لا تبخُلْ على مشتاقيكَ ببطيء الدبيبْ فيْ الاوصالْ، إِغرزْ مخالبكَ القاسيةَ في جسدي الناعم قبلَ أنْ يشيخْ، قبلَ أنْ تفترسه الآلامُ الطارئةْ، لا أريدُ أن أكونَ صريعَ ضرباتكَ المتباطئةْ، فذاكَ ألفُ موت، أَبغيك زائراً مباغتاً كي أُريْحَكَ أنتَ مِنْ مَغبَّة الانتظار، كيْ أقدِّم للملأ دليلاً جديداً على أنكَ حيٌ، على أنكَ قويٌ شجاع، على أنكَ لاتكترث للأهوال لانَّكَ انتَ صانِعُها...
هيَّا...
اتحداكَ أنْ تباغتني...
تفاجئني!
تلكَ علامةُ انتصارك الحقيقيةْ، انْ تَمِيتنيْ لحظةً بعدَ لحظة ٍدليلُ جبنك وخوفِك منِّي، صدِّقني لا أريدُ الخلاص، بل أريدُ لك الخلاصَ من ذلِّ الانتظار....
أنتَ أيُّها الموتُ بريءٌ من خطايانا لأَنَّ خطايانا هيَ التيْ تناديكَ أن تفترسَ هذهِ الأَجسادَ، فلماذا تجبنُ وتتعثرُ وتتلعثمُ إرادتُكَ الصَّلدةَ التي تدعيها ؟
أيُّها الموتُ إنِّي أرثيْ لكَ هذا الترَدُّدَ، إِنَّهُ يكشفُ عن زيفِ إِمضائكَ الذي لا يُقْهرْ، ذاكَ الذي تدعيهْ، إنَّك مُجرَّدُ شبحٍ تختفي وراءَ رغبتكَ المقموعةِ بأمرِ الله، ليسَ لكَ من هويتك غيرُ الجبنِ والخوفِ والخزيِّ والعارْ...
لقد مُتنا قبلَ أنْ نموتَ، فأنتَ طاريءٌ مُتطفِّلٌ نَتنٌ نَذلٌ حَقيرٌ وَسِخٌ كَذّابٌ مُخادعٌ مرواغٌ دجَّالٌ مُتحايل... لقد مُتْنا قبل أن نموت بل نحنُ مُتْنَا قبل أنْ نُولدَ ايُّها التافهُ الذي لا يستجيبُ مَنْ يَستنقذُه... مَنْ يترحَّمُه... مَنْ يَستعطفهُ... مَنْ يتوسَّلُه....
أتراني جُثَّة مُلقَاةً على قارعةِ الطَّريق كيْ تُشبعَ نهْمَكَ مِنْ جُبْنٍ تكابرُهُ، مِنْ خوفٍ تَتستَّرُهُ باسمالِ جسدٍ مقدَّدٍ، يُغسِّلُهُ حيضُ مومسٍ لا تطمئن لصالونات الكبار ؟ إنَّها مومسُ شارعٍ مهجورٍ أيُّها الموتُ تستحقُ صلاةَ الملائكةِ الكبار...
أيّها الموتْ!
اقترب!
كُنْ قابَ قوسينِ أو أدنى...
كنْ قابَ (شفتين أو أدنى)!
شرايينُكَ جَدِبَةٌ... قاحلةٌ... أنا أرويها لك، دميْ طريٌ خيرٌ لكَ مِنْ أنْ يجُفَّ فتتجرَّعَهُ على مضضْ، لا أريد لشرايينك أنْ تتجلّطَ من العطشْ. ماؤكَ دمي... دميْ ماؤكَ أيُّها الموتْ...
قانياً...
نديَّاً...
شفَّافاً...
الدِّماءُ الطريَّةُ أيُّها الموتُ تُسقيك َلعنةَ الانتصار الكبير.... الدِّماءُ الجافَّة تعلن أنك ميِّتْ أيُّها الموت...
لا تخُنْ إرادتكْ...
أنتَ الوَحيدُ أيُّها الموتُ الذي ينجو فيما صَدَقتَ مع ذاتكَ النتنة!
أتعْلمُ لِماذا ؟
لانَّكَ تنحرُ بأنيابِكَ النَّخرةِ الوسِخةِ الصِّدقَ مع الذات من الوريد إلى الوريد... تُهرقُ ضميرَ الصَّادقين مع ذاتِهمْ في مبولة الكبار، مبولة القتلةِ والكذَّابينَ والسّراقِ والمُغتصبينَ والتافهينَ والاغبياء... كم شريف ٍعرضتَه مَهيناً في سوق النَّخاسةِ والوساخةِ والامتهان لأنَّه رفضَ أن يسرُقَ قوتَ الفقراءِ والاطفالِ واليتامى والأرامل ؟
طوبى لِمَن خانَ ضميرَه...
سوف لا يُباعُ في سوق النخّأسين...