جديد الدكتور خالد السلطاني: تناص معماري: تنويعات على تطبيقات المفهوم

صدر للمعماري العراقي الدكتور خالد السلطاني كتاب جديد يتناول أعمال المعماريين الدانماركيين في البلدان العربية، خنا نص خاتمة الكتاب فهي تلقي الضور على عاية الكتاب ومضمونه:
quot;تعد فعالية quot;التناصquot; Intertextuality وآليات التأويل مع منجز الثقافات المغايرة والمختلفة اثنيا ً وجغرافيا ً في مفهومها الابداعي، كوسيلة ناجعة وهامة في تنوع مسارات quot; حوار الحضارات quot;، الحوار الذي طالما سعت اليه البشرية وتمثلته ميدانا فسيحا لتنوع خلاق من دون حواجز ومن دون اوهام، يمكن لها ان تعيق حدوثه او تعرقل تبعاته. فالعصر الحداثي المنطوي على الزمن المتسارع والمكان المفتوح الذي توفره الثورة العلمية الرقمية الراهنة وفتوحاتها الكونية واختراعاتها التقنية هي سمات لواقع ملموس وليس افتراضياً، ومن الصعب بمكان الان تجاهل هذه الحقيقة او انكارها او تغييبها.
والعمارة بصفتها منتجا ً تقنيا ًٍ وثقافيا لايمكن لها باي حال من الاحوال ان تظل بمنأي عن تلك الحقيقة ومتغربة عن هذا الواقع الجديد. ولئن اعتبرت التقنية كونها ظاهرة عالمية مشاعة للجميع ومستنبطة من قبل الجميع وبالتالي فانها مفهومة وقريبة من الجميع؛ فان الجانب الاخر المشكل للعمارة، الجانب المعتمد على مرجعيات ثقافية مختلفة، هو المعني في اكساب المنتج المعماري ما يدعى الان بـظاهرة quot; التنوع الخلاق quot;؛ ويجعل من الفعل المعماري حدثا ً مرتبطا ً بمكانه وقريب جدا من بيئته الثقافية، ويعمل منه بالاخير حدثا مفهوما ومقبولا. بيد ان هذه الخصوصية للمنتج المعماري الدالة على فرادته المعمارية وتنوع لغته التصميمة، يتعين ان لا تكون موضوعا لتراتبات فكرية او مجالا لتمركزات ثقافية تهدف لان تؤسس لنفسها بما يسميه quot; جابر عصفور quot; lt; بالثنائية الضدية gt; والتى تعمل على انشاء مواقع خاصة بـquot; المركز quot; واخرى بـ quot; الاطراف quot; متضادة من منظور القيمة والاهمية.
وحده مسار quot; حوار الحضارات quot; لا صراعها مؤهل لان يحل محل الثنائية الضدية وتبعاتها السلبية المغيبة للاخر واللاغية له ولمنجزه الابداعي. واطروحة quot; الحوار مع الاخرquot; هو الوجة الاخر للتنوع والتعدد، الذي يجعل من quot; التناص quot; وفعله الابداعي عاملا مؤثرا في ترسيخ هذا الحوار في الخطاب الثقافي العالمي وبضمنها بالطبع المنتج المعماري. ونرى في خصوصية هذه الفعالية التى وردت الى العمارة من آليات النقد الادبي الحدائي، فعالية تسعى من جانب، الى ابداء الاحترام والقبول للثقافة الاخرى الحاضنة للمنجز المعماري، ومن جانب آخر، الى منح مبادئ ذلك المنجز مفهوما آخرا، متولدا عن آليات التأويل تكسبه معنى جديدا قادرا لتأسيس خطاب ثقافي مميز يستقي منه المنتج المعماري عناصره التصميمة.
وموضوعة الكتاب اساسا ً معنية في فهم هذه الفعالية الابداعية وتأمل تطبيقاتها الميدانية، فيما انجزه المعماريون الدانمركيون من تصاميم مخصصة الى الارض العربية، كان quot; موتيف quot; التناص احد المقومات الصانعة لتلك العمارة، التى اعتبرت في بعض شواهدها بمنزلة quot; ايقونات quot; بصرية للمدن الواقعة فيها. كما ان موضوع الكتاب هو من المواضيع القليلة وربما النادرة التى تعاطت مع منتج العمارة المصممة من قبل آخرين من وجة نظر محلية. فهو في هذا المعنى يختلف عن الكتب الصادرة في اللغة العربية التى تناولت العمارة الاجنبية. واذ يمكن الاطلاع عن كتب مخصصة عن العمارة الاوربية او الامريكية او عن منجز المعماريين الاوربيين او سواهم، فان من النادر ان تجد دراسة خاصة مكرسة للعمارة المشيدة في البلدان العربية المصممة من قبل آخرين. ولهذا فان هذا الكتاب يعتبر رائدا في موضوعه، وساعيا لفتح نافذة حوار جدي عن ما يمكن ان نجده في بعض تصاميم الاخرين من مفاهيم ومبادئ تسعى، بحرص ومهنية عالية، على اعادة قراءة مبادئنا المعمارية وتقييمها ضمن آليات التأويل، والكيفية التى شكلت بها معاني تلك المبادئ ارضية جديدة نهضت عليها عمارة مميزة، يعتبر اسلوب لغتها الان من ضمن سياق الخطاب المعماري الحداثي، في الوقت الذي تكون قيمتها التصميمية منتمية الى جغرافية مكانها ذي الخصوصية الثقافية المميزة.
ولنا امل كبير بان الحوار الذي سعت اليه نصوص الكتاب بفتحها نافذة جديدة فيه، سيعقبها محاولات آخرى بفتح نوافذ عديدة تتعاطى مع الشأن المعماري بوجة نظر مختلفة وتكون وسيلة هامة في اثراء ذلك الحوار وادامة حضوره واستمراريته في المشهد الثقافي.
وطالما كانت هناك حاجة للبناء والاعمار، سيكون ثمة حوار، حوار يثري معمار quot; التنوع الخلاق quot; ويديمه بامثلة تصميمية تعتبر نماذجها مكسبا للثقافة العالمية ومفخرة لشواهد البيئة المبنية المحلية ؛ ما يفضي الى مزيد من الكتب والدراسات التى تتناول هذه الظاهرة الثقافية. وكتابنا quot; التناص المعماري quot; ينشد ليكون جزءا من حراك ذلك الحوار البناء ومنظومته المفيدة.. والراقيةquot;

مدرسة العمارة / الاكاديمية الملكية الدانمركية للفنون
كوبنهاغن / الدانمرك