محمد الامين من أمستردام: المخرج الايراني علي كريمتتلخص المشاركة الايرانية في الدورة السادسة والستين من المهرجان فينيسيا السينمائي الدولي بثلاثة أفلام روائية لثلاثة أسماء شابة تعيش خارج ايران تقدم أول أعمالها السينمائية وهي فيلم quot;الحفرةquot; للمخرج الايراني المقيم في أميركا علي كريم، وquot;تهرونquot; للمخرج الايراني المقيم في فرنسا نادر تكميل وفيلمquot; نساء بدون رجالquot; للمخرجة الايرانية المقيمة في أميركا شيرين نشاط.
و باختيار أسماء شابة من خارج ايران، تكون ادارة مهرجان فينيسيا قد فتحت بابا آخر أمام التجارب الشابة الجديدة في السينما الايرانية، من جهة، وفسحت فرصة للسينما الايرانية في المهجرين الاوروبي والأميركي، فالأفلام الثلاثة هذه تقدم رؤية مخرجين شباب تبلورت تجربتهم الحياتية والفنية في المهجر ولاشك في أن تمايز رؤيتهم الفكرية في معالجة الحدث الاجتماعي عن مخرجين ايرانيين مقيمين في داخل البلاد يضع المشاهد أمام سينما ايرانية مختلفة، ومتحررة الى حد ما من الشروط التي تحكم صناعة السينما في داخل ايران.

تهرون والتسول في طهران
ارتأى المخرج الايراني نادر تكميل همايون أن يؤطر تجربته السينمائية ضمن نطاق سينما المدينة المنفتحةعلى المعضلات الاجتماعية المتعددة وهي تجربة ابتدأها وأثراها في السينما الايرانية كل من المخرج دارريوش مهرجويي، فيلم quot;الجهة الاخرى من النارquot; وفيلم quot;دائرة ميناquot; و المخرج فريدون غله في فيلمه quot;خليةquot; والمخرج نادر ابراهيمي في فيلميه quot;وداعا أيها الصديق quot; و quot;المأزقquot;.
يتناول فيلم quot;تهرونquot; حياة شاب في الثامنة والعشرين من العمر quot;ابراهيمquot; يقدم الى العاصمة طهران بحثا عن فرصة عمل، وبعد محاولات يائسة يضطر إلى التسول في شوارع طهران بعد أن إستأجر طفلا رضيعا لكسب عطف المارة، فيما تنتظره زوجته الحبلى في مسقط رأسه. لقطة من فيلم تهرون
وفي حديث لـquot;إيلافquot; قال المخرج نادر تكميل همايون:quot; يتضمن الفيلم مشاهد عنيفة لم يألفها المتابع للسينما الايرانية، لم يكن هدفي مخاطبة عيون المشاهدين الذين اعتادوا المشاهد الخلابة في السينما الايرانية ولم أسعَ لإضفاء مسحة من السعادة على بؤس شخصيات الفيلم، ولا أخفي أنني أقدم وجهة نظري الشخصية عن جانب من حياة الايرانيين في السنوات الأربع الأخيرة، لا أعتقد ان المخرج الايراني المقيم في خارج ايران يتمتع بحرية أكبر في تناول المعضلات الاجتماعية إن صمم على العمل في داخل ايران، فهو ملزم بعدم الخروج عن القوانين والمقررات التي تحكم المجال السينمائي هناك وربما عليه أن يكون أكثر حذرا في تطبيقها لئلا يتهم بتقديم صورة مشوهة عن الواقع، شخصيا لا أعتقد أن الكاميرا تستطيع أن تقدم تقييما عن واقع المجتمع الايراني فهو أكثر تعقيدا بذلك بكثير، لا سينمائيا ولاتنظيرا فكريا يمكن تقديم تقييم لمجتمع يعج بالمفارقاتquot;.

حفرة الاحتيال
لقطة من فيلم الحفرةفيلم quot;الحفرةquot; للمخرج الايراني المقيم في أميركا علي كريم، تدور حول حياة رجل لا يجد وسيلة للعيش سوى الاحتيال على الآخرين، من خلال حفر حفرة في جادة في طريق صحراوية، تسبب الأضرار بالسيارات التي تقع فيها، ما يدفع سائقيها الى طلب المساعدة من أقرب محل لتعمير السيارات، أي المحل العائد اليه. ويعرض الفيلم في قسم أسبوع النقاد.
بخصوص فيلميquot; الحفرةquot; وquot;تهرونquot; يرى السيناريست الايراني بابك كريمي:quot; ان الفيلمين يمثلان جيلا جديدا يشق طريقه على نحو يتمايز مع الاسماء الكبرى في السينما الايرانية، ويسعى هذا الجيل أن يقدم نتاجا سينمائيا مستقلا، بالاعتماد على التقنيات الحديثة بما فيها كاميرا الديجيتال. ويضيف كريمي:quot; لم يعد هذا الجيل هامشيا في السينما الايرانية، وقد قدم افلاما مختلفة خاطبت وعالجت قضايا جميع الشرائح الايرانية، ما يشير الى ان التغيير الذي طرأ على السينما الايرانية هو تغيير جذريquot;.

رجال من دون نساء
quot;رجال بدون نساءquot; هو الفيلم الروائي الأول للمصورة الفوتوغرافية والمخرجةالسينمائية الايرانية المقيمة في نيويورك شيرين نشاط، الفيلم مقتبس من كتاب بالعنوان نفسه للكاتبة الايرانية شهنوش بارسي بور، وتدور أحداثه حول حياة خمس نساء يواجهن مشقات وتحديات الحياة في خضم الأحداثلقطة من فيلم نساء بدون رجالالسياسية والاجتماعية الساخنة التي خيمت على المجتمع الايراني عقب الانقلاب الذي أطاح بحكومة محمد مصدق في العام 1953، الفيلم يشارك في المسابقة الرئيسة لمهرجان البندقية، ويتنافس الى جنب افلام ايرانية و أجنبية أخرى على جائزة الأسد الذهبي لأول عمل سينمائي روائي، وقد تم تصوير مشاهد من الفيلم في مدينة الدار البيضاء في المغرب بسبب وجود مواقع متشابهة عمرانية في المدينتين.
تسعى نشاط الى تطويع الأسئلة المقلقة المرتبطة بالهوية والمنفى والحلم بالمدينة الفاضلة من منظور واقعي وشفاف، يجرد الموضوعات الكبرى من عنصر التهويل، وبقول آخر لاتهدف المشاهد الشاعرية في الفيلم الى التحايل على المواجهة الجريئة مع المعضلات الفكرية الاساسية في حياة الأشخاص بقدر ما تحاول تقديم ترسيمات بصرية لها.

[email protected]