إلى عمي محمد الذي رحل قبل الأوان

الملائكةُ تغادرُ السماءَ في مثل هذهِ الساعة،
كان القمرُ وحيداً يطلُّ على البحيرة،
لا ماء لا أشجار لا سفائن تبحر،
الطفلُ يسألُ الله...
وهذه الحياة التي ما بين الحلمِ والموتِ تمتدُّ كغيمة.
في أعلى التلّةِ سرب ينوح،
بينما النوارسُ التي تحلّقُ على نسيجٍ صخريٍّ تمضي مبتعدة.
أنت لا أحد، نجمةٌ وحيدةٌ تلمعُ في الأعالي،
روحٌ عظيمةٌ تجسّدها الشمس،
أين أنت؟
العواصف تضربُ الشطآن، الطيورُ المهاجرةُ تنطُّ على الشجرة
يا مسافراً يحلمُ بشمسهِ هنالك حيث الأجمة،
أين أنت؟
أيها البعيدُ الماضي وراء البحار،
فالأطفالُ من حولك مثل ربيعِ هذا اليوم،
الغزلان وحيدةٌ حزينة، لأنَّ الدمَ يسيلُ في الطريق
أين لنا أن نسمعَ المعزوفةَ أين البلبلُ الفتان؟
أكان ذلك النعش هو أنت؟
أين فنجانُ القهوةِ وكتابُ الظهيرة؟
شراشفُ الموتِ تتطايرُ على جسدكَ البارد،
صورة صخرية لا تني تتحرّك،
الماء يجري في الظلام
أيعني ذلك أنك غدوتَ واحداً من بين هؤلاء في الرمال؟
إنَّ حصانك يعدو في الباحة!
تلك الصخرة في الوادي تشبهُ كوكبا أحمرَ سقطَ على المنحدر،
لقد غادرتنا القطاراتُ في الساعاتِ الأخيرة،
كالرذاذِ المتساقطِ على القرانف، كريحِ خالية..
هنالك الحقائبُ ترحلُ كالسنونوات،
الصفّارةُ تصفرُ في الضباب!
لا تدلُّ الغرابةُ على أن ما تبقّى من رحلةِ الأمس هو مشهد مكرر،
ربّما كانت في اللحظةِ ذاتها صورة لم تكتملْ بعد.
ألوان قزحٍ تظهرُ مع المطر،
ثمَّ يتلاشى الضوءُ في قلبِ الليل،
وحشة كصراخِ أرضٍ ميّتةٍ تفرُّ من الحجر،
ذلك ما يلي غيابك..
لقد انطفأت أقمارُ العالمِ في هذا اليومِ الغامض.

عُمان
15-2-2008