يحيى الشيخ من القيروان

الى صديقي الرسام......

أوصيك!
أولا: فكر في الوقت الذي يسبق الرسم فهو ليس ملكك، كما يبدو، انما وقت كل الموجودات في الكون التي تمنحك الاحساس به، فبادلها الأمر، أما الرسم ذاته فوقته ليس ملكك ايضا! انه وقت من خارج الحياة، غير محسوب، فلا تبخل به مادام هبة من الله.

ثانيا: خذ قلم حبر، غير مهم أي لون كان، وورق رسم واكتب وصيتك؛ quot;.. إن ما سترسمه هذه المرة هو آخر ما ترسمه في حياتك ولن تعود إليه كما كنت من قبله..quot; واذا نكثت وصيتك.... فالانتحار! كما فعل العشرات من قبلك.

ثالثا: أطرد امرأتك من المرسم، إن كنت حريصا عليها، فاللوحة تثير غيرتها القاتلة، فتسحقها أو تسحقك.

رابعا: تحف! ولامس الأرض بقدمين عاريتين، فطاقة الأرض ستسري عبرهما الى جسدك، الى يديك، إلى إناملك وتمنح قلمك طاقة المواد الخام في الكون.

خامسا: لا تنظر الى اللوحة، بل خلالها، تصرف بعرّي تام فهي تراك وتراقب سلوكك، انها مرآة زئبقها شذى وجودك. تجل كما في حضرة الإله تحيطك الملائكة.

سادسا: بعيداً.. بعيداً.. بعيداً، فيما وراءك، فيما حولك، فيما أمامك.... ثمة كيان للحظة واحدة عليك استيعابه، كما يبلغ الفسفور توهجه ساعة إنطفائه.

سابعا: لست مقطعاَ من أسطورة جلجامش، أنت تسعى أن تكون سطرا فيها. لا بأس كنّ حرفا ممسوحا!.

ثامنا: لا تخفْ من الموت! فأنت وأنت ترسم ميت سلفا، فقم بما عليك ساعتها.

تاسعا: لا تترك الرسم قبل أن يتركك!

عاشرا: إنس وصيتي! quot; فبذلك رحمة لك وغفران لي quot;