محمد الحمامصي من مصر:يمثل كتاب (أهم مائة فيلم في السينما المصرية) الذي حرصت مكتبة الإسكندرية على أن يخرج إلي النور مع انتهاء عام 2007 بمناسبة مرور مائة عام على مولد السينما المصرية، موسوعة حقيقية لتاريخ أهم مائة فيلم مصري ، فقد قامت لجنة من كبار النقاد السينمائيين في مصر بانتقاء الأفلام التي تمثل شموخ وعظمة الفن المصري وتضم أعلام السينما المصرية ورموزها..الأفلام التي قدمت فنانين وفنيين أثبتوا مكانتهم ودورهم في قيادة الفن الجديد وأصبحوا قدوة ومثال يحتذى به في مجال صناعة السينما في العالم العربي.
كان مركز الفنون قد شكل لجنة من الخبراء لاختيار هذه الأفلام، وقد تشكلت من سمير فريد وأحمد الحضري وكمال رمزي، وبعد دراسات ومناقشات موسعة تم استبدال 18 فيلماً من القائمة الأصلية، ثم بدأت اللجنة بإعداد هذا الكتاب .
يضم هذا الإصدار بين دفتيه أهم مائة فيلم وليس أفضلها؛ فترتيب الأفلام المائة حسب سنوات الإنتاج وليس حسب الجودة، أي أنها الأفلام التي مثلت نقاط تحول أو نقاط امتياز فني، والغالبية منها جمعت بين الأمرين .
ويأتي هذا الإصدار القيم والثري، ليكون بمثابة شهادة تكريم وتقدير للمبدعين من رواد السينما المصرية، ووسام لكل من شارك في هذه الأفلام؛ فقد حرصت مكتبة الإسكندرية على أن يتضمن الجزء الخاص بكل فيلم في هذا الكتاب ذكر أكبر عدد ممكن من أسماء الفنانين والفنيين وباقي العاملين في هذا الفيلم بقدر ما يسمح به التوثيق بذلك، تمشياً مع الرغبة في الاعتراف بفضل كل من بنى لبنة في هذا البناء الضخم مهما كان دوره كبيراً أو صغيراً، هذا إلي جانب تلخيص قصة الفيلم وتقييمه لإظهار الأسباب من وراء اختيار هذا الفيلم ليكون كعلامة على الطريق.
هذا هو الكتاب الحادي والعشرين من سلسلة كتب quot;دراسات سينمائيةquot; التي يصدرها مركز الفنون بمكتبة الإسكندرية والتي يرأس تحريرها سمير فريد مستشار المكتبة لشئون السينما، وقد استغرق إعداد هذا الكتاب ما يقرب من عامين تحت إشراف أحمد الحضري، وشارك فيه عدد من أهم نقاد السينما في مصر.

غلاف الكتاب
قدم لهذا الكتاب المميز شيخ النقاد السينمائيين أحمد الحضري، وساهم في إعداد هذا الكتاب نخبة من نقاد السينما المصريين ومنهم كمال رمزي ومحمود علي وسمير فريد وسهام عبد السلام ود. رفيق الصبان وطارق الشناوي وفريال كامل وفريدة مرعي وفوزي سليمان ومصطفي درويش وهاشم النحاس.
ويواكب تدشين هذا الإصدار مرور خمس سنوات على افتتاح مكتبة الإسكندرية، وكذلك عام إنجاز مشروع عن تاريخ السينما في الإسكندرية قام به مركز دراسات البحر المتوسط في المكتبة. وقد ولدت السينما المصرية في الإسكندرية التي شهدت أول عرض لسينما توجراف لوميير عام 1896 وإنتاج أول فيلم عام 1907 .

ضمت القائمة أسماء مخرجين من مختلف أجيال مخرجي السينما المصرية : محمد كريم ، أحمد بدرخان ، نيازي مصطفي ، توجو مرزاخي ، فريتز كرامب ، كمال سليم ، يوسف وهبي ، كامل التلمساني ، أحمد كامل مرسي ، صلاح أبو سيف ، هنرى بركات ، فطين عبد الوهاب ، كمال الشيخ ، يوسف شاهين ، حسين فوزي ، عاطف سالم ، سعيد مرزوق ، محمد خان ، رأفت الميهي ، عاطف الطيب ، خيري بشارة ، داود عبد السيد ، ، هالة خليل ، أسامة فوزي ، مروان حامد وغيرهم .
يبدأ الكتاب بفيلم الوردة البيضا إخراج محمد كريم ، وبطولة محمد عبد الوهاب وسميرة خلوصي وتصوير آشيل بريمافيرا، وهو من إنتاج 1933، ومدته 120 دقيقة، وهو أول فيلم مصري ناطق بأكلمة. أما الفيلمان اللذان سبقاه في مجال الإنتاج السينمائي الناطق. وهما quot; أولاد الذواتquot; ( مارس 1932) وquot; أنشودة الفؤادquot; ( إبريل 1932 ) فقد كانا ناطقين في أجزاء قليلة من كل منهما فقط. وقد تم الاتفاق بين الموسيقار محمد عبد الوهاب والمخرج محمد كريم على أن يكون الفيلم ناطقا بأكمله ، وعلى أن يتم ذلك في فرنسا.
اما فيلم quot;عثمان وعليquot; فهو من تأليف وانتاج واخراج توجو مزراحي، ولهذا المخرج دور هام في تاريخ السينما المصرية ، فقد أخرج ثلاثين فيلماً قيما ما بين عامي 1930 و 1945، كما قام بالتمثيل في ثلاثة من أفلامه الأولى. وكان توجو قد اشترى مبنى سينما باكوس بالإسكندرية وحولها إلى ستوديو سينمائي لإنتاج الأفلام السينمائية . ويصل توجو في فيلمه رقم 13quot; عثمان وعليquot; إلى درجة ملحوظة من الإتقان.
وعلي الكسار البطل الكوميدي لهذا الفيلم، بدأ ظهوره في السينما المصرية في عام 1920 عندما قام بدور البطولة في الفيلم الروائي القصيرquot;الخالة الأمريكانيةquot;. ثم عاد للسينما بعد 15 عاما عندما ظهر في بطولة الفيلم الناطق quot; بواب العمارةquot; 1935. وفيلم quot;عثمان وعليquot; هو الفيلم السابع الذي يقوم ببطولته علي الكسار.
وفي هذا الفيلم يقوم علي الكسار بأداء دورين لرجلين متشابهين تماما. وإن كان الفارق الاجتماعي بين الرجلين كبير جداً، وينجح علي الكسار في أداء كل من الدورين بالرغم من اختلافهما.. عثمان عبد الباسط العامل البسيط المرح، وعلي بك المدير الثري الجاد الأنيق. وكان علي الكسار موفقا في إثارة الضحك وهو يقوم بدور عثمان العامل، وكذلك عندما اختلط الأمر وحل محل علي بك . وعلى سبيل المثال: عندما يسمع كلمة أسهم يقولquot; أسهم؟! ماحدش قاسهم! إنت قستهم يا بندق؟quot; وعندما يخبره السائق أن هناك عجلة نايمة في السيارة ، يقول له:quot; إنزل صحيهاquot;. أما في دور علي بك الأصلي فهو جاد تماماً .
ويذكر الناقد علي أبو شادي في كتابه quot; أبيض وأسودquot; عن هذا الفيلم quot; أعتقد أن لعلي الكسار شخصيا دورا في كتابة قصة هذا الفيلم بحيث يحقق له رغبة خاصة في أن يظهر في شخصية عثمان عبد الباسط البربري الفقير كما يقدمها على المسرح . ويسمح له الفيلم أيضاً بالظهور في ثوب آخر عصري مختلف واتخذ من اسمه الأصلي علي اسما للشخصية الثانية. وهكذا يقدم لنا عثمان عبد الباسط وعلي الكسار الحقيقي في فيلم واحد.

وتضم قائمة الأفلام المصرية فيلم quot; لاشين quot; الذي يعد أول فيلم مصري من نوع الإنتاج الضخم بمعنى الكلمة. فميزانية الفيلم زادت على ميزانية كل الأفلام التي سبقته، ومن بينها ميزانية الأفلام التي تناولت أحداثا في فترة تاريخية أيضاً ، مثل فيلم quot; شجرة الدرquot; 1935، وفيلمquot; ودادquot; 1936. فهنا عناية خاصة بالديكورات التي شيدت خصيصا لهذا الفيلم، وقد توفر هنا أيضا عدد هائل من الممثلين الرئيسيين وممثلي الأدوار الثانوية وممثلي المجاميع وما يتطلبه مثل هذا العدد من ملابس تنتمي إلي تلك الفترة التاريخية.
وفيلم quot; لاشينquot; أيضا هو أول فيلم سياسي في تاريخ السينما المصرية. إذ يتعرض للعلاقة بين الحاكم والمحكوم . وكيف أن عامة الشعب ثاروا عندما عانوا من المجاعة. بقيادة يوسف الفلاح، واتجهوا إلي مقر السلطان يطالبون بنصيب مما في مخازن الأغذية، ملتفين حول لا شين قائد الجيش الذي يتعاطف معهم، مما عرض الفيلم لمشاكل قاسية مع الرقابة في ذلك الحين.

وقد ضمن القائمة مجموعة من الأفلام التي قام ببطولتها الفنان القدير نجيب الريحاني، منها quot;لعبة الستquot;، وquot; غزل البناتquot;، وقد قال عميد الأدب العربي طه حسين تفسيراً لظاهرة الريحاني إثر وفاته quot; لقد أضحك المصريين ثلاثين عاما ضحكا نقيا سمحا بريئا حتى أنساهم أنفسهم، أضحكهم حين كانت حياتهم كلها خوفا وهما أنساهم هذا كله حين كانت الأزمات السياسية والاقتصادية تعصف بحياتهم العامة والخاصة.. سلاهم الريحاني عن هذا كله وأعانهم على احتماله. وهيأ لهم تجديد النشاط بعد أن كاد الفتور يدركهم ويرد إلى الذين كرهوا الحياة حب الحياة quot; ترى هل يظل نفس التفسير قائما على جيل هذه الأيام؟
ويعد فيلم quot; بداية ونهاية quot; أول الأفلام المأخوذة عن روايات أو قصص أديبنا الكبير نجيب محفوظ. وهي الأفلام التي بلغت أكثر من أربعين فيلما. وكان quot; بداية ونهايةquot; وما يزال من أكثرها أمانة في ترجمة النص الأدبي. وذلك بما فيها الفيلم المكسيكي المأخوذ عن نفس الرواية ويحمل العنوان.
ولا ينقص الفيلم كما في الرواية الإحساس الزمني والتاريخي للأحداث من خلال الديكور والملابس والإكسسوارات والأغاني التي نسمعها والإشارة إلى بعض الأحداث السياسية وقتها، ويؤكد الفيلم في أوله ذكر المرحلة بلوحه تحمل عنوان القاهرة 1936. قدم هذا الفيلم شخصيات جديدة على السينما المصرية لم يسبق معالجتها على نفس المستوى من العمق حتى ظهوره، وخاصة حسنين البرجوازي الصغير المتسلق الذي يحركه الطموح الطبقي وتحكم الأنانية تصرفاته.
وتختتم المائة فيلم بفيلم عمارة يعقوبيان إخراج مروان حامد، ومن إنتاج 2006 وهو بطولة عادل إمام ويسرا وهند صبري ، عن قصة علاء الأسواني، ومدته 178 دقيقة، وهو الفيلم الذي أثار جدلا كبيرا حيث يعبر عن الفساد والانحراف في مجتمعنا. ويذيل الكتاب كشافاً بأسماء الأفلام المائة مرتبة حسب الحروف الهجائية، تسهيلاً على القارئ إذا أراد الرجوع لفيلم معين منها في أي وقت. كما أنه يضم لقطات لأهم المشاهد في هذه الأفلام .


الكتاب : أهم مائة فيلم في السينما المصرية.
المحرر: أحمد الحضري.
سلسلة : دراسات سينمائية (21) .
عدد الصفحات: 409صفحة.
الناشر: مكتبة الإسكندرية 2007.