقيل، ولكن ربما يخشى الرجل ان يفقد امتيازات التدفئة والتبريد والاضاءة التي يتمتع بها كونه وزير وزارة لا تنتج من الطاقة سوى امبيرات قليلة يتقاسمها مع الذين يؤمنون به والذين استوزروه، ولتطبخ الحرارة وتشوي المواطن الذي كل امنياته ان تمنحه الوزارة (فضلة خيرها) لتتحرك في بيته مروحة تقيه حر الصيف العراقي الذي لا يحتمل، بعد ان نفض يديه من الوعود والعهود وغسلهما الى (العكسين) وراح يدعو ربه ان يضيء لياليه بالقمر وان يخفف عنه حرارة الشمس، وان يعيده الى عصر ما قبل اديسون، كي يغتاظ وزير الكهرباء والذين وجوههم تحمر وتبيض من كثافة التبريد وعذوبة الاجواء التي يتمتعون بها.
اقول : ان الوزير لن يستقيل، ولن يقيله البرلمان غير مكتمل النصاب، ولا صباح الساعدي الذي يحارب بسيف من خشب، ولا (صاحبة الجلالة) التي اصابت اجزاء من عقلها الحماقة وراحت تتلهف للابتسامات التي يبعثها اليها مدير اعلام الوزير المضيئة بمئة فولت!!
التعليقات