فيصل عبد الحسن من الرباط: منذ تأسيس quot;نادي مرتيل للسينما والثقافةquot; عام 1995 في مدينة مرتيل المغربية، ومنظموه يحاولون خلق شراكة مع محيط نادي مرتيل السينمائيالمغرب من الدول المجاورة، فمرتيل المدينة الساحلية، التي توصف بأنها مدينة سياحية مغربية فريدة، وذات موقع جغرافي جذاب، وأيضا تميزها بمناخ له مزايا منطقة التقاء البحرين، البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، فيلطف ذلك من حرارة الصيف، ويجعل الرطوبة قليلة، كونها إضافة إلى ذلك قريبة من أسبانيا، إذ لا يفصل بينهما سوى مضيق جبل طارق، مما خلق نوعا من العلاقات والأواصر بين الأوروبيين الذين يقصدون هذه المدينة للسياحة صيفا، وأهل هذه المدينة من المغاربة، لذا فقد ارتأى منظمو المهرجان أن يكرموا هذه السنة السينما الناطقة باللغة اللاتينية، وستكون فترة المهرجان التاسع من 29 يونيو الحالي ولغاية 4 يوليو 2009، القادم، وسيتم تكريم السينما المغربية، والسينما الإسبانية وسينما أمريكا اللاتينية وذكر بيان صادر عن النادي، أن التظاهرة مفتوحة في وجه الأفلام الروائية القصيرة، واشترطت أن يكون إنتاجها قد تم ما بين سنتي 2008 و2009، مشيرة إلى أن طلبات مشاركة لهذه الأفلام في الدورة يجب أن تسلم إلى النادي قبل 30 مارس الماضي.

وسائل رخيصة
وقد سبق للنادي أن نظم عدة لقاءات ثقافية، كما نظم دورات تدريبية في كتابة السيناريو والمونتاج والتصوير ومكونات السرد والاقتباس واللغة السينمائية، بوستر مهرجان مارتيل السينمائيوقد جاء أيضا في برنامج الدورة الجديدة للمهرجان تكريم المخرج السينمائي محمد إسماعيل الذي أخرج قبل سنتين فيلما عده النقاد في المغرب وخارج المغرب، مجاملا للصهيونية العالمية، ووسيلة رخيصة لكسب الدعم المالي من مراكز الدعم السينمائية الفرنسية من خلال فيلمه quot;وداعا أمهاتquot; الذي أثار لغطا كثيرا في الشارع المغربي عند عرضه، وقد تناول فيه هجرة اليهود المغاربة في الستينات من المغرب إلى إسرائيل، وستكون هناك أيضا ندوة حول أعمال المخرج الراحل حسن المفتي، إضافة إلى ندوة ثانية في موضوع quot;تمثل الآخر في السينما الأسبانيةquot; وسيتم تكريم السينما الكولومبية، وقد وضح مدير مهرجان مرتيل أيوب الانجري البغدادي في بيان النادي إلى أن المهرجان سيصدر في دورته الجديدة عددين من منشوراته، العدد الأول خصص لتجربة مصطفى الدرقاوي، فيما يتمحور العدد الثاني حول تجربة المخرج محمد إسماعيل، كذلك سيشارك في المهرجان خمسون فيلما، منوعا بين الروائي الطويل والقصير والوثائقي، وستتنافس هذه الأفلام على جوائز المهرجان، وسيعرض على هامش المهرجان أكثر من ستين فيلما.كانت الجائزة الكبرى للدورة السابقة، في فئة الأفلام القصيرة، قد أعطيت للفيلم المغربي quot;سلام وديمطانquot; للمخرج محمد أمين العمراوي، فيما آلت الجائزة الكبرى للمهرجان من فئة الأفلام الوثائقية، لكل من فيلم quot;الثوار الجددquot; للمخرجة المغربية بشرى إيجورك، وفيلم quot;بانشو فياquot; للمخرج المكسيكي فرانسيسكو طابووادا طابون، وتميزت الدورة الماضية، التي حضرها عدد من رواد الفن السابع، ورجال الفكر والثقافة من المغرب والخارج، وبلغت مجموع جوائزها 70 ألف درهم quot; الدولار يساوي 8 درهم مغربيquot; ، بتكريم الممثل الاسباني ألبرتو غونزاليس، مع عرض فقرات من أعماله السينمائية، وتكريم المخرج المغربي سعد الشرايبي مع تقديم مجموعة من زملائه الفنانين والنقاد السينمائيين، الذين رافقوه في رحلته السينمائية شهادات عنه، وإطلاق اسم المخرج المغربي مصطفى الدرقاوي على أحد شوارع مدينة مرتيل في أول بادرة من نوعها في شمال المغرب.

أفلام أثارت لغطا
أشار الكثيرون في الوسط السينمائي المغربي إلى أن تكريم المخرج محمد إسماعيل في هذه الدورة يعود لإخراجه فيلم quot;وداعا أمهاتquot; واعتبروا انه يضاف إلى عدد من الأفلام التي حاولت الخوض في العلاقة بين المسلمين واليهود المغاربة، وتناولت في ثنايا ذلك هجرة اليهود إلى إسرائيل، إذ تناول المخرج لقطة من فيلم وداعاً أمهاتحسن بنجلون، في فيلمه quot;فين ماشي يا موشيquot; هذه الثيمة، أو ما سماه بالحركة الكبرى لليهود المغاربة عقب استقلال المغرب من الاحتلال الفرنسي، وهجرتهم إلى إسرائيل بصورة رئيسية وباتجاه بلدان أوروبية مثل كندا وفرنسا وإسبانيا وبريطانيا. وقد كانت معالجة بن جلون للموضوع معالجة نابعة من فهم طبقي وتاريخي، لهذه الفئة من الشعب المغربي، والكثيرون ممن اعترضوا على السينمائيين المغاربة إيلاء هذا الموضوع كل هذه الأهمية، بينما عدد نفوس اليهود المغاربة في المغرب لا يتجاوز الـ6000 نسمة، وسط ثلاثين مليون من المسلمين المغاربة الذين يمكن للمخرجين المغاربة أن يجدوا في محيطهم الكثير من البؤر التي تحتاج إلى تركيز العدسات السينمائية صوبها، كبؤرة الفقر، والهجرة السرية، والمخدرات التي تعصف بجيل من الشباب المغربي، وكذلك حاجة المجتمع المغربي لخلق المعادل الموضوعي في خلق النموذج المكافح للفتاة المغربية، بدلا من طرح النموذج المبتذل للفتاة المغربية، الذي إستهلكه المخرجون المغاربة، طمعا بالحصول على مساعدة مالية مريبة تأتيهم من هذا النادي السينمائي الأجنبي، أو هذه المجموعة الأثنية التي تريد لصق كل الصفات المسيئة بالمرأة المغربية، والمجتمع المغربي المسلم، المحافظ على التقاليد الأصيلة، كالعذرية، والحجاب، والنظر إلى الحياة عبر رؤية أخلاقية محافظة، أو طرح سينما بونوغرافية، تعتمد على المشاهد الجنسية، ولا تتورع في الخوض في أدق الخصوصيات في العلاقة بين الرجل وزوجته، من أجل جمهور مراهق يبحث عن فرصة للتعبير عن كبته الجنسي، وخوائه العاطفي، وهناك تجربة أخرى أحيطت أيضا بالكثير من اللغط والتشكيك بنوايا المخرجة من قبل الجمهور المغربي، الذكي والذواق لما ينتجه الفن السابع في المغرب، ونعني هنا المخرجة ليلى المراكشي، التي فتحت بفيلمها quot;ماروكquot; الذي يحكي قصة حب بين شاب يهودي وفتاة مغربية من أسرة أرستقراطية، نقاشات حول الدين، وعلاقة اليهود بالمسلمين، بين أفراد الجمهور الذي تابع الفيلم في حين أن المخرجة ليلى المراكشي، ظلت مصرة على رأيها بأنها، صاحبة رؤيا في هذا الفيلم نظرت من خلالها إلى أن الفيلم دعوة إلى التعايش والتسامح، ويبدو أن أعطاء أهمية لفئة صغيرة عدديا من الشعب المغربي، وتعيش في مناطق الأغنياء، وهي في العادة مناطق مقفلة، ولا يحتك بها القسم الأكبر من الشعب المغربي، ولا يشعر بوجودها، أصلا، والتركيز عليها بعدة أفلام سينمائية في وقت واحد، أو في فترات متقاربة، سيخلق ردة فعل عكسية عند الجمهور، معارضة تماما للأهداف التي توخاها أولئك الذين يقدمون الدعم المالي لتشجيع مخرجين شباب ليدلوا بدلوهم في اختراع مشاكل وهمية، لفئة من الشعب المغربي تعيش جنبا إلى جنب بسلام وأمان في المغرب منذ القديم.

هجرة لإسرائيل
كتبت سيناريو فيلم quot;وداعا امهاتquot; الكاتبة رين دنان، وهي يهودية مغربية، وقد تناولت طبيعة العلاقة بين أسرتين مسلمة و يهودية من خلال جوارهما في السكن، والصداقة التي جمعت بينهما، والفيلم يتناول العلاقات الأخوية بين الجارين والمبادرات الاجتماعية التي تصور الوفاء والتعايش وتقبل الآخر، من المخرج المغربي محمد إسماعيلخلال أرث حضاري ممتد في الزمن، لعدة قرون بين الديانتين، فتنشأ علاقة حب بين الشاب مسلم والفتاة اليهودية، لكنها ستنتهي منذ البداية بـأثير الوالدين المحافظين، وسيتابع المتفرج أحداثا تجمع بين الدراما والكوميديا، ثم ستخضع العائلة اليهودية لضغوط كبيرة من قبل الجماعات الصهيونية، للهجرة لإسرائيل بضغط وتوجيه من قبل مصالح الهجرة الإسرائيلية، وستنتهي بمغامرة لتهجير عائلات يهودية مغربية في باخرة عبر البحر ولكن تلك العائلات لا تصل أبدا إلى الوجهة التي اختارتها.
تدور أحداث قصة فيلمquot; وداع أمهاتquot; بداية عقد الستينات من القرن الماضي حينما هاجر عدد كبير من اليهود المغاربة بطريقة سرية إلى إسرائيل بتخطيط وأشراف وضغط من قبل شبكات الهجرة الصهيونية الدولية، أما بالنسبة لأسئلة عن كيف عاش هؤلاء اليهود المغاربة بين جيرانهم المسلمين؟ أو كيف تم إقناعهم بالهجرة إلىquot;الأرض الموعودةquot;؟ وهي جميعا أسئلة حاول المخرج المغربي محمد إسماعيل الإجابة عنها في فيلمه، من خلال حكايات واقعية لأسر يهودية ومسلمة عاشت في تلك الحقبة، وقد أدى أدوار الفيلم ممثلون مغاربة معروفون، مثل رشيد الوالي، وحفيظة الكسوي، حميدو، ونزهة الركراكي، وعمر شنبوط،، وسعاد وغيرهم، وأجانب مثل مارك صامويل، وراشيل اوث، وكريستيان درييو،
وكان في الفيلم أكثر من خمسين دورا متكلما.

التكريم مسؤولية
لا شيء يترك تأثيرات خطيرة على الرأي العام والجمهور مثل الدراما السينمائية والتلفزيونية، خصوصا إذا تم تكريمها في مهرجان له جمهوره، ونقاده وسمعته الطيبة، فالتكريم في مثل هذه المهرجانات مسؤولية كبيرة تقع على عاتق منظميه، كونها تؤكد وجهة نظر أصحاب تلك الأفلام، وما يقدمونه لجمهور واسع ومتنوع، وهو ما انتبهت إليه أوساط الضغط الأمريكية، والصهيونية العالمية، وعبرت عنه أفلام هوليوود، وقد أنتجت عشرات الأفلام المسيئة لقضايا الشعوب، وحركات التحرر الوطني ابتداء من قضايا التحرر الوطني العربي على طريقة فيلم quot;لورنس العربquot; والأفلام التي تناولت قضية فلسطين واجتثاث الهنود الحمر وquot;أفلام رامبوquot;التي حاولت أن تضع نصرا سينمائيا لحرب خسرتها أمريكا في فيتنام، وبذلت ما تستطيعه لتفوز هذه الأفلام في مسابقات، وان يكرم مخرجوها في مهرجانات دولية، لغرض واحد هو تسويق تلك الأفلام، وجعلها مصدرا لتغذية اللاشعور لدى مواطني شعوب العالم الثالث لئلا تتمثل تلك التجارب الحية التي عاشتها الشعوب المتحررة وتعيد أنتاجها في تجارب حية جديدة.
[email protected]