إعداد عبدالاله مجيد: عُثر في باحة شرقي لندن على آثار مسرح شكسبير الخشبي الأصلي الذي قُدم فيه اول عرض لمسرحية هنري الخامس وروميو وجوليت.
وكان مسرح quot;ذي كَرتنquot; في منطقة شورديتش شرقي العاصمة البريطانية سبق مسرح quot;ذي غلوبquot; على نهر التايمس بوصفه أول خشبة عُرض عليها عدد من اشهر مسرحياته. ولكن المسرح هُدم في القرن السابع عشر ولم يُعرف موقعه بدقة.
الآن عُثر على جزء من الباحة المغطاة بالحصى حيث كان المشاهدون يقفون ويأكلون ويتبادلون الأقاويل ويتابعون المسرحيات. وعُثر مع الباحة على جدران الأساس التي بُنيت عليها طبقات من المدرجات الخشبية في ما كان ساحة مفتوحة منذ 500 عام. وأصبحت المنطقة المحيطة واحدة من أشد مناطق لندن كثافة بالبناء.
واكتشف خبراء من متحف آثار لندن مقطعين من الجدار الخارجي يتسمان بأهمية بالغة في تكوين فكرة عن ابعاد المسرح وحجمه. واعرب الخبراء عن ثقتهم باكتشاف المزيد مع تهيئة الموقع لبنائه من جديد. ولعل الباحة الخارجية المعبدة بعظام الغنم تعود في تاريخها الى زمن بناء المسرح نفسه أو ربما بعده بفترة وجيزة.
والمعروف منذ زمن طويل ان مسرح quot;ذي كرتنquot; كناية بالطريق القديم الذي يتصدره المبنى، يقع في هذه المنطقة ولكن مكانه على وجه التحديد ضاع بعد تقادم المبنى وتداعيه في أواخر العقد الثالث من القرن السابع عشر. ولا يبعد الموقع الكائن في شارع هيويت إلا رمية حجر عن لوح دقيق بصورة لافتة يؤشر المكان. وكان المسرح الذي بُني في عام 1577 لا يبعد إلا مئات قليلة من الأمتار عن مسرح آخر على طريق quot;كرتنquot; أُطلق عليه، من دون كل الأسماء، أسم quot;المسرحquot; الذي اكتُشفت أُسسه في عام 2008 وكان مكتشفها ايضا متحف آثار لندن. وكان المسرحان من اقدم المسارح في لندن وربطتهما علاقة حميمة بأعمال شكسبير.
وعندما اختصم الممثل ـ المدير جيمس بربايج مع مالك ارض quot;المسرحquot; عمدت الفرقة الى تفكيك اخشابه ليلا ونقلها عبر النهر لبناء مسرح شكسبير الأشهر وهو quot;ذي غلوبquot; على ضفة بانكسايد.
والى أن أُنجز بناء المسرح الجديد ظلت فرقة شكسبير تستخدم مسرح quot;ذي كرتنquot; عامين على الأقل ابتداء من عام 1597 وعليه قُدمت مسرحية هنري الخامس والعرض الأول لمسرحية روميو وجوليت ايضا.
واثار نبأ اكتشاف مسرح شكسبير الأول فرحة غامرة في الوسط المسرحي الشكسبيري لا سيما وانه يأتي خلال المهرجان الدولي المكرس لأعماله. ونقلت صحيفة الغارديان عن دومنيك درامغول المدير الفني لمسرح quot;ذي غلوبquot; الذي أُعيد بناؤه بطراز حديث، وصفه اكتشاف المسرح بأنه نبأ quot;مثير للغايةquot;. واضاف درامغول انه سعيد بحقيقة quot;اننا نحفر لندن، ونزيل ببطء الأكداس البائسة من عصر فكتوريا وعصر الامبراطورية، ونرفع الغطاء عن لندن الجامحة، الفوضوية البهيجة التي تكمن تحت السطحquot;. وقال ان ذلك يذكره بمنطقة زاكالو في العاصمة المكسيكية حيث تغوص كل القصور الاسبانية ببطء في الأرض وتنبثق معابد حضارة المايا الى السطح.
وقال مايكل بويد مدير فرقة شكسبير الملكية ان من الملهم ان يكون متحف آثار لندن اكتشف أُسس مسرح quot;ذي كرتنquot;، وانه يتطلع quot;الى لمس الطين والحجر إن لم يتسن لمس الخشب وتحسس وجود ذلك الفضاء الذي تركت فيه اعمال شكسبير الأولى، بما فيها التاريخية، مثل هذ الأثر الذي لا يُمحىquot;.
وعُثر في الموقع على كِسَر من انبوب طيني مهشم يعود تاريخها الى زمن وجود المسرح وشظايا خزفية وبلاطات جدارية. واعرب متحف آثار لندن عن ثقته بالعثور على مصنوعات وقطع أثرية مع الكشف عن مزيد مما يحويه الموقع. وكان خبراء المتحف عثروا في مسارح أخرى من فترة حكم آل تيودر على صناديق فخارية يضع فيها رواد المسرح قطعا نقدية قبل الدخول. وكانت الصناديق تُكسر خلف المسرح فيما بعد لأخذ ما فيها. وقال كريس توماس من متحف آثار لندن انه واثق من ان نقودا وفخاريات موجودة في موقع المسرح تنتظر من يعثر عليها.
ويشكل الموقع جزء من حارة تملكها شركة عقارية تعتزم دمج الأثر التاريخي كفضاء عام بمشروع مختلط من المكاتب والأسواق والعمارات السكنية. وقالت تيريس باك من شركة برنغل براندون درو للهندسة المعمارية ان من المؤمل تحويل الموقع الى فضاء للأعمال المسرحية والمعارض الفنية في اطار المجمع.