صدر العدد الأول من صحيفة quot;الغاوونquot; الشعرية في بيروت صباح السبت (1 مارس 2008)، ومما جاء في افتتاحية العدد التي كتبها الشاعران زينب عسّاف وماهر شرف الدين ما يأتي:
quot;لن يقولوا: كانت الأزمنة رديئة، بل سيقولون: لماذا سكت الشعراء؟quot;، هذه العبارة التي قالها برتولد بريشت في الزمن الذي أعقب انتصار النازية في ألمانيا، والتي تردّ الاعتبار للشعر ولدوره، هي على قدر كبير من الجنون. جنون الإيمان بالشعر ومركزيته في التغيير.
لكن بهذا الجنون (القناعة) - فقط - تبرز quot;قياديةquot; الشاعر. بهذه الأوهام الكبرى ينتصر الشعر. على مثل هذه المعادلة quot;الضالّةquot; تبني quot;الغاوونquot; فكرتها. تبدأ سيرتها. فإذا اقتنعنا أن الجنون قَدَر الشعراء لا مَرَضهم، فلا بدّ لهم من جريدة إذاً. لا بدّ لهم من مواكبة مستمرّة لهذا الجنون. إصدار جريدة خاصة بالشعر، وفي مدينة كبيروت طردت فيها السياسة كلّ ما عداها، لا يعني - أولاً - تحويل الشعر فعلاً يومياً، قدر القول إنه يحتاج إلى مشاريع أيضاً.
تريد quot;الغاوونquot; أن تترك الشعر لمصيره، لتقول له: نحن معك. تريد أن تصدّق أنه وهم، لكن من لحم ودم يجوع ويعرى ويتشرّد. وأين؟ في هذه البلاد التي اغتذت من صدره قروناً، وأنجزت أجمل أحلامها على ركبتيه.
الشعر وهم، لكنه وهم قياديّ.
لا قيامة للعرب من دون شعر، لأنْ لا حضارة كانت لهم من دونه.
بشمس الشعر فجر النهضة العربية يكون، وإلا فما تعليل أن عصر الانحطاط العربي كان عصر انحطاط شعريّ أيضاً (وأوّلاً)؟
ثمة محاذير بالطبع في مقاربة تدّعي بأن مشروعاً شعرياً خالصاً يمكنه الاستقلال عن واقع سياسيّ متردٍّ. وفي مدينة مثل بيروت هل يمكننا الخروج، في صباح يوم سبقه تفجير إرهابي، بمانشيت يقول: quot;لأنه ليس ثمة حياة أخرى فإنها حياة رائعةquot; (بول إيلوار)؟ أو: quot;الشعر يضرب في قلب بيروتquot; عوضاً من: quot;الإرهاب يضرب...quot;؟
هذا امتحان أكثر منه سؤالاً.
وفي الطريق إلى الإجابة دعونا نجعل من عنوان قصيدة حبّ مانشيتاً، من الجمال مانشيتاً. دعونا نسمع في الصباح بائع جرائد متجوّل ينادي على جريدة للشعر.
دعونا نفرح بيوميات الشعر في جريدة، ونعترف بتقصيرنا تجاه هذا الكائن المسحور الذي يمتلك عيني رجل وثديي امرأة؛ هذا الكائن الذي ينظر إلى نفسه بنزق.
ولأن قلنا إن quot;الغاوونquot; جريدة، فلأنها تطمح إلى أن تكون كذلك؛ منشوراً يرصد لحياة الشعراء أيضاً، في وصف هذه الحياة جزءاً أساسياً في عملية فهم النصوص والحساسيات، وفي وصف هؤلاء الشعراء بشراً لهم همومهم وأفراحهم الصغيرة والكبيرة ككلّ الناس.
ستكون quot;الغاوونquot;، إذاً، بيتاً للشعراء، كما لنصوصهم وقصائدهم. ستكون حانتهم الورقية. ستكون منبر مرافعاتهم، وقاعة محكمتهم. ستكون رصيفهم. سترصد لهذه الحياة الصغيرة الموازية للكتابة؛ الحياة التي عاش المكتوب وكبر على جذعها.
الكتابة والحياة ستتجاوران على هذه الصفحات، وتختصمان وتتعانقان وتتبادلان الاتهامات. سيكون من حقّ حياة الشاعر الاحتجاج على نصّه، بعدما احتكر النصّ هذا الحقّ منذ زمن بعيد.
هذه المجاورة بين نصّ الشاعر وحياته، في وصف هذه الحياة نصّاً آخر موازياً، تعطي quot;الغاوونquot; هويّتها، لكن - أيضاً - quot;ورطتهاquot;. فهل سيكون في وسعنا المضي في ذلك، وبالمستوى الذي نطمح إليه؟ الإجابة أسيرةُ إيماننا بما نفعل؛ أسيرة هذا الشغف وذلك الأمل.
(...) فريق عمل صغير، لا يرهقه شيء أكثر من الحماسة الزائدة، سيتكفّل إصدار هذه المطبوعة بدعم من مئات الشعراء والنقاد والأدباء العرب الذين لم يضنّوا بكلمة تشجيع وفرح ووعد.
بالطبع، يمكن هذه الجريدة ألا تكون أكثر من مغامرة، لكن، وكما زعم ملكنا الضلّيل (امرؤ القيس) حين قال لصاحبه ذات يوم، quot;نحاول ملكاً أو نموت فنُعذراquot;.
quot;لن يقولوا: كانت الأزمنة رديئة، بل سيقولون: لماذا سكت الشعراء؟quot;، هذه العبارة التي قالها برتولد بريشت في الزمن الذي أعقب انتصار النازية في ألمانيا، والتي تردّ الاعتبار للشعر ولدوره، هي على قدر كبير من الجنون. جنون الإيمان بالشعر ومركزيته في التغيير.
لكن بهذا الجنون (القناعة) - فقط - تبرز quot;قياديةquot; الشاعر. بهذه الأوهام الكبرى ينتصر الشعر. على مثل هذه المعادلة quot;الضالّةquot; تبني quot;الغاوونquot; فكرتها. تبدأ سيرتها. فإذا اقتنعنا أن الجنون قَدَر الشعراء لا مَرَضهم، فلا بدّ لهم من جريدة إذاً. لا بدّ لهم من مواكبة مستمرّة لهذا الجنون. إصدار جريدة خاصة بالشعر، وفي مدينة كبيروت طردت فيها السياسة كلّ ما عداها، لا يعني - أولاً - تحويل الشعر فعلاً يومياً، قدر القول إنه يحتاج إلى مشاريع أيضاً.
تريد quot;الغاوونquot; أن تترك الشعر لمصيره، لتقول له: نحن معك. تريد أن تصدّق أنه وهم، لكن من لحم ودم يجوع ويعرى ويتشرّد. وأين؟ في هذه البلاد التي اغتذت من صدره قروناً، وأنجزت أجمل أحلامها على ركبتيه.
الشعر وهم، لكنه وهم قياديّ.

بشمس الشعر فجر النهضة العربية يكون، وإلا فما تعليل أن عصر الانحطاط العربي كان عصر انحطاط شعريّ أيضاً (وأوّلاً)؟
ثمة محاذير بالطبع في مقاربة تدّعي بأن مشروعاً شعرياً خالصاً يمكنه الاستقلال عن واقع سياسيّ متردٍّ. وفي مدينة مثل بيروت هل يمكننا الخروج، في صباح يوم سبقه تفجير إرهابي، بمانشيت يقول: quot;لأنه ليس ثمة حياة أخرى فإنها حياة رائعةquot; (بول إيلوار)؟ أو: quot;الشعر يضرب في قلب بيروتquot; عوضاً من: quot;الإرهاب يضرب...quot;؟
هذا امتحان أكثر منه سؤالاً.
وفي الطريق إلى الإجابة دعونا نجعل من عنوان قصيدة حبّ مانشيتاً، من الجمال مانشيتاً. دعونا نسمع في الصباح بائع جرائد متجوّل ينادي على جريدة للشعر.
دعونا نفرح بيوميات الشعر في جريدة، ونعترف بتقصيرنا تجاه هذا الكائن المسحور الذي يمتلك عيني رجل وثديي امرأة؛ هذا الكائن الذي ينظر إلى نفسه بنزق.
ولأن قلنا إن quot;الغاوونquot; جريدة، فلأنها تطمح إلى أن تكون كذلك؛ منشوراً يرصد لحياة الشعراء أيضاً، في وصف هذه الحياة جزءاً أساسياً في عملية فهم النصوص والحساسيات، وفي وصف هؤلاء الشعراء بشراً لهم همومهم وأفراحهم الصغيرة والكبيرة ككلّ الناس.
ستكون quot;الغاوونquot;، إذاً، بيتاً للشعراء، كما لنصوصهم وقصائدهم. ستكون حانتهم الورقية. ستكون منبر مرافعاتهم، وقاعة محكمتهم. ستكون رصيفهم. سترصد لهذه الحياة الصغيرة الموازية للكتابة؛ الحياة التي عاش المكتوب وكبر على جذعها.
الكتابة والحياة ستتجاوران على هذه الصفحات، وتختصمان وتتعانقان وتتبادلان الاتهامات. سيكون من حقّ حياة الشاعر الاحتجاج على نصّه، بعدما احتكر النصّ هذا الحقّ منذ زمن بعيد.
هذه المجاورة بين نصّ الشاعر وحياته، في وصف هذه الحياة نصّاً آخر موازياً، تعطي quot;الغاوونquot; هويّتها، لكن - أيضاً - quot;ورطتهاquot;. فهل سيكون في وسعنا المضي في ذلك، وبالمستوى الذي نطمح إليه؟ الإجابة أسيرةُ إيماننا بما نفعل؛ أسيرة هذا الشغف وذلك الأمل.
(...) فريق عمل صغير، لا يرهقه شيء أكثر من الحماسة الزائدة، سيتكفّل إصدار هذه المطبوعة بدعم من مئات الشعراء والنقاد والأدباء العرب الذين لم يضنّوا بكلمة تشجيع وفرح ووعد.
بالطبع، يمكن هذه الجريدة ألا تكون أكثر من مغامرة، لكن، وكما زعم ملكنا الضلّيل (امرؤ القيس) حين قال لصاحبه ذات يوم، quot;نحاول ملكاً أو نموت فنُعذراquot;.
وقد ضمّ العدد مواضيع عديدة، في تبويب خاص وفريد، منها: quot;إنهيدوانا سركون الأكدي: أول شاعرة في العالمquot; لكامل جابر، quot;شعراء الملك فاروقquot; لأحمد حسن، quot;غياب جسد الرجل عن شعر المرأةquot; لمحمد ديبو، quot;اكتشاف قصيدتين مجهولتين لأحمد عبد المعطي حجازيquot; لوائل السمري، quot;القصائد (الرسوم؟) المتحرّكةquot; لمحمد بركات، quot;الكراريس الشعرية في المغربquot; لعبد الغني فوزي، quot;الشعراء المغاربة الجدد: جيل المشيتَيْنquot; لمنير بولعيش، quot;كيف يعيش شعراء البصرةquot; لعلي محمود خضير، quot;عن صلاح جاهين وتحويل الغزل إلى شعار يؤسّس لسلطة الإثارة/ الثورةquot; لنصر جميل شعث، quot;الشعر لا يلمع مع معجون الحلاقةquot; لحكيم عنكر، quot;عدم الثقة بالآباءquot; لعبد الوهاب عزاوي، quot;عن تسليم الشعراء وزارات الثقافةquot; لعلي حسن الفوّاز... وفي زاوية حملت عنوان quot;عمود أفقيّquot; كتب شوقي عبد الأمير quot;أي أثر ستتركه أسماؤنا؟quot;.
ومن القصائد المنشورة في العدد: quot;ملاكquot; لقاسم حداد، quot;طفلة مقطوبة العينينquot; لنوال العلي، quot;ظلّ غورنيكاquot; للينا أبو بكر، quot;مصابيح الصيّادينquot; لكمال المهتار، quot;الصورة القديمةquot; للميس سعيدي، quot;العالم لم يعد يحبّنيquot; لتغريد الغضبان.
جدير بالذكر أن quot;الغاوونquot; صحيفة أسبوعية، لكنها ستصدر مبدئياً بشكل شهري، وتتألف من 24 صفحة، قام بتصميم صفحاتها الفنانة عبر حامد، ورسم شعارها الفنان إميل منعم.
عنوان quot;الغاوونquot; على الإنترنت:
www.alghaoon.com
ومن القصائد المنشورة في العدد: quot;ملاكquot; لقاسم حداد، quot;طفلة مقطوبة العينينquot; لنوال العلي، quot;ظلّ غورنيكاquot; للينا أبو بكر، quot;مصابيح الصيّادينquot; لكمال المهتار، quot;الصورة القديمةquot; للميس سعيدي، quot;العالم لم يعد يحبّنيquot; لتغريد الغضبان.
جدير بالذكر أن quot;الغاوونquot; صحيفة أسبوعية، لكنها ستصدر مبدئياً بشكل شهري، وتتألف من 24 صفحة، قام بتصميم صفحاتها الفنانة عبر حامد، ورسم شعارها الفنان إميل منعم.
عنوان quot;الغاوونquot; على الإنترنت:
www.alghaoon.com
التعليقات