بيروت: أعلن مهرجان دبي السينمائي الدولي التاسع اليوم الجمعة أسماء المشاريع الفائزة بجوائز ملتقى دبي السينمائي، التي يبلغ مجموعها 100 الف دولار. والملتقى هذا مبادرة من بين المبادرات التجارية النجاحة للإنتاج المشترك التي أطلقها المهرجان، هدفها دعم المشاريع السينمائية التي ينفذها مخرجون عرب، ووصلهم بخبراء عالميين في صناعة السينما.

تعزيز السينما العربية

حقق الملتقى نجاحًا لافتًا منذ العام 2007، إذ انجز 31 مشروعًا في خمسة أعوام، يضاف إليها 13 عملًا سينمائيًا تمر اليوم في مراحل إنتاجية مختلفة، آخرها فيلم quot;وجدةquot;، أول أعمال المخرجة هيفاء منصور، الذي نالت بفضله تقديرًا دوليًا كبيرًا، وفيلم quot;لما شفتكquot; لآن ماري جاسر، وquot;فدائيquot; لدامين أونوري.

وإلى المميزات التي يوفرها الملتقى للمشاركين فيه، كعقد الشراكات الاستراتيجية والاطلاع على أحدث التوجهات السينمائية، تضيف شيفاني بانديا، المدير الإداري للمهرجان، الجوائز quot;كإضافة نوعية مساندة وداعمة للمخرجين، الذين يرغبون في الخروج بأعمال تحظى بعنصر التنافسية، وهنا يأتي دور الملتقى لتعزيز مكانة الإنتاج السينمائي في العالم العربي، ونحن فخورون بمعدل النجاح الذي وصلنا إليه، ونتمنى لجميع المشاركين عامًا يزخر بالنجاح السينمائي المتميزquot;.

جوائز الملتقى ثلاثة بقيمة 25 ألف دولار، مُخصَّصة لأعمال روائية يفتتح بها المخرجون الناشئون مسيرتهم المهنية، إلى جانب جوائز تقدمها منظمات دولية، كجائزة ARTE، مقدمة للمخرجين الاستثنائيين والمؤلفين المتميزين، وجائزة الشركة السينما الكويتية الوطنية Front Row، وجائزة المنظمة الدولية للفرانكفونية، مرصودة للمشاريع السينمائية من الدول العربية الأعضاء في المنظمة.

أما التوصيات فعشرة، ستذهب لمنتجين عرب مشاركين في ملتقى دبي السينمائي، تشكل فرصة لهم ليحصلوا على منحة شبكة المنتجين في مهرجان كان السينمائي، في العام 2013.

فازوا!

في هذا العام، فازت أفلام quot;بطاطاquot; لنورا كيفوركيان إخراجًا وبول شيرزر إنتاجًا، quot;ليلة مقمرةquot;، لفارس نعناع إخراجًا وحبيب عطية إنتاجًا، وquot;أنا، نفسي ومردوخquot; ليحيى العبدالله إخراجًا ورولا ناصر إنتاجًا، بأول ثلاثة جوائز يقدمها ملتقى دبي السينمائي، وقيمتها الافرادية 25 ألف دولار.

وفاز فيلم quot;بيروت سولوquot;، لصباح حيدر إخراجًا وبيير صراف انتاجًا، بجائزة فيلم كيلينك، التابعة لمهرجان دبي السينمائي الدولي، المُخصَّصة للأعمال الروائية الأولى للمخرجين الناشئين، وقيمتها 10 آلاف دولار. وفاز quot;أنت الجزائرquot;، للمخرج فريد بنتومي والمنتج بيير لويس غارنون، بستة آلاف يورو قدمتها ARTE، وفيلم كيلو 56quot;، للمخرج محمد حماد، والمنتج موفق الشوربجي، بجائزة المنظمة الدولية للفرانكفونية، وقيمتها خمسة آلاف يورو، وفيلم quot;صيد الشبحquot;، للمخرج رائد أنضوني، والمنتج بالماير بادينير، بجائزة الشركة السينما الكويتية الوطنية Front Row وقيمتها 10 آلاف دولار.

إلى هذه الجوائز، وقع اختيار الملتقى على بيير صراف وجان وهيب وأسامة البواردي ومريم سيسيني وحبيب عطية وموفق الشوربجي ورامي ياسين وفريد رمضان وسابين صيداوي ومحمد علي بن حمرا، ليكونوا المنتجين العشرة الذين ينالون توصية حضور فعالية شبكة المنتجين، خلال مهرجان كان، في العام القادم.

وجدة المميزة

تميز مهرجان دبي السينمائي الدولي هذا العام بحضور نسائي بارز، تمثل في عنصرين اثنين: كثرة المخرجات العربيات، والصبغة الأنثوية الاجتماعية على مواضيع عدد كبير من الأفلام، ترسم صورة المرأة العربية المسجونة في منزل من حجر أو في سجن نفسي بناه فيها البشر المتمسكون بعادات وتقاليد صارت فيهم طبعًا.

لا بد من التوقف عند quot;وجدةquot;، الفيلم السعودي الول لهيفاء المنصور، الذي يسرد بالصورة النقدية حياة المرأة في المجتمع السعودي، من خلال قصة وجدة، الطفلة التي بلغت العاشرة، وتعيش على حلم اقتناء دراجة هوائية، في مجتمع يبدو فيه الحلم والدراجة بعيدا المنال. لكن الفيلم يصور وجدة المتقدة حماسًا والمصممة على ادخار ثمن الدراجة من عمل تقوم به، كبيع أساور تحمل ألوان فرق كرة القدم الأبرز في السعودية، أو لعب دور مرسال الحب بين عاشقين، والمشاركة في مسابقة دينية طمعًا بالجائزة المالية. قصة إنسانية خاصة، بابعاد لا تتهم احدًا، لقيت تصفيقًا حادًا في المهرجان. كما أن هذا الفيلم سيكون أول فيلم سعودي يوزّع في السوق الأميركية التي ما زالت عصيّة على الأفلام العربية. وهذا دليل كاف على ما يحمله quot;وجدةquot; من معان إنسانية عميقة.

تجارب أنثوية إنسانية

ومن مصر، أتت نادين خان، ابنة المخرج محمد خان، حاملةً فيلمها quot;هرج ومرجquot;، الذي بقي ممنوعًا من العرض في مصر حتى الثورة. لكن من اتى ليشاهد نقدًا لحقبة الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك مني بخيبة أمل كبرى. فالفيلم غير سياسي، يصور قرية مثرية نسيتها الدولة ونسيها العالم، لا ترتبط به إلا من طريق عربة تموين، فيهرج فيها الفتوات ويمرجون.

ومن الجزائر، حملت جميلة الصحراوي فيلمها quot;يمّاquot;، ومعه جائزة أفضل ممثلة التي نالها الفليم في مهرجان نامور البلجيكي، بعدما صورت فيه تمزق أم بين ولدين، ضابط في الشرطة مقتول وقائد جماعة من الإرهابيين متهم بقتله، تكثف فيها قصة الانقسام المجتمعي الجزائري، وتركز من خلال الأم على محنة الانسان، بلا إيغال في مآسي الحرب الجزائرية، ما يلغي عن الفيلم سمة الخصوصية، إذ يمكن أن تحدث هذه القصة في أي مكان وزمان.

إلى هؤلاء، لمع نجم أخريات في المهرجان، كليلى البياتي وخديجة السلامي ولارا سابا وإليان الراهب، غيرهن ممن يسعين للتأسيس لسينما عربية مستقبلية.

مكانة إيرانية

في دورته التاسعة، قدم مهرجان دبي السينمائي ثلاثة أفلام إيرانية، يتميز اثنان منها بطابع إنساني غالب، هما quot;زيباquot; لمخرجته باني خوشنودي والوثائقي quot;كهريزاك، أربع رؤىquot;، بينما ينفرد الثالث بتجربة من الخيال العلمي المسهب بعنوان quot;تابورquot;، لفت أنظار المشاركين في المهرجان بتناوله قصة رجل مصاب بالتوحد يخترع بزة من ألمنيوم لجسده الذي يتأثر بموجات كهرومغناطيسية.

أتى عرض هذه الأفلام الإيرانية ضمن مسابقة quot;المهر الآسيوي الإفريقيquot;، وهي إحدى فئات مسابقة quot;المهر العربيquot; التي انطلقت في العام 2006 للمنافسة بين الأفلام العربية، ثم انطلقت في العام 2008 لتشمل السينما الإفريقية والآسيوية، وفي العام 2010 للأفلام الإماراتية.

من خلال هذه المشاركة، وغيرها على المستوى العالمي، استطاعت السينما الإيرانية تثبيت مكانة بنتها منذ تسعينيات القرن الماضي، لما اكتسبته من ميزات، اساسها معالجة أفكار بسيطة وموضوعات إنسانية، كما قال وحيد وكيليفار، المخرج الإيراني المشارك بفيلم quot;تابورquot;، في حديث صحافي.

أضاف: quot;يحاول المخرجون الإيرانيون منذ زمن تسليط الضوء على الاحتياجات الطبيعية الإنسانية والقضايا العامة التي تمس جميع الناس، من مختلف أنحاء العالم، والتطوير سيتم على يد جيل جديد من المخرجين، له أفكاره ورؤيته الخاصة، فنحن نمر بمرحلة حساسة، والمخرجون الإيرانيون يبحثون عن طريقة للتعبير عن أنفسهمquot;.

تطور إنساني

يصور فيلم quot;زيباquot;، للمخرجة باني خوشنودي الحياة الإيرانية المعاصرة، من خلال قصة ربة منزل ثرية تترك الحياة العامة وتؤثر العزلة، لأنها عجزت عن التأقلم مع محيط لا يمكنها فيه أن تبدي رأيها، أو أن تنتقد الخطأ وتوقف الظلم.

أما الوثائقي quot;كهريزاك، أربع رؤىquot; فيجمع رؤى أربعة مخرجين من أعمار وخبرات مختلفة لمركز quot;كهريزاكquot; الخيري والأوضاع الإنسانية للمسنين القاطنين فيه وطقوس حياتهم اليومية.

أحرز صناع السينما الإيرانية شهرة عالمية، حافظوا عليها بل طوروها من خلال إنتاج الأفلام الثقافية والتفاعلية أخيرًا، برؤية فنية مبتكرة وبأسلوب قصصي مميز. من أبرز الأمثلة على هذا التطور الفيلم الإيراني quot;سيبيراشنquot; الفائز بعدة جوائز منها جائزتي الأوسكار وغولدن غلوب، وجائزة أفضل فيلم في مهرجان برلين السينمائي.

وزع ملتقى دبي السينمائي جوائزه على أفلام مميزة، بينها ما هو باكورة اعمال مخرجين عرب شباب، يعدون بنقل السينما العربية إلى المستقبل. كما حفل مهرجان دبي السينمائي هذا العام بحضور أنثوي مميز، توجه فيلم quot;وجدةquot; السعودي، الذي انفتحت امامه الأسواق الأميركية.