محمد الحمامصي : صدر العدد الأول من مجلة ذاكرة مصر المعاصرة وهي مجلة ربع سنوية تصدرها مكتبة الإسكندرية، وتهدف إلى إعادة كتابة التاريخ المصري بصورة بسيطة تتيح للجمهور معرفة التاريخ الوطني المصري، ضم العدد موضوعات متنوعة وغنية بالمعلومات والصور النادرة مستهلة بتقديم بقلم د.إسماعيل سراج الدين، وكتب الباحث محمود عزت عن أول برلمان مصري، مجلس شورى النواب 1866، بمناسبة مرور 142 عام على أول برلمان مصري بدأت معه الحياة النيابية والتشريعية المصرية، وشمل الموضوع خطبة الخديوي إسماعيل التي ألقاها في حفلة افتتاح مجلس شورى النواب، وتطرق إلى مداولات أول مجلس شورى، كما تضمن الموضوع عرض لأهم المقترحات التي تضمنتها مضابط المجلس.
وسلطت المجلة الضوء على طابع بريد: سميرة موسى، 1917- 1952، العالمة المصرية التي اشتهرت عالمياً بنبوغها في مجال علوم الذرة، وهي أول عالمة ذرة ولقبت باسم ميس كوري الشرق، وهي أول معيدة في كلية العلوم بجامعة فؤاد الأول، وألقت الضوء أيضاً على ظرف تذكاري: برج القاهرة.
وكتب الباحث عبد الوهاب شاكر عن زيارة السلطان وشارع عبد العزيز، يروي فيه قصة زيارة سلطان الآستانة السلطان عبد العزيز لمصر والتي دعاه إليها الخديوي إسماعيل، حيث بدأ السلطان الرحلة في 3 ابريل 1863 برفقه ابنه الأمير يوسف عز الدين، ووزير الحربية فؤاد باشا، ووزير البحيرة القبطان محمد باشا، وحاشية إمبراطورية كبيرة، رحلتهم مستقلين اليخت السلطانيquot; فيض جهادquot;، وفي 7 ابريل وصل السلطان واستقبله الخديوي على يخته الملكي بميناء الإسكندرية، وتوجه السلطان ليستقل قطاراً خاصاً إلى القاهرة، وكانت زيارته حافلة حيث استقر بقصر الجوهرة بالقلعة وزار ضريح محمد علي، وشهد مراسم الاحتفال بخروج المحمل الشريف إلى الحجاز، وزار الأهرامات.
وسلطت مجلة ذاكرة مصر المعاصرة الضوء على العدد الأول من مجلة الهلال الصادرة في الأول من سبتمبر عام 1892 في 32 صفحة عن مطبعة التأليف التي صارت فيما بعد مطبعة الهلال بشارع الفجالة. صدر العدد الأول يحمل افتتاحية بقلم مؤسسها جرجي زيدان، واتسم إخراج العدد الأول بالبساطة، وتتصدره كلمة الهلال بخط بارز أسفله التعريف بالمجلة بأنها quot; مجلة علمية تاريخية أدبيةquot; وقيمة الاشتراك خمسون قرشاً، وطبعت بمطبعة الهلال بالفجالة، وكتبت هذه العبارات باللغتين العربية والانجليزية.
وخصص العدد صفحة للأوسمة والنياشين: نيشان محمد علي، الذي كان له المقام الأول في المملكة المصرية. ويشتمل على قلادة وطبقة واحدة هي الوشاح الكبر، وعلى نوطين أحدهما من الذهب والأخر من الفضة.
واستكتبت مجلة ذاكرة مصر المعاصرة الدكتورة لطيفة سالم، والتي كتبت موضوع بعنوان quot;فاروق الملك الذي هوىquot;، تناولت فيه تاريخ ملك مصر منذ ولادته في 11 فبراير 1920 وحتى لفظه لأنفاسه الأخيرة في 17 مارس 1965. تطرقت الدكتورة لطيفة إلى حياته الشخصية والرواسب التي أثرت في سلوكياته والتي تتعلق بتربيته وتكوينه وأسرته، والمناخ الدولي الذي أثر في اتجاهاته وحاشيته سواء الرسمية أو غير الرسمية.
وتحت عنوان quot; مصطلحات من زمن فاتquot; عرضت المجلة لمعاني كلمات منهاquot; بكquot; وهي كلمة تركية من quot; بيوكquot; أي كبير، ولها كثير من المعاني منها أمير، وحاكم، ورئيس، وآمر. وأيضاً كلمات مثلquot; ألاجةquot; وهي كلمة تركية تعني الشيء الملون بألوان كثيرة، وquot;ألايquot; اصطلاح عسكري منذ العصر العثماني يقصد به الوحدة العسكرية.
وكتبت الباحثة أميرة داوود، موضوعاً بعنوانquot; السفينة مباحث.. علامة فارقة في تاريخ علوم البحارquot;، وهي السفينة التي قامت برحلة استكشافية في أول تعاون علمي بين مصر وانجلترا عام 1933، وخرجت بعدد كبير من الاكتشافات الهامة مثل اكتشاف نظام تبادل كتل المياه والتيارات البحرية العميقة، بين خليج عدن والمحيط الهندي، وبالتالي تعد رحلة السفينة مباحث بمثابة بداية حقيقية لتاريخ علوم البحار في مصر والمنطقة العربية بأسرها. تم تدشين السفينة مباحث وإنزالها إلى البحر في 11 سبتمبر عام 1930، وقام بتسمية السفينة حضرة صاحب العزة سيزوستريس سيداروس بك، سفير مصر في بلجيكا وهولندا، وقد صحبه في تلك المناسبة فؤاد الماوردي بك نائب مفتش عام الهندسة في الحكومة المصرية و براوننج بك مفتش مصلحة خفر السواحل ومصايد الأسماك المصرية.
وكتبت الباحثة صفاء خليفة، تحت عنوان quot; 90 عامًا على ميلاد جمال عبد الناصرquot;، موثقة لتاريخه السياسي منذ تحمسه لفكرة تنظيم للضباط الأحرار، وتوقيعه لاتفاقية الجلاء مع بريطانيا عام 1954، وإعلان الوحدة بين مصر وسوريا 1958، إنشاء الاتحاد الاشتراكي العربي عام 1957، وأبرز مؤلفاته منها رواية quot; في سبيل الحريةquot;، و quot;سلسلة مقالات فلسفة الثورةquot;.
وكتب الباحث عمرو شلبي، عن أبرز مقتنيات متحف السادات، وهو المتحف الذي أقيم بمبادرة من السيدة الفاضلة سوزان مبارك، رئيس مجلس أمناء مكتبة الإسكندرية، وبمشاركة أسرة الرئيس السادات. وقد أقيم المتحف على مساحة 250 متراً مربعاً في الجزء الجنوبي للمكتبة. وخصت السيدة جيهان السادات المتحف بمقتنيات تعرض لأول مرة تقديراً للمجهود الذي قامت به مكتبة الإسكندرية وتحقيقاً لحلم قديم تريد تحقيقه، وهو أن يكون هناك متحف دائم للرئيس الراحل يليق بشخصه وبذكراه.
وقصت الباحثة سوزان عابد ضمن حكايات وروايات من مصر، حكاية تحت عنوانquot; تركي وألباني..ما أشبه اليوم بالبارحةquot;، روت فيها تاريخ مئات السنين فصلت بين دولة ابن طولون ودولة محمد علي فهناك ألف عام تفصل بين بارحة أحمد بن طولون مؤسس الدولة الطولونية، ومحمد علي مؤسس آخر دولة مستقلة في مصر.
تبدأ أحداث الرواية في عهد الدولة العباسية، عندما تولى ولاية مصر رجل تركي يدعى باكباك الذي فضل البقاء في بغداد إلى جوار الخليفة وفي بلاطه بدلاً من الإقامة في مصر، لذا قرر باكباك أن يرسل من ينوب عنه في إدارة شئون مصر، ووقع اختياره على ابن زوجته quot;أحمد بن طولونquot; وهو من الأتراك أيضًا ndash;الطبقة التي كانت لها السيادة زمن الدولة العباسية- فعمل ابن طولون على تدعيم مركزه السياسي والاقتصادي حتى استقل بحكم مصر وتولى شئونها هو وأولاده من بعده.. ثم مرت السنين وخلف دولة ابن طولون دول كثيرة؛ منها دولة الإخشيديين والفاطميين والأيوبيين والمماليك، وهي جميعًا دول مستقلة في ظل الخلافة العباسية (تبعية اسمية وولاء شكلي للخليفة) فيما عدا الفاطميين فقد كانت خلافة مستقلة تنافس الخلافة العباسية.. ثم انتقلت الخلافة من العباسيين إلى العثمانيين الذين عملوا على بسط نفوذهم على الولايات المختلفة وخضعت مصر للحكم العثماني عام 1517م. وعمل العثمانيون على إرسال الولاة إلى مصر من جديد وأصبحت مصر دولة تابعة لسلطان العثمانيين بعد أن كانت دولة مستقلة لها سيادتها.. إلى أن جاء إلى أرض المحروسة رجل ألباني الأصل قدر له أن يؤسس دولة جديدة؛ هو محمد علي باشا مؤسس الدولة العلوية عام 1805م؛ تلك الدولة التي انتهت بقيام ثورة 23 يوليو 1952م وتحولت مصر من بعدها إلى النظام الجمهوري.
وحول حديقة الأزبكية، عرضت المجلة لصورة نادرة لها من تصوير بيشار عام 1870، مشيرة إلى أنها عبارة عن أرض زراعية تقع إلى الجنوب من خط المقسquot; ميدان رمسيس حالياًquot; وكانت مياه النيل تغمر تلك الأراضي سنوياً وكان يتخلف بها بعد الفيضان بركة. وكان مولد هذه الضاحية سياسياً وعمرانياً على يد الأمير أزبك بن ططخ وإليه نسبت.
وتحت عنوان quot;كلاكيت ثاني مرةquot; خصصت مجلة ذاكرة مصر المعاصرة موضوع عن quot;تاريخ توت عنخ آمونquot; للمستر هوارد كارترquot; وهو مقال كان قد نشر في صحيفة السياسة عام 1923. وتضمن الموضوع صور وثائقية نادرة حول اكتشاف المقبرة ومراحل البحث والتنقيب عنها.
ومن عروض الكتب التي تضمنتها المجلة، عرض كتاب بعنوانquot; الفلاح والسلطة والقانونquot; للباحث محمد غنيمه، وهو صادر عن دار الكتب والوثائق القومية عام 2007، للمؤلف د. عماد هلال. خرج الكتاب في 369 صفحة وهو يعد من الدراسات التي تميزت بالجدية والصالة والتي تناولت تاريخ مصر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، ويعرض هذا الكتاب مدخلاً جديداً ومثالياً في دراسة التاريخ الاجتماعي وهو دراسة الجريمة.
وكتب الدكتور خالد عزب عن الجمعية الجغرافية المصرية، باعتبارها أقدم جمعية علمية عربية، تضم متاحف وكتباً نادرة وخرائط تاريخية. ففي 19 مايو 1875 أصدر الخديوي إسماعيل باشا مرسومًا بإنشاء الجمعية الجغرافية الخديوية Societe Khediviale de Geacute;ographie في القاهرة، وقرر لها إعانة سنوية 400 جنيه، حدد للجمعية مهمتين أساسيتين هما: دراسة علم الجغرافيا بجميع فروعه، وإلقاء الضوء على البلدان الإفريقية وتنظيم الجهود الكشفية فيها.
كانت جلسات الجمعية تعقد شهريًا، اعتمدت خلالها الفرنسية كلغة مكاتبات، وصار للجمعية مجلة علمية سنوية، وتستمد الجمعية أهميتها في الساحة الدولية إبان عصرها، باعتبار أن أول جمعية جغرافية في العالم تأسست في باريس سنة 1821م، تلتها الجمعية الجغرافية الألمانية في برلين عام 1828م، ثم تأسست الجمعية الجغرافية الملكية في لندن في عام 1830م، والجمعية المكسيكية سنة 1833م، وجمعية فرانكفورت سنة 1836م، والجمعية الروسية سنة 1845م، والجمعية الأمريكية سنة 1851م، والجمعية الجغرافية في برنامبوكو بالبرازيل 1863م، ثم الجمعية الجغرافية المصرية سنة 1875، التي تعد بهذا تاسع جمعية جغرافية متخصصة في العالم، كما أنها أقدم جمعية خارج أوروبا والأمريكتين.
وصورت عدسة الفنان محمد طمان تمثال محمد علي بالمنشية، الذي تم تدشينه في احتفال رسمي يوم 19 ديسمبر عام 1872، وصممه ألفريد جاكمار أحد أشهر المثالين الفرنسيين في القرن التاسع عشر.
وأوضحت الباحثة شيرين جابر كيفية البحث في موقع ذاكرة مصر المعاصرة على الانترنت والذي تم تدشينه العام الماضي في حضور السيدة الفاضلة سوزان مبارك بدار الأوبرا بالقاهرة، وهو موقع يحتوي على مواد وثائقية وأرشيفية عن تاريخ مصر منذ عهد محمد علي وحتى نهاية حكم الرئيس محمد أنور السادات، وتجولت بنا الباحثة إيمان الخطيب في موقع ذاكرة قناة السويس الذي دشنته مكتبة الإسكندرية توثيقاً لتاريخها منذ وجودها كفكرة ومراحل حفرها ويضم الموقع مئات الوثائق والكتب والصور وأفلام الفيديو والخرائط بعدة لغات.
وذيلت المجلة ببعض اللطائف والطرائف من صفحات التاريخ منها quot; حادثة كفر الزياتquot;، وquot;ترقيم منازل القاهرةquot; الذي بدأ في 27 مارس 1897 تسهيلاً لعملية التعداد كان ذلك بداية العهد بترقيم القاهرة. كما احتوت الصفحات الأخيرة على بعض النكات الطريفة من المجلات القديمة والإعلانات المصرية في القرن الماضي.
تقع المجلة في 92 صفحة ويشرف عليها مدير مكتبة الإسكندرية الدكتور إسماعيل سراج الدين، ويرأس تحريرها الدكتور خالد عزب، وسكرتيرة تحريرها الباحثة سوزان عابد، وراجعها لغوياً أحمد شعبان وعمر حاذق، وصممها الفنان محمد طمان.