الى الاستاذ الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد
في قصيدته الاخيرة



قـُلْ ليْ وَقتلُ العـراقـيِينَ ما نـَضَبا
استـَوْلدَ الرَحْم َ أم استـَنزفَ العَصَبـا؟
وسائلِ الـحُزْنَ مِلْءَ القلب ِفي وَطَني
عَـن الكوارث عما قيلَ أو كُتِبــــا
خَمْسٌ مَضيْنَ ومنْ خمسين صفحتهـم
كادت من اللؤم أن تفنى وتنسحبـــا
خَمسٌ مَضَيـنَ فـَهَلْ ماتتْ ضمائِرُهُم
أمْ صوتها بات في الإرْهاب مُحتَرِبـا؟
خمسٌ مضينَ وقد أدمَت سيوفهمـــو
أهلَ الفراتَين حيث الدم قد خُضِبـــا
ولم تزَلْ ودُموع الحزن نذرِفُهــــا
نهراً يمورُ على الأجفان ِمُـنـسـَرِبـا
أكـُلُّ ما يَجْرح الإنسان فـيــهِ دَمٌ
للثائرين وقولٍ الحق ما عَُطـِبــا؟
فيـا صَدى عالعَهْدٍ قل لي كيفأ ُنـْصِفـُه ُ
مِن جيفةٍ الشر إذْ لا زال مُحْتجِبـــا؟!
وكـانَ بـَيـنَ جِراحاتي وأوْرِدَ تــي
يَدْمي، فـَألـقي بـِه ِلِلنار ملْتهَِِبـــا
وَكيفَ تجْزي الـعـراقيـِّينَ عَن زَمَن ٍ
كانـُوا على نار من حاباهمو حطبـــا!
وَجمْرة ً، وحُطاما ً.. كلـَّما جَنحــــُوا
للسلم ثمة من يهديهمو جَربـــــا!
أيــَّامَ كان غِناء الطّيرِ يُرقصهـــم
وهُم يَموتون في سُوح ِالوغى طربـــا
والقتلُ يَجْري كـَسَيل ِالنـَّار ِمِن حَجــر
تَكـادُ مِن وَقــْدِهِ الأحْجارُ أنْ تــثـِبا
كانُوا يسومونهم هتكا ًويَسحقُهُــــم
مهدّداً يملأ ُ الـدُّنـيـا لهُم غَلبـــا
حتّى إذا انـتـَشروا في أيِّ مَحْرقــــة ٍ
عطفتُ روحي على أجسادهم حـَدِبـــا!
للربِّ يـا دَمَ أهْـلـي كَـيفَ تخْضِبَــه ُ
في تربتي بَعدَ أن أصبَحتُ مُختضبـــــا؟
أتكـتـَفي يا صَديقيْ أن تَقـولَ لـَهُـم
وَهـُم يَموتـون أفْـْديكـُم أخـا ًوأبـــا؟
تهْديهمو كلِما ً حُـلـْوا ً، وَملحَمـــــة ً
تـُبكيْ لأحزانِها أطفالنا وَصَبــــــا
أتنْـتـَخي لـِلـعـراقـيـِّيـنَ مَحـْضَ فـَم ٍ
يـَنسيهـُمو كيف َغاليْ زَهـْوِهـِم ذهـَبـا
وأمنهـُم بَـيـنَ مَذبـوح ٍ وَمُحـتـَجـــَز ٍ
وَهارِبٍ وَطـَعـيـن ٍعـِرضُهُ سـُلـِبـــا
القاتلون عمى الألوان يُنـْصِفـُهــــــم ُ
مِـن سَقطة بَعدَ أن أصبَحت مُنتَخَِبــــــا
أو لاجِيءٍ في ديارِِِ الله مُكتئــــــــبٍ
والجوع يهصر اولاداً له زُغُبــــــــا
وَفـَرَّ يـَحْـمِـلُ لـِلمَبكى منائِحــــه
مِن بَعـدِما كلُّ شيءٍ عـِندَه سُِلبــــــا
أترْتـجي لـِلـعـراقـيـِّيـن زَهْوَ غـــد
وتدعي أنـَّهـُمْ قـَد أحْرقوا الشُهبـــــا؟
وأنـَّهـُم حُرِّروا بعدَ الـنضالِ مَعـــا ً
وأنـَّهـُم حطّموا رأسَ الـخنا ارَبـــا
واستهتروا بحبال الأمن من فـــــرحٍ
بعد السقوط وكالوا للأسى رُتَبــــــا
مَعاقلا ً وَمليشيات وأخطرهــــــا
دوائرالموت راحـُوا في البلاء هـَبــا
وحْشٌ يـُذ َبـِّحُ شعبا ًلا أبا لـَكــــُمو
والقاطفون استطابوا ذبحَنا رَهَبـــــا
كأننا أينعت أعناقُنا لهمـــــــو
ويثملون فهل كنا لهم عنبــــــا؟
كمْ تُرهبون الدُنى تَستـَعذبون َ لـَهُـا
دِم العراق وكل منكمو شربــــــا
فـَتخلطون بذا هذا وتلك بـِــذي
ويُصبــِحونَ هُمُ الأحرارَ والـنـُّخُبا
هل عسيتم وجرح الامس ذكّرنــــا
بما اقترفتم وكم غيبتمو النَُجُبـــــا
فكيــــف يا أهلَ بيتي دمعنا وَكِفٌ
وكيف نبكيكمو والموت قد تعبـــــا
أبْكي لأرْواحَهم بـَيني وبَيـْنـَكمـــو
وَحْشٌ من الغابِ حتّى البَطْش فيهِ رَبــا
وأدّعي وَطنا في الغَرب ِ وا عَجبــــيْ
أنـِّي العِراقيَُ كمْ عانيت مُغـتُرَبــــا!
************
تَستـَعذبُ القَتل َأم تََستمْلحُ الغـَضَبــــا
أم تنْخر الروحَ والوُجدانَ والعَصََبـــــا
مُحتّل أرضي فلا اهلا به فعلـــــــى
بَغدادنا حط رِدْفَ الموتِ مُلتَهبـــــا
الحرب صَمّاءُ بَكماءٌ وَيفْضحُهــــــا
رَقصُ السدائر والعمات دون إبـــــا
عَمْياء جَدعاءَ مِن هَتكٍ،وتسْترهـــــا
سود العَباءات تُخْفِي تََحتَها النََصَبـــــا
ما ناحَ طيرٌ بِبيتٍ مِنْ رصافتِهــــــا
إلا تداعى بِصَوبِ الكرْخِ وَانْتَحَبـــــا
صاحت تَذكّر فهذا الشَعْب تُدرِكــــه
يا مَنْ سَيُشْهِدُ في بلوائِنا النُّخَبـــــا
قالـَتْ تـَأمَّلْ، فـَهـذا الشَعب تـَعرِفـُهُ
يـا من عُرفَْتْ بـِهِ الأورام والجَربــــا
لـكـنـَّـهُ اليومَ تَيْه قدْ حبَتْكَ بــــــه ِ
تـلـكَ المَظالم أيـَّامَ الـعِـراقُ كبـَــــا
وَصارَ لـِلذبحِِِ كلِّ الذبح فِعْلتــــــــه
وكنتَ تأتيْ بـِذاكَ الـدَّمِّ مُعـتـَصِبــــا
وكيْفَ تهْمي دماءٌ مِِنْ مَـفـاصِلــــــِه ِ
نَبعا ًيُعانـِقُ وَجـهَ الأرضِِ مُحتـَسـِبــــا؟
اليَوم يَنسابُ مَبتورا ً جوانحـــــــــه
يصيحُ بالناسِ كونوا مَرتعا ًخَصِبـــــــا
تَرويه كيْ يَحرقوا في لـَيل ِ دهرهمـــــو
هذي الغوايةَ والأوثانَ والنـُّصُبــــــا
صاحَتْ لـِخـَمسـَةِ أعـوام ٍ يـُطوفُنـــي
دمٌ عبيطٌ فما خوّى وما وثبــــــــــا
كأنـَّهُ يَسـتـَميل الشعب أجمـَعـــــــَهُ
لـِكي يـُعيدَ لـَهُ الكرب الذي ذهـَبــــــا
يا صَبر أهلي العراقيِّين..يا غُرَبـــــــا
يَسْري بها اللـَّيلُ،قرب الفَجر ِ،مُنثقبـــــا
لكنـَّهُ النهج، نهج ُالهدم يا وطنـــــــي
وهيَ الجَماجم ُ..يَكفي القاتلين غـَبــــــا
أنَّ الـمآسي التي قادوا العِراق لهــــــا
ما حـَرَّكـَتْ منهمو رأسا ًولا ذ َنـَبـــــا
ودحرجوا مَرَّة ًأ ُخرى جَماجِمهــــــــا
لـِيحرقوا مَرَّة ًأ ُخرى بها خَشـَبــــــا!
وَيُجزرون وَرَبِّ البَيت.. أهلهمـــــــو
هذي الرِّقابُ التي قد قـُطـِّعَتْ إرَبـــــا
هـــذي الرُعاعُ بُطون خِمْصُها أزِلٌ
فـَسوؤهُم لَم يَزَلْ للعهرِ مُنتـَسِبـــــا
هُم أشعَلوا النـَّار..هُم كانوا مَشاعِلَهــــا
وَمِنهُم المَوتُ نَحوَ الـرَّافِـدَيـن ِدَبــــــى
تـَكالبوا كـُلـُّهُم كي يَذبَحوا وَطنـــــــا ً
ولمْ يَهابوا شَعْباناً ولا رجَبـــــــا
تـَشّتّت ْ قرْبهم أجْسادُنا فرَقــــــــا
وَارْجَفَتْ بَعدَهُم أرْواحُـنا عَجَبـــــــا
وَكل ّ أمْوالنا كانَت لجُعبَتِهـــــــــم
مَنْ يأمنِ الشعبَ لا ترجوا له أدبــــــا
فـَأجْمَعوا أن يَهيْنوا مجدَنا حنَقــــــــاً
وقد غـَدَا جَمْعُهُمْ في دحْرِِنا سـَبَبـــــا
مِن كلِّ جارٍ تـَمادى فاتحـا فَمَـــــهُ
وحْشٌ سيملأُ أطفالاً لنا رَهَبـــَــــا
ويدّعي شرفاً للعُرْبِ واعجبــــــي
من ساقط لايرى أصلاً و لا نَسَبـــــا
هم حَلّلوا بفتاواهم لأمريكــــــة
مصالحا جعلت أحجارَهم ذهبــــــا
لم يرتض الشعبُ فيما أغتاله وثَنــاً
من بعدما سقطتْ أوثانُ من شغبـــــا
هتافنا أنـَّنا من أ ُمـَّة ٌعــــــَرَبٌ
والـحـَمْـدُ للهِ صرْنا أ ُمّـَة ً خَرَِبـــا!
وَكيفَ تَهْدي الـعـراقيـِّينَ عَن حُلُـــم
كانـُوا بـِهِ لحضاراتِ الأولى عُرُبــــا!
لوْ أنّ عقْل الوَرى إرتدَّ من زَمـــــن ٍ
أحلامنا لنْ ترَى زَيْفا ولا كذِِبــــــا
تَصالَحوا أهلَنا إن كنتمو نُجـــــــبا
وأرجِعوا مَجْد منْ طالَ السَما حِقبَــــا
وَما تُريدونَ في قتل الأولى غلســـــاً
مَنْ آثروا الـشِعْر والقِرطاس والكُتبـــا
وآثـَروا أن تغنّوا الليّل ما اتسّعــــــت
ضِفافنا لنْ ترَى إلا لَها عَبَبـــــــــا
يكادُ دِجلة مِمـَّا فـيـهِ مِن عَبـــــــقٍ
على البساتين يغري كأسنا حببـــــــا
ما عاد يطعمنا في جوعنا كـــــــربٌ
والأدعياءُ استطابوا دوننا الرطَبــــــا!
كتبت في تورنتو اونتاريو / كندا، ليلة التاسع من نيسان / ابريل 2008
ملاحظة: نشرت مسوّدات هذه القصيدة قبل يومين بطريق الخطأ، وها نحن ننشر النسخة الاصلية مع الاعتذار .
13 ابريل 2008