القاهرة من سعد القرش: رغم المأسي الانسانية التي تسبب فيها أدولف هتلر وفي قمتها ملايين الضحايا في الحرب العالمية الثانية فان الكاتب المصري رمسيس عوض يسجل أن معظم الالمانيات كن معجبات بالزعيم النازي لدرجة الهوس. كما يسجل الكاتب أن هتلر الذي حكم البلاد بقبضة حديدية منذ عام 1933 كان يحتقر المرأة ويتهمها بالتفاهة لكن هذا الموقف الذي quot;يكاد يكون عنصرياquot; في نظام يسيطر عليه الذكور ينسجم مع نظرة النازي الدونية للاعراق الاخرى غير الارية. ويقول في كتابه (أشهر معسكر اعتقال نازي للنساء.. رافنزبروك 1939- 1945) ان بعض الالمانيات تعرضن للتنكيل لانتمائهن لتنظيمات شيوعية أو اشتراكية أو تقاعسهن عن العمل أو الاساءة لنقاء الدم الاري.
لكن هذا العداء للمرأة لم يمنع quot;هوس معظم الالمانيات بجاذبية هتلر... افتتان الالمانيات بهتلر يرجع الى أنهن رأين فيه المثل الاعلى للفحولة الجنسية ولعل هذا يرجع الى شوق الالمانيات الى عش زوجية دافئ يرفض اللواط الذي نذر الفوهرر نفسه لاستئصاله.quot;
وصدر الكتاب في القاهرة عن (مكتبة الانجلو المصرية) ويقع في 209 صفحات متوسطة القطع ويستعرض زيادة عدد السجينات منتصف الثلاثينيات نتيجة صدور قوانين تجرم quot;الاجهاض والدعارة والمعاشرة الجنسية بين الالمان وغير الالمانquot; قبل اقامة هذا السجن في قرية رافنزبروك عام 1939 وفي العام التالي بلغ عدد نزيلاته أربعة الاف.
ويحمل الكتاب تفاصيل صغيرة منها أنه فور دخول السجينات يتعين عليهن خلع ملابسهن وتسليمها الى ادارة السجن لتسجيلها لكن بعض الموظفات كن يستولين عليها ويرتدينها. كما كان على السجينات ازالة شعر الجسد كله مع استثناء quot;بعض النرويجيات من نزع الشعرquot; الذي كان يمثل لكثيرات صدمة نفسية حتى أقدمت بعضهن على الانتحار بالقاء أنفسهن على الاسلاك الشائكة المكهربة اعتراضا على ازالة شعر الرأس تماما. ومن الاجراءات التي اعتبرتها السجينات نوعا من الاهانة quot;وقوفهن عرايا كما ولدتهن أمهاتهنquot; بضع ساعات في انتظار مجيء طبيب للكشف عليهن. ويعمل عوض أستاذا للادب الانجليزي بجامعة عين شمس وله أكثر من خمسين كتابا أولها (برتراند راسل الانسان) عام 1961 و/موقف ماركس وانجلز من الاداب العالمية/ و/شكسبير في مصر/ و/جورج أورويل.. حياته وأدبه/ و/من ستالين الى جورباتشوف/. وفي السنوات الاخيرة ركز جهوده على ما يخص اليهود منذ أصدر عام 1995 كتابه (شكسبير واليهود) وأتبعه بكتب منها (اليهود والادب الامريكي المعاصر) و/اليهود والادب الامريكي المعاصر في أربعة قرون/ و/ اليهود في الادب الروسي/ و/الهولوكوست في الادب الامريكي/ و/الهولوكوست في الادب الفرنسي/ اضافة الى كتب توثق بعض معسكرات الاعتقال في عهد النازي اخرها (معسكر الاعتقال النازي برجن بلسن الذي ساهم في انشاء دولة اسرائيل).
ويقول عوض ان سجن رافنزبروك كان يضم أجنبيات منهن اسبانيات نزحن من بلادهن الى هروبا من الحرب الاهلية الاسبانية. كما شهدت ليلة 27 فبراير شباط 1943 اقتياد 500 مجندة سوفيتية تم أسرهن بالزي العسكري وطلبن المعاملة كأسيرات حرب فعاقبتهن ادارة السجن بالسير المتواصل لكنهن تحدين السلطة quot;بغناء الاناشيد أثناء السير فصفقت لهن السجينات السياسيات للتعبير عن اعجابهن بصلابتهن واعرابا عن تضامنهن معهن أرسلن اليهن خبز الغداءquot; وكان السجن يضم سجينات سياسيات تنتمين لتظيمات شيوعية أو اشتراكية.
ويضم الكتاب معلومات عن سجينات مرموقات حظين بمعاملة خاصة لانهن أمريكيات أو بسبب صلاتهن بأصحاب نفوذ مثل سيلفيا سالفسن صديقة ملك النرويج وجينفيف ديجول جدة الزعيم الفرنسي شارل ديجول وتشارلوت شوب أخت الرجل الذي أنقذ هتلر من الموت في محاولة اغتياله عام 1923 quot; ورغم رعاية هتلر الشخصية لعائلتها فقد ألقت وحدة البوليس الخاصة القبض عليها لانها دنست الجنس الاري وعاشرت أحد الوزراء البولنديينquot; اضافة الى أولجا أخت هنريش هملر رئيس وحدة البوليس الخاصة بسبب علاقتها الخاصة بضابط بولندي.
وبدأ انشاء معسكرات الاعتقال النازية عام 1933 تحت اشراف وحدة الشرطة الخاصة المعروفة باسم حركي هو (جهاز اس اس) وتولي رئاستها هملر. ويقول المؤلف ان موقف النزيلات من الموسيقى أو رؤيتهن ليوم الاحد عطلة نهاية الاسبوع بالسجن كان متباينا.. فبعض السجينات لم يرحبن بالموسيقى في المعسكر في حين فضلتها السجينات السياسيات لانها تحول دون تنصت الادارة على أحاديثهن.
وانتهزت الشيوعيات يوم الاحد في تبادل المعلومات وتنظيم الصفوف في حين عقدت أخريات ندوات لقراءة الشعر وتمثيل المسرحيات أما الفرنسيات فكن يبحثن عن التأنق في الملبس رغم اهتراء الثياب. كما حرصت كثيرات على اقامة الصلاة يوم الاحد الذي كان بالنسبة لاخريات فرصة للنميمة حول استغراق احداهن quot;في ممارسة السحاق أمام السجينات دون أدنى حياء أو خجلquot; أو باشاعة فضائح حول علاقة جنسية بين كبيرة المشرفات وقائد المعسكر.
ويشير الى أن اكتظاظ السجن ونوم كل ثلاث على فراش واحد أدى الى أن quot;مارست نساء كثيرات من جنسيات مختلفة السحاق والعلاقات الجنسية المزدوجة... غير أن السجينات السياسيات في الاغلب الاعم لم ينزلقن الى مثل هذه الممارسات الشاذةquot; التي اعتبرتها بعضهن نتيجة لشعور السجينات بالوحدة وبحثا عن الحب المفقود. ويضيف أن تلك الممارسات كانت تتم بعيدا عن السرية بل ان احدى السجينات quot;كان مرغوبا فيها تستطيع أن تقوم بدور المرأة والرجل معا... كانت العاشقات يتلقين التهنئة من زميلاتهن.quot; ويسجل أن ادارة المعسكر نادرا ما عاقبت السحاقيات بل كانت تعلم بالممارسات وتغض النظر عنها كوسيلة للشعور بسعادة تؤدي الى استتباب النظام مشيرا الى مفارقة واضحة حيث quot;ان القوانين النازية التي حظرت المثلية بين الرجال أباحت ممارستها بين النساء.quot;