سماء جديدة

والآنَ ماذا سيحدُث
لو أطلّت القصيدةُ برأسِها
من نافذةِ الكتاب
وبصَقت في وجهِ القارئ
وبلَّل الرَّذاذُ المُتطايرُ
وجهَ الناقِد
وغطّت الصحافةُ الحدثَ
بنثرٍ ملغوم
يُبهرُ الشّاعر
إلى جادّة الصَّواب
حيث شمسُ الصَّيف جَنبَ الينابيع
والجليدُ فوق الجبال
والنَّرجس يهفو به النَّسيم
وضَّبابُ القرى يَحجبُ ضوءَ المُدن
والماضي - مستقبلا - حاضرٌ
يمتدُّ كما الأعشاب في الوديان
تكتسحه إشراقات الربيع.

هنا أقامَ الشعراءُ
هنا أومأَ لهم الوزنُ والإيقاع:
القصيدةُ نسلٌ نادر.

رقيقةٌ هي الكلمات...
رفيقٌ هو الجوعُ إلى الأسماء!

السقطة

عَن يَمينٍ
أو عن شَمالٍ
يُدوّم العالمُ
فوق مِضجَعه البارد
بحثاً عن لُغةٍ جَرداء
يرى فيها سنواتَهُ الأرضيّة
كوكباً يَتذرّعُ بقوّةِ الإيمان
بالمَنظر السّاجي
في صَحراء الأبديّة
وحين يسترعي الانتباه
من النهار
أو من الليل
عن يَمين
أو
عن شَمال
يهوى العالم
على الوجه الصَّحيح
في أزمنته الخاويّة.

زمنٌ بلا أزمنة

أيّها الماضي
إنَّكَ لم تَمتْ
فكلّما أبتغي الانطلاقَ
في اللانهائي
أجدْكَ واقفاً أمام الباب
تطالب بأجرٍ
عن أداءٍ
في دقائق حياتي.

من قال لك إنَّ لي حنيناً ndash; تأسفاً أو توجساً -
إلى زمنٍ ما...
إنُّه حنينُك أنت
أيُّها الماضي
حدْ عن طريقي
اتركْ الوقتَ يولدْ دوما
يبرقْ في اللا محدود
لا أريد آتياً أو غابرا
أنْ يشاركني مائدة الأوان.

حَنانَيْكَ! امضِ
لا مكانَ لك
في هذا الحاضر الوليد...
فلا شيءَ ثمَة
من قبلُ
ومن بعدِ
الآن.

الطيف العائد

شاعرٌ آخرُ غَلِق رَهْنُه
رحلَ إلى أرضِ القصيدة
التي لم نرَها
كان قد أشارَ إليها
هنا وهناك
بجُملٍ مُبْهَمة...
كان يعمل عليها سرّاً
ليلَ نهارْ.
وفجأةً سمِعنا،
أنَّه قد أوشكَ أنْ يُكملها
بحيثُ هبَّ يطيرُ فَرَحاً
يطيرُ،
يطيرُ نحو العُلا،
حتى ارتطم بالمُطلَق
فسقَطَ جثةً هامدة
كطيرٍ أصابَه صيّاد.

من يدري!
ربّما هو الآنَ في أرضِها.

إلا أنّ الشاعر - حين يموت -
عليه الانتظار طويلا
لكي يدخل أرضَ القصيدة؛
القصيدة التي كان قد وعَدنا بها
لكنَّهُ غَرّنا بالأماني.