عرض مسرحي لرائعة محمود درويش (ذاكرة للنسيان) في رام الله
علي صوافطة من رام الله:
quot;حديد يعوي وحمى المعادن نشيد هذا الفجرquot;.. عبارة كتبها الشاعر الفلسطيني محمود درويش في يوم من ايام شهر اغسطس اب عام 1982 في لبنان.
أعاد عرض هذه العبارة تمثيلا مساء السبت ضمن عرض مسرحي لرائعة محمود درويش (ذاكرة للنسيان) الممثل والمخرج المسرحي الفلسطيني فرانسوا ابو سالم على مسرح وسينما القصبة في رام الله بالضفة الغربية.
يطل ابو سالم على جمهورهوسط ممر ضيق بين جدارين من القماش الابيض وهو ممدد فوق عشرات الكتب المبعثرة في الممر ينفض الغبار عن جسده على خلفية اصوات انفجارات تهز المكان وليصرخ بعد ذلك قائلا quot;حديد يعوي وحمى المعادن نشيد هذا الفجرquot;.
وقال ابو سالم لرويترز بعد عرض مسرحي بطريقة مسرح المونودراما أو مسرح الممثل الواحد الذي تضمن مقاطع من (ذاكرة للنسيان) quot;لقد اخترت ذلك المقطع الانساني من الكتاب الرائع والشيق ذاكرة للنسيان الذي يجسد ذلك الانسان الذي يحاول ان يشغل نفسه بالتفكير في فنجان قهوة في وقت تتساقط فيه القذائف الى جواره من البر والبحر والسماء.quot;
وأضاف quot;اختيار ذاكرة للنسيان لتقديمها في عرض مسرحي كان بسبب وحدة المكان والزمان وهي نص نثري قريب على روح الناس.quot;
وكتب درويش (ذاكرة للنسيان) الذي يصفه البعض بانه تجسيد لتلك المرحلة التي عاشها لبنان خلال فترة الاجتياح الاسرائيلي عام 1982 مع تفاصيل تلك المرحلة اضافة الى اوضاع اللاجئين الفلسطينيين.
يسخر ابو سالم جسده للتعبير بطريقة تعطي النص المسرحي الذي أخرجه بالتعاون مع المخرج الفلسطيني عامر خليل الحياة ليعود بالجمهور الى تلك الايام وقال quot;ذاكرة للنسيان لا تعني نسيان الماضي فهو لا يمكن نسيانه ولكنها دعوة لنسيان الألم كي تستمر الحياة.quot;
يقدم ابو سالم الممثل والمخرج المسرحي العائد للاقامة في الاراضي الفلسطينية بعد خمسة عشر عاما من الغياب للعمل على تأسيس فريق مسرحي يساهم في الحركة المسرحية الفلسطينية بجيل جديد من المخرجين والممثلين هذا العمل كما قال quot;ليرى الناس الامور على الواقع فكما قال درويش لا أرى ساحلا ولا أرى حمامة ونحن اليوم كذلك لانرى ساحلا ولا نرى حمامة ولكن اريد للامل ان يبقى.quot;
وأضاف يصف الواقع الفلسطيني quot;نحن الان في مأزق صحيح اننا قدمنا وضحينا ولدينا قدرات نحن لسنا منتصرين الان يجب ان نكون صريحين مع انفسنا.quot;
وتابع قائلا quot;ان صنع فنجان قهوة وانت تحت القصف والدمار قد يقودك من بيروت الى حيفا.quot;
ومن الاوصاف التي يقدمها درويش لأيام الحرب تلك ويرويها ابو سالم quot;صرت أقيس المسافة الزمنية بين قذيفتين ثانية واحدة.. ثانية واحدة أقصر من المسافة بين الزفير والشهيق أقصر من المسافة بين دقتي قلب.. ثانية واحدة لا تكفي لان أصب الماء في الغلاية ثانية واحدة لا تكفي لاشعال عود الثقاب.. ولكن ثانية واحدة تكفي لان أحترق.quot;
ويضيف صارخا quot;أريد رائحة القهوة اريد خمس دقائق.. اريد هدنة خمس دقائق من اجل القهوة لم يعد لي مطلب شخصي سوى اعداد فنجان قهوة.quot;
وينتقل الممثل بعد ذلك للحديث عن وصف الموت والجنازة التي يريد واصناف الورد الذي يحب ليكون هذا الوداع جميلا بعكس اللقاء.
ويستعرض أوضاع الفلسطينيين في لبنان قائلا quot;من يحميهم لستم من هنا... ممنوعون من العمل والمساواة مطالبون ان يصفقوا لقمعهم لانه يوفر لهم نعمة الذاكرة... عليه ان يصاب بالسل كي لا ينسى ان له رئة... يمنع من التوطين كي لا ينسى فلسطين.quot;
وبعد عرض نصوص تتحدث عما جرى عند دخول القوات الاسرائيلية الى لبنان وما كان له من استقبال من بعض اللبنانين لينتقل بعد ذلك في وصف الى حيفا الى جبل الكرمل في وصف دقيق الى ذلك المكان الذي كان يسكن يسير بك في شوارع حيفا وأزقتها يصعد بك درجات وينزل بك اخرى حتى يصل الى ذلك البيت الذي يريد ان ينام على بلاطه ساعات.
ويختتم ابو سالم عرضه المسرحي الذي اقيم بدعم من المركز الثقافي الفرنسي في القدس ومؤسسة عبد المحسن قطان بالعبارة التي بدأ بها حديد يعوي وحمى المعادن نشيد هذا الفجر.
وقال ابو سالم انه يستعد في ربيع عام 2008 لتقديم مجموعة من العروض المسرحية في فرنسا وبلجيكا باللغة الفرنسية quot;ساعمل تماما مثلما عملت مع النص العربي ساخذ جزءا من النص الفرنسي الذي ترجمت اليه ذاكرة النسيان لاقدمها لجمهور فرنسا وبلجيكا.quot;
وسبق ان عرضت هذه المسرحية في تونس اضافة الى عروض في مدن نابلس والخليل بالضفة الغربية.
ويستعد ابو سالم لانتاج عمل مسرحي جديد قال انه سيكون عن انطباعاته بعد خمسة عشر عاما من الغياب دون ان يعطي اي تفاصيل عن هذا العمل المسرحي الجديد.

رويترز