نظمت شعبة اللغة العربية بالمدرسة العليا للأساتذة بمرتيل، يوما دراسيا احتفاء بتجربة الشاعر المغربي محمد الشيخي، ضمن سلسلة quot;بصمات إبداعيةquot; في دورتها الأولى وذلك يوم الجمعة 04يناير2008. الجلسة الصباحية الأولى خصصت للدراسات التي تناولت الأعمال الشعرية للمحتفى به بالدرس والتحليل،وقد افتتحت بكلمة الدكتور عبد الرحيم جيران رئيس شعبة اللغة العربية بالمدرسة،استحضر فيها السياقات العامة التي تندرج في إطارها سلسلة بصمات إبداعية ،مركزا على غاياتها المتمثلة في الاحتفاء برواد الإبداع المغربي في مختلف صنوفه،وبخاصة أولئك الذين تركوا أثرا جليا في بناء دعائمه ولبناته،ومهدوا الطريق أمام الأجيال الجديدة من المبدعين،كما أكد على أن مبدعي الأمس هم رواد اليوم ومبدعي اليوم هم رواد الغد. فتقدم المبدع والناقد المهدي العرج بمداخلة عنونها quot;بنية الرفض ومستوياته في ديوانquot;ذاكرة الجرح الجميلquot;،حيث تناول سياق هذا الرفض في إطاره العام بدلالته اللغوية والاصطلاحية من جهة، و الأساليب و الإيقاع من جهة أخرى،كما أبرز الناقد رؤية الرفض للشاعر باعتباره السلام المتبقي،والذي يحقق به صراخه من لهيب جمر السبعينات الذي اكتوى بناره الشعراء المجايلين له.ليفضل في الأخير الاحتماء برفضه في سياق الشعر المغربي،معتبرا أن هذا الرفض لم يكن مقطوع الصلة مع الواقع بل هو مبني على رؤى تعبر عنه.أما الأكاديمي الشاعر أحمد هاشم الريسوني من كلية الآداب بتطوان،فتحدث من خلال مداخلته الموسومة بquot;شاعر الوردة ndash; قراءة شعرية لمحمد الشيخيquot; عن تجربة الشاعر محمد الشيخي في علاقتها بشعراء السبعينيات الذين شاطرهم هم الكتابة والمعاناة،حيث ضل صاحب quot;وردة المستحيلquot;وفيا لما هدفوا إليه من خلال نصوصهم الشعرية أي كتابة قصيدة تخترق جدار الكلمة وتخرج بها إلى النمط العادي للكتابة،غير انه فضل الإبحار في المنجز الشعري الذي خلفه الشاعر.أما د.محمد المعادي فقد تطرق من خلال ورقتهquot; سيميائية الشكل والخطاب في ديوان quot; ذاكرة الجرح الجميلquot; ، إلى الأبعاد الدلالية لدور البياض والسواد التي تعبر عن المسكوت ضمن وظيفة الفراغ الاستهلالي في الديوان،كما كان للشق التطبيقي حضورا حيث ركز على السيمائية الخطية للكرافيم. أما مداخلة الباحث والشاعر الناقد عبد السلام دخان،فارتأى أن يخصص مداخلته اختار لها عنوان quot;بلاغة الاستحالة في ديوان quot;وردة المستحيلquot;الذي اعتبره منعطفا جديدا في تجربة الشاعر محمد الشيخي التي تمثل امتدادا لمشروع حداثي بغية ولوج القصيدة المغربية مناطق جديدة بعد أن استنفدت القصيدة الفراهيدية إمكانياتها التعبيرية وطاقاتها،ليفتح سؤال حول السمات الجديدة التي تحملها لنا بلاغة الاستحالة.ليتوقف بعدها عند الإمكانيات التصويرية والطاقة البلاغية الهائلة لنصوص الديوان، محاولا الكشف على بنيته الفنية والجمالية، ،وكذلك عبر الانزياح الأسلوبي الذي يخلقه الشاعر مرده تكثيف كثير من التعبير في جمل قصيرة تحيل علي تمثلات واقعية مثل الأشخاص والأماكن دون إغفال جانب الرؤيا الذي يتماشى مع اقتناعات الشاعر المحتفى به. ليفتح بعد ذلك مجال النقاش في وجه الحضور من أساتذة وباحثين وطلبة ومهتمين.
كما شكلت الجلسة المسائية أفقا آخر لتقديم بعض الشهادات، والتي كان في مقدمتها كلمة راهب الشعر المغربي المعاصر الشاغر عبد الكريم الطبال، التي عكست بحق كلمة شاعر كبير في حق شاعر كبير،فعاد بالحضور إلى المشترك الشعري والإنساني الذي تقاسمه مع صاحبquot;الأشجارquot;، كما أنه عدد ما لمثل هذه المبادرات من وقع في نفوس المبدعين.أما الشاعر أحمد بنميمون فقد اعتبر الشاعر المحتفى به قد حقق المعادلة الصعبةـ،فقد كانت كتابته محسوبة مضبوطة يتوارى خلفها الشعر الأصيل.غير متجاوز بنية الشعر العربي الخالص من خلال تعامله مع ماتسمح به التفاعيل،فجاءت قصيدته نسيجا متميزا .أما الشاعر مخلص الصغـــير فقد استحضر لقاءه الأول بالشاعر في مقهى الريــو، ليستمر بعد ذلك التواصل الشعري في كثير اللقاءات. وفي نقطة الالتقاء كان البوح المعتق من فيض الروح المطل من خلال كلمة صاحب quot;ذاكرة الجرح الجميلquot;،التي وقف لها الجمهور وصفق بكل حب،فعبر عن سعادته بهذه الالتفاتة الجميلة من quot;بصمات إبداعيةquot; بعد تكريم الصالون الأدبي بالدار البيضاء،معبرا عن فرحه بلقائه مع الشعراء الشباب.وقد اشتعلت لوعة البهاء بقراءة الشاعر لقصيدة quot;زهرة الموجquot;وquot;ذاكرة الجرح الجميلquot; زادتها بهاء أنامل الفنانة الملتزمة الدكتورة سعاد أنقار،من خلال معزوفاتها على آلة البيانو،كما صاحبت القراءات الشعرية التي تألق في أدائها مجموعة من الشعراء الذين يمثلون الحساسية الشعرية الجديدة، التي ارتأت أن تحتفل بطريقتها الخاصة بالشاعر محمد الشيخي من خلال المزاوجة بين قصائدهم وقصائد المحتفى به، فكانت البداية مع الشاعرة فاطمة الزهراء بنيس والشاعر محمد العناز،ثم مصطفى شحموط ،لبنى الفقيهي،أحمد الحريشي،نهاد المودن،أمل كحيل،والتي تمازجت و أنغام البيانو الفيروزية مع اشتعال الشموع التي كتبت بها بصمات إبداعية لتأخذ الحضور نحو عالم من الشعر والحلم ،فوقف الحضور الذي غصت به القاعة لدقائق ليصفق على نجاح الدورة الأولى من سلسلةquot; بصمات إبداعيةquot; ،التي أكد في ختامها عبد الرحيم جيران أنها ستصبح تقليدا سنويا ،كما أن أشغالها ستصدر قريبا في كتاب تخليدا لها.وفي الختام كان حفل توقيع الديوان الأخيرquot;ذاكرة الجرح الجميل quot;لمحمد الشيخي.