رام الله: quot;الزمن الباقيquot; فيلم روائي للمخرج الفلسطيني ايليا سليمان يقدم فيه سيرته الذاتية يسرد عبرها بطريقة فنية ما شهدته الأراضي الفلسطينية منذ عام 1948 الى يومنا هذا من أحداث.
وقال سليمان لرويترز بعد عرض فيلمه ليل يوم الجمعة ومدته 109 دقائق على مسرح وسينماتك القصبة في رام الله ليكون العرض الأول بعد مشاركة الفيلم في مهرجان كان السينمائي الأخير quot;لقد احتاج هذه العمل لسنوات كانت البداية منذ العام 2005 واقدم فيه عرضا لمراحل من حياتنا منذ العام 1948 ... إنه سيرة ذاتية عشتها واستمعت الى حكاياتها من أمي وأبي وأخرى بحثت عنها.quot;
ويأخذ سليمان جمهوره في بداية الفيلم الى الأيام الأولى من معارك عام 1948 التي جرت بين الفلسطينيين واليهود وشارك فيها مقاتلون عرب. يقدم المخرج جندياً عراقياً نموذجاً في مشهد يحمل تراجيديا سوداء يكون فيها مجموعة من الشبان المسلحين الجالسين على قهوة ويمر عليهم الجندي الذي يقول إنه من جيش الانقاذ ويريد التوجه الى طبريا للدفاع عنها ولكنه لا يعرف بأي اتجاه تكون.
ويستحضر المخرج مشاهد من هرب المقاتلين العرب وارتداء المقاتلين اليهود لملابسهم واقتحام المدن واعتقال المواطنين فيها وقتل اخرين ويقدم مشاهد مختصرة تروي كيف ترك الناس منازلهم ورحلوا عنها على أمل العودة اليها بعد أيام.
ويقدم الفيلم صورة معقدة لحياة الفلسطينيين الذي بقوا في اسرائيل ليصبحوا أقلية فيها يتعلم أطفالهم النشيد الوطني الاسرائيلي باللغة العبرية ويرفعون علمها ويعمل مدير مدرسة على تأنيب تلميذ لأنه يقول quot;إن امريكا دولة امبرياليةquot;.
الممثل عامر حليحل شارك في الفيلم بمشهدين قصيرين احدهما دور فلسطيني قرر أن يغادر بيته الى الأردن بعد حرب 1948 لأيام فقط حتى تهدأ الاوضاع ويعود. وقال حليحل quot;ما يقدمه الفيلم من ضياع الشخصية وفقدان الهوية عشته أنا عندما كنت طالبا فقد وقفت هذه الوقفة quot;ترديد النشيد الوطني الاسرائيليquot; في المدرسة. يحتاج الأمر الى وقت كي تكبر وتدرك ما جرى ويجري من حولك.quot;
ويقدم المخرج مسؤولاً اسرائيلياً يحظى بالترحيب والاحترام عند زيارته للمدرسة التي يتعلم فيها الفلسطينيون النشيد الوطني الاسرائيلي ولا ينسى أن يلقي خطاباً يشيد فيه quot;بديمقراطية اسرائيل واحترامها لحقوق الاقلية العربية فيها.quot;
وينتقل الفيلم الى مرحلة أخرى يكبر فيها التلاميذ ويبدأون مواجهة قوات الجيش والشرطة ويرفعون الاعلام الفلسطينية ويختار المخرج مناسبة quot;يوم الارضquot; الذي تعود أحداثه الى الثلاثين من مارس اذار عام 1976 عندما اندلعت مظاهرات الاحتجاج على مصادرة أراضٍ تعود ملكيتها للفلسطينيين في منطقة الجليل سقط فيها عدد من الضحايا بين قتيل وجريح. ويعمل الفلسطينيون على إحياء هذه الذكرى كل عام.
واختار ايليا سليمان الذي يظهر كممثل في النصف الثاني من الفيلم أن يكون صامتاً مقدما للجمهور مشاهد يكون الصمت فيها ابلغ من كل الكلام. وحول ذلك قال لرويترز quot;الصمت لغة سينمائية وهو نوع من التحدي وهو لحظة حقيقة وفيه تهميش للذات وكي لا تكون حكواتيا.quot;
وتعكس المشاهد التي يظهر فيها سليمان صامتاً لحظات تدعو الى التامل مثل المشهد الذي يكون فيه جالسا على مدخل مستشفى ويتحدث الخارجين والداخلين عن سبب اصاباتهم.
ويربط المخرج عبر رحلة قصيرة الى رام الله حياة الفلسطينيين ببعضهم البعض ويقدم مشهدا من المواجهة بين شبان فلسطينيين يقذفون الحجارة على الجنود الاسرائيليين واخر لشاب يمر أمام دبابة تلاحقه بمدفعها من دون أن يعيرها أي انتباه فيما يدعو صديقه للمشاركة في حفل صاخب في احد مطاعم المدينة.
ويقدم الفيلم تناقضاً آخر في حياة الفلسطينيين يتلخص في مشهد المواجهة مع الجيش الاسرائيلي وفي الليل يقدم مشهدا لحفل صاخب يشارك فيه شبان وشابات فيما تكون سيارة للجيش الاسرائيلي تنادي بحظر التجول في رام الله.
ويحظى المشهد الاخير للفيلم بتصفيق حاد للجمهور عندما يقف ايليا سليمان أمام الجدار الذي تقيمه اسرائيل على الأراضي الفلسطينية ويصل ارتفاع اجزاء منه الى ما يزيد عن الثمانية أمتار وبعد لحظات من التفكير يقفز على الجهة المقابلة باستعمال عصا الزان التي يستخدمها الرياضيون في رياضة القفز.
وقال سليمان أن العرض الثاني للفيلم الذي يهديه الى روح أبيه وأمه سيكون اليوم السبت في الناصرة حيث صورت معظم مشاهد الفيلم قبل أن ينطلق في جولة عروض خارجية ستبدأ من فرنسا إضافة الى المشاركة بعدد من المهرجانات الدولية.
وقال جورج خليفة المخرج والممثل الفلسطيني في تقديمه للفيلم ليل يوم الجمعة quot;أفلام ايليا سليمان أصبحت حدثاً على مستوى السينما العالمية يواصل فيها بطريقته الخاصة عرض القصة الفلسطينية بحساسية عالية.quot;