أما تدركين؟
إنه الصبحُ ينهضُ،
واللهُ يستبدل الضوءَ بالظلِّ فوق الترابِ،
فانهضي.
عندكَ الوقتُ كي تنهضي
ودعي النومَ حتى المساء.
كلّ شىء تغير بعدَ الغيابِ،
وعما رأيتِ على الأرضِ ما قبلَ قبركِ.
ثمةَ طيرٌ على القبرِ يخفقُ طول الصباحْ،
والمدارسُ تفتحُ أبوابها
بانتظار دروسكِ في الحبِّ..
هل تدخلين؟
ادخلي!
مثلما كنتِ بين الأناشيدِ،
أو قاعة الحزبِ،
أو غرفة الحبَّ،
أو غابة الوحشِ..
ما تفعلين
افعلي
حرةٌ أنتِ كالطيرِ فوق ترابكِ،
تمرحُ أو تتزاوجُ إثنينِ إثنينِ حتى تموتْ.
افعلي ما تشائينَ حينَ تشائينَ
ثمّ عودي
إلى القبرِ عند المساءِ.
لكِ كل النهارِ،
نهارٌ صغيرٌ سيكفي لهذي الحياةْ
من المهدِ حتى مدار السرطانْ،
لقطاراتِ لندنَ،
والمعرضِ البابليّ بلندنَ..
كل الكنائسِ مفتوحة لك أيتها السيدة
فادخلي
عندك الوقتُ كي تلعبي
بين سربِ الحمامْ
لك كل المرايا
لتمشيط شعركِ منذ تفيق الطيورُ
وحتى تنامْ.
أو أقولُ لموتكِ مالا يقالُ.
سأقول لموتكِ يكفيكَ ليلُ
لتفعلَ ما قد تشاء،
ثم ولِّ مع الصبحِ حتى تقوم القتيلةُ
ثم تطيرُ إلى البيتِ( كان بيتاً كبيرا)
لتسقي النباتَ،
وترعى الحديقةَ
ثم تعودَ إلى النومِ بين يديكْ.
إنها قسمةٌ عادلة
أيها الموتُ..
ليلكَ لكْ
ونهار قصيرٌ لنا سيكفي
لاكتمال الحياة
من المهدِ حتى مدار السرطانِ.
سيكفي لاختبار الخلايا
وصنفِ الدمِ
واحتباس القصباتِ على الهواء،
وقياس الحياة على الرأسِ والصدرِ
بعضُ نهارٍ سيكفي
لنفتحَ سيرتنا
ونراجعَ ذاكرة البيتِ
كم كان بيتاً كبيرا!
بكواكبَ يشرقنَ في السرِّ،
بينهنّ وبين الإله عقودُ،
كلماتٌ ووعدُ،
مواعيدُ سريةٌ،
وأغانيَ عشقِ.
كنتِ واسطةَ العقدِ
- يا للإله
كيفَ يختار واسطةَ العقدِ؟-*
لا تندمي!
ارقدي تحت أمّكِ.
كان انتظاراً طويلا
منذُ 16/ 4/ 1998
حتى 30/ 3/ 2009
وهْي تنتظرُ
أن تطلّين فجرا
كيف أخلفتِ موعدها؟
ادخلي بيتَ أمّكِ فهو فسيحُ
ولا ترجعي لمدارِ السرطان..
مدارِ البشر.

هوامش:
سمر أخت الشاعر، المربية والمناضلة التي رحلت في 30/ 3/ 2009
* من مرثية ابن الرومي لابنه بتصرف