كامل الشيرازي من الجزائر: حُظي الرصيد الإبداعي الغزير للأديبة الجزائرية الراحلة quot;صفية كتوquot; (1944 -1989) باهتمام نقدي واسع في ذكرى رحيلها الـ21، وجرى في ملتقى نقدي احتضنته مدينة النعامة الجزائرية (أقاصي الجنوب)، تسليط الضوء على مختلف مراحل العطاء الفكري الثري الذي ميّز مسيرة صفية كتو التي خاضت في دروب الشعر والقصة والرواية، إضافة إلى الكتابة الصحفية قبل أن تنطفئ شمعتها في 28 يناير/كانون الثاني 1989 في ظروف لا تزال غامضة.
وتناول الملتقى الذي نشطه باحثون متخصصون الجوانب الخفية وأبعاد التوجه الفكري و قراءات مغايرة للرسالة الأدبية التي أرادت تلك الكاتبة تبليغها من خلالها أسلوبها القصصي وطريقة كتاباتها الشعرية ومقالاتها الصحفية، كما حاول النقاد في هذا اللقاء فك بعض الالتباس الذي لا يزال يلف حياة صفية كتو واسمها الحقيقي quot;زهرة الربحيquot;، خصوصا مع قلة أو ندرة الدراسات التي نشرت حول أعمالها ومحطات حياتها وانتقالها المستمر من مدينة لأخرى.
ورغم أنّ كثير ممن عاصروا هذه الأديبة الراحلة أكّدوا على نتاجاتها الضخمة، إلاّ أنّ ما هو متوافر في المكتبات لا يتعدى الإصدارين، أحدهما ديوان شعري بعنوان quot;القيثارة الصديقةquot; (1979) والآخر مجموعة قصصية متفردة quot;الكوكب البنفسجيquot; (1981) وقد صدرا تباعا بالفرنسية عن دار أنطوان نعمان بكندا، وباستثناء هذين العملين، تشير الشاعرة quot;رجاء الصديقquot; إلى أنّ الباحث لا يجد أدنى مرجع أو مؤلف ينوه بحياة ومسيرة صفية كتو، وعما إذا تركت مخطوطات أخرى عدا العملين اللذين نشرا لها خارج الجزائر، وبرز من خلالهما صوت الراحلة وحضورها الفعال ضمن أدب الشعر المكتوب باللغة الفرنسية.
ويسود إجماع بين النقاد يتفق على أنّ صفية تمثل أحد الأسماء النسوية الجزائرية التي تألقت في سماء الشعر والإبداع الجزائري ومرت في صمت quot;مطبقquot; دون أن يلتف حولها الإعلام أو تجد رواجا لطبع ونشر إصدارتها، بهذا الصدد، يعلّق الباحث والإعلامي quot;كمال زايديquot; أنّ للحزن لذة وللبكاء وميض ولصفية كل الطعم، تماما مثل للذكرى نزيف وللصمت فناء، ولصفية كل الكلام فهي سيدة المقام، على حد تعبيره.
من جانبه، ذكر الكاتب quot;محمد بوزرواطةquot; أنّ صفية كتو المولودة بمنطقة quot;العين الصفراءquot; في نوفمبر/تشرين الثاني 1944، تعدّ امرأة متمردة و صحفية مغامرة تميزت بالعطاء والتأمل والصمود و تأرجحت بين سكون اللحظة الشعرية الهادئة وحس الطبيعة الدفاق الذي يتلمسه القارئ لأعمالها، بجانب كونها واحدة من عاشقات الإبحار في عوالم الكتابة وهي بحد ذاتها مُنجز شعري وزخم حياتي ترك وراءه العديد من الأسئلة.
ويلاحظ الناقدان quot;مخلوف عامرquot; وquot;مصطفى شفيقquot; أنّ صفية كتو بين أهم الأديبات اللواتي أسسن لمسيرة الكتابة النسوية في الجزائر وأثرين الساحة الأدبية بإبداعاتهن منذ نهاية الخمسينيات، وهو ما يعكسه إنتاجها الفكري والأدبي والقصصي الذي يؤرخ لمختلف المحطات التي عايشتها والتجارب التي مرت بها والأحداث التاريخية المختلفة أثناء فترة الاحتلال الفرنسي وبعد استقلال الجزائر.

في حين، يركّز الكاتب عبد القادر ضيف الله على أنّ صفية كتو تميزت عن غيرها من مواطناتها المبدعات بعلاقتها الوطيدة ببيئتها، وذلك ما عبّرت عنه في ديوانها الشعري quot;صديقتي القيثارةquot; الذي حمل مشاعر مزاجية حادة تأرجحت بين الجفوة والحنين للمدينة والحب والنفور والابتعاد عنها، ثم وصولا إلى الركون لدائرة الصمت.