عبداللّطيف الوراري: إلْـتأم بأغادير/جنوب المغرب لفيفٌ من كتّاب المدينة وشعرائها حول مائدة فكريّة وأدبيّة عكفتْ على مقاربة ثلاثة كتب حديثة الصّدور تنوّعتْ محاورها بيْن اللسانيات والسّرد والشّعر، وأثارتْ في محاورها جمْلةً من الْقَضايا المعرفيّة والجماليّة المخْصوصة:
ـ quot;في رحاب السرد:قراءة في البنيات والدلالات الروائبةquot; لعبدالسّلام أقلمون،
وهو كتابٌ في نقْد نصوص روائية وقصصيّة مغربيّة قدّمه الناقد عبدالرحمان التمارة من منظور quot;نقد النقدquot;، ووقف من خلاله على الخلفيّة النظرية الثّاوية فيه، والمحمولات الأساسية النّاظمة لإشْكالاته الّتي تفرّعت إلى شقّيْن نظريّ وتحليلي، وقال إنّ الكتاب يسهم في توسيع النّقد الرّوائي بناءً على فنّ المقال محكوماً، في نظره، بنسق quot;الملاءمةquot; الأجناسية والمنهجية، ويعترف نقديّاً بالعمل التّأْسيسي لنجيب محفوظ. وممّا جاء في مقدمة الكتاب:
quot;لقد كان المنجز النقدي المغربي والعربي والغربي حافزاً لنا على دخول رحاب السرد الروائي بمنهج منفتح، واستعداد للاستمتاع بالنصوص والاستماع لها.لهذا نعمل عند التحليل على مسايرة النصوص،وقراءة بنياتها ودلالاتها بحسب ما يتيحه كل نص من بنيات ودلالاتquot;.

ـ quot;تعريف المصطلحات في الفكر اللساني العربيquot; للبشير التهالي،
وهو كتابٌ يندرج في إطار اللّسانيات الّتي تتناول مفهوم quot;التعريفquot;، وقدّمه الأستاذ الباحث محمد الملاخ الّذي اعتبر أنّ الخوض في موضوع التعريف من المباحث الصّعبة في الدراسات القديمة والحديثة، لأنّه ينقلنا إلى أجهزة معرفيّة متعدّدة ومتداخلة.وقد قارب الباحث مشكلة التّعريف من خلال جهازٍ مفاهيميّ يمتح تعريفاته من علوم المنْطق والأُصول والمعْجم والنّحو فيما هو يعود إلى التراث ويحاوره،وذلك من منظور إبستيمولوجي يميّز بين حدود الاستعمالات المختلفة داخل معارف ونصوص تراثيّة متنوّعة أتاحت له الاقتراب من وعيٍ جديدٍ ينتقل بنا من لسانيات التّراث إلى لسانيات الظّواهر،ويكشف عن المفاهيم الرحّالة من علْمٍ إلى آخر في إطار ما يسمّيه إدوار سعيد بquot;هجرة النّظريةquot;.وممّا جاء في مقدمة الكتاب:
ـ quot;تتناول هذه الدراسة مفهوم quot;التعريفquot;، وتثير من خلاله موضوعاً لسانيّاً خاصّاً يتجاوز الواقع اللغوي المنجز، ويدنو من فلسفته، وقوانين تحقّقه وتشخيصه الابستيمولوجي، كما تنظر إليه بوصفه مصطلحاً دلالياً ينادي مرجعيات علمية متعددة يتحكّم فيها علم المنطق اعتباراً لكونه التُّرْبة الأصلية للمفهومquot;.

ـ quot;ضجر الموتىquot; لسعيد الباز،
وهو كتابٌ شعريّ كما يُؤْثر صاحبُه تسميته،وقدّمه الكاتب والنّاقد رشيد يحياوي الّذي قال إنّ الشاعر يُسائِل الفراغ الحافّ به وبالأشياء رغم وجودها في الحيّز، لكنّ الديوان لم يأتِ منْ فراغ،فقد انْحدرت نصوصه من امتلاء واحتدام عقْد التسعييّات الّذي أُنْتِجت فيه، وما رافقها من تبدُّل طال مفاهيم القصيدة المغربية وجماليّاتها. واستطرد أنّ هناك إدراكاً حادّاً بالزّمن، وتقابلاً لافِتاً بين موتى ضجِرين وحياةٍ لا تستحقّ الاحترام،وهو ما انعكس على شعريّة العمل الّذي تبدّى فيه العالم مأساويّاً بسبب اللّاجدوى والعبث والفراغ كـتِيماتٍ مهيْمنة، وجعل الذّات تُواجه ألمها بمُفْردها،وعمّق إحساسها بانْفِصالِها عن الأمكنة. وأضاف أنّ ذات الشّاعر توحّد بيْن وجودها وعدمها، وبين صباحها ومسائها، لا سيّما وأنّها لا تنظر إلى الحياة والموت بمعْناهُما الفيزيقي، بل بوصْفهما مُعادليْن لتناقضات شرطها الإنْساني الّذي تعيشه عبْر رؤى منفلتة داخل الفراغ الّذي تملؤه الشّكوك والقلق.
وأعقب مقاربات المائدة المستديرة الّتي نظّمتها جمعية النجمة الخضراء ببهو بلدية أغادير، وأدارها الجامعيّ محمد حفيظي مُداخلاتٌ مُفيدة ومخصبة ساهم بها عددٌ من الوجوه الثّقافية الّتي حضرتها من أمْثال الزهرة المنصوري وبديعة الطاهري ومحمد الخطابي وعبدالعزيز الراشدي وعبداللّطيف الوراري، وعقّب عليْها أصحاب الكتب بصفاء وأريحيّة.