محكمة مصرية تزيح التهمة عن السعداوي بازدراء الدين

عدنان ابو زيد من امستردام : رفضت محكمة مصرية الاسبوع الماضي ، إسقاط الجنسية المصرية عن الكاتبة نوال السعداوي، بعد رفع دعوى ضدها بسبب آرائها quot;المدافعة عن حقوق المرأةquot;واتهمها بنشر سلسلة كتابات من شأنها اثارة

رواية أولاد حارتنا لنجيب محفوظ اثارت أزمة كبيرة منذ أن ابتدأ نشرها مسلسلة في صفحات جريدة الأهرام حيث هاجمها شيوخ الجامع الأزهر وطالبوا بوقف نشرها، لكن محمد حسنين هيكل رئيس تحرير الاهرام حينئذ ساند نجيب محفوظ ورفض وقف نشرها

الفتنة في المجتمع، وازدراء الأديان والتطاول على الشريعة الاسلامية. ولعل هذا الامر وما شابهه منقبل يطرح السؤال مجددا حول التباين في فهم بعض النصوص الإسلامية وتطبيقها، وعلاقاتها بصنوف الابداع من شعر وقص ورسم وغير ذلك من انواع الفنون الاخرى ، والاشكاليات التي تؤدي في مجملها إلى ظاهرة التكفير على مدى تاريخها.

تأنيث الذات الالهية

وظاهرة التكفير تعود اليوم بقوة بعد افولها لفترة من الزمن محدثة الشرخ ومسببة الانقسام بين سلفيين وحداثيين في غالب الاحيان . وكانت المحكمة رفضت الدعوى ضد السعداوي ، مستندة إلى (حق المواطن فى التنقل والترحال والعودة الى وطنه) . وقبل ذلك ... كان الازهر الشريف قد حظر تداول كتاب نوال السعداوى (الاله يقدم استقالته) بعد ان اتهمها بـ quot;إهانة الذات الإلهية، وسب الأنبياء والتهكم عليهم (...) . واعلن الازهر ايضا ان مسرحية (سقوط الإله في اجتماع القمة ) تتضمن كفرا صريحا . وتعرضت السعداوي لدعوى قضائية أخرى تطلب إعلان ردّتها لاتهامها بـالتطاول على الذات الالهية بعد ان طلبت السعداوي تأنيث الذات الالهية في سورة quot;الاخلاصquot;، قائلة إن اللغة العربية منحازة للرجل على حساب المرأة.

صِدام مستمر

ان مايحدث اليوم من صدام بين السعداوي وسلفيين يرون ان من حقهم اجهاض الكلمة التي يرون فيها ( ردة وكفرا ) ، يعيد الى الذاكرة حوادث مماثلة اتهم فيها كتاب بالردة وازدراء الدين ، فقد استدعي الشاعر الاردني موسى حوامدة امام المحكمة على خلفية قضية كتابه الشعري ( شجري أعلى ) الذي صدر عام 1999 وصودر في شهر آذار عام 2000 من قبل دائرة المطبوعات والنشر الاردنية بحجة تغيير العنوان من( أستحق اللعنة ) إلى ( شجري أعلى ) . وكانت محكمة عمان الشرعية قد وجهت تهمة الردة إلى الشاعر الحوامدة في أيار عام 2000 وكانت عقوبتها فسخ عقد زواجه وحرمانه من الميراث والحجر على ممتلكاته وأمواله المنقولة وغير المنقولة إلا أن المحكمة الشرعية ردت عام 2000 تلك الدعوى بعد أن أنكر الحوامدة التهم المنسوبة إليه وأوضح للمحكمة مقصده الشعري الذي لا يهدف إلى تحريف القرآن أو الاعتراض على كتاب الله ولا ينفي قصة يوسف .

فتنة التكفير

وأثار كتاب (فتنة التكفير ) للمفكر محمد عمارة جدلا واسعا واتهم الكاتب بانه يسعى الى إثارة الفتن الطائفية وتأجيجها بين الأقباط والمسلمين وازدراء المسيحية والمسيحيين وتهديد وحدة البلاد.
وفي الاسبوع الماضي انتقد المفكر القطري عبد الحميد الانصاري الفتوى التي أصدرها رجل الدين في السعودية الشيخ عبدالرحمن البراك بتكفير كاتبين سعوديين قائلا إن هذه الفتوى تأتي في سياق الصراع الفكري المحتدم بين اتباع الجمود السلفي ودعاة التغيير والإصلاح .
وقال الانصاري إنه استغرب صدور مثل هذه الفتوى الخطرة وفي هذا الوقت وفي السعودية بالذات التي تشهد على امتداد السنوات الأخيرة حراكاً فكرياً واجتماعياً مثمراً أفرز جناحاً صحياً تنفس فيه الفرقاء فكراً (منعشاً )على حد قوله . وكان البراك كفر الكاتبين (أبا الخيل) وهو من المتخصصين في القضايا الفكرية الإسلامية و عبدالله بن بجاد العتيبي الذي يعالج في كتاباته التطرف الديني . الجدير بالذكر ان كتاب ( الحداثة في ميزان الاسلام ) لعوض القرني وهو عالم دين من السعودية قد اورد اوصافا لشعراء وادباء عرب متهما اياهم بالردة والكفر ، ويصف الكتاب ادونيس وكتابه quot;الثابت والمتحولquot; بانه تلمود الحداثة، ركز فيه على تهديم الدين الإسلامي واللغة العربية، ويضيف كتاب القرني .. ان ادونيس أشهر عتاة الإلحاد وأظهر عداة الدين والإيمان، وقد انتحل مجموعة من الأعمال الغربية ونسبها لنفسه.

نزار وأمل دنقل

ان مايحدث اليوم من صدام بين السعداوي وسلفيين يرون ان من حقهم اجهاض الكلمة التي يرون فيها ( ردة وكفرا ) ، يعيد الى الذاكرة حوادث مماثلة اتهم فيها كتاب بالردة وازدراء الدين

ويصف كتاب القرني الشاعر نزار قباني ، انه جعل من المرأة مجرد جسد، وإناء لتفريغ الشهوة الجنسية، يركز على أعضاء الجنس، والملابس الداخلية للنساء، ويأتي بعبارات صارخة مكشوفة جنسيا، ويجاهر بالإلحاد، والتهكم بالله ورسوله والدين والشريعة، ويبغض العرب لفرط شعوبيته.
وعن السياب يقول القرني ... السياب .. أصيب بالشلل ومكث يستجدي زملاءه وأصدقاءه فلم يجيبوه حتى مات في الكويت عام 1964، شعره مليء بالرموز الوثنية، والانحرافات الفكرية والسلوكية.
وعن امل دنقل نقرأ في كتاب القرني بانه ( أي دنقل ) معجب بالماركسية والوجودية رافض يقينية الدين الإسلامي، متخبط في الأوهام والشكوك، عاش متسكعا في المقاهي، متعاطيا للخمور والحشيش، مقارف للموبقات، كان سليط اللسان، شديد القبح في منظره ومخبره، تشم رائحة الشيوعية منه عن بعد، وشعره مليء بالعقائد الضالة، ومنها التهكم بالله والامتداح للشيطان، هلك بالسرطان عام 1982.

تركي الحمد ونصر ابو زيد

وكان عالما دينيا اتهم تركي الحمد بالكفر واسماه بالمأفـون . الجدير بالذكر ان كلية اصول الدين في المنوفية في مصر منحت رسالة دكتوراة في عام 2006 لطالب يكفر فيها مجلة روزاليوسف وصاحبتها وكتابها.. وأثار ذلك لغطا كبيرا .. وكانت ابحاث وكتابات نصر حامد ابو زيد اثارت ضجة إعلامية في منتصف التسعينات من القرن الماضي. فقد أتُهم بسبب أبحاثه العلمية بالارتداد والإلحاد. ونظراً لعدم توفر وسائل قانونية في مصر للمقاضاة بتهمة الارتداد ، عمل خصوم أبو زيد على الاستفادة من أوضاع محكمة الأحوال الشخصية، التى يطبق فيها فقه الإمام أبو حنيفة، والذي وجدوا فيه مبدأ يسمى الحسبة طالبوا على أساسه من المحكمة التفريق بين أبو زيد وزوجته. واستجابت المحكمة وحكمت بالتفريق بين نصر حامد أبو زيد وزوجته قصراً، على أساس أنه لا يجوز للمرأة المسلمة الزواج من غير المسلم ، وفى نهاية المطاف غادر نصر حامد أبو زيد وزوجته ابتهال يونس الأستاذة في الأدب الفرنسي القاهرة نحو المنفى إلى هولندا، حيث يعمل نصر حامد أبو زيد الآن أستاذا للدراسات الإسلامية في جامعة لايدن.

نجيب محفوظ .. خروج على المِلّة

ابحاث وكتابات نصر حامد ابو زيد اثارت ضجة إعلامية في منتصف التسعينات من القرن الماضي. فقد أتُهم بسبب أبحاثه العلمية بالارتداد والإلحاد

وكانت رواية أولاد حارتنا لنجيب محفوظ اثارت أزمة كبيرة منذ أن ابتدأ نشرها مسلسلة في صفحات جريدة الأهرام حيث هاجمها شيوخ الجامع الأزهر وطالبوا بوقف نشرها، لكن محمد حسنين هيكل رئيس تحرير الاهرام حينئذ ساند نجيب محفوظ ورفض وقف نشرها فتم نشر الرواية كاملة على صفحات الاهرام ولكن لم يتم نشرها كتابا في مصر، وقد كُفر نجيب محفوظ بسبب هذه الرواية، واتهم بالإلحاد و الزندقة، والخروج عن الملة، وقال عنها الشيخ عمر عبدالرحمن :أما من ناحية الحكم الإسلامي فسلمان رشدي الكاتب الهندي صاحب آيات شيطانية ومثله نجيب محفوظ مؤلف أولاد حارتنا مرتدان وكل مرتد وكل من يتكلم عن الإسلام بسوء فلابد أن يقتل ولو كنا قتلنا نجيب محفوظ ما كان قد ظهر سلمان رشدي.

[email protected]