ترجمة عن الكوردية: مكرم رشيد الطالباني


اليوم...
الإنسان مليء بالأسواق!!
إنك تشهد الأسواق
وهي تتجول في الإنسان!
الأسواق...
تبتاع كل شيء
الأسواق...
تدير كل شيء!
فالأسواق...
هي من تحدد أسعار الإنسان!
والسلع..
هي التي تختار الإنسان!

***
اليوم...
الإنسان مليء بالأسواق!!
هناك عباءةٌ...
تلفّ نفسها بإمرأةٍ
ديناراً ديناراً تقف أمامهم
وهي تستجدي الإنسان!
هناك عباءةٌ...
تلفّ نفسها بإمرأة
وهي تقرأ الكف
تمسكُ بأيدي سوقٍ
وتقول إنك ستمتلك هذا الإنسان المزدحم!
تنظر إلى جيوب ذلك السوق وتستطرد قائلة:
إنه قدرك
إعطني إذن حقي جراء مشورتي هذه..
يبتسم السوق
ويقول: إنها السـ...عادة بعينها!

***
اليوم...
الإنسان مليء بالأسواق!!
هناك صينية..
وهي تتأبط (لقمة قاض)
وهي تبيع الأطفال..
أسمعها من بعيد وهي تنادي
لدي أحدث الأطفال!
لا زال يتقطر منهم (الشيرة)!
هناك مجموعة من الحمير
وهي تنزل من ظهور أصحابها
فيبتاع كلّ منهم طفلاً
ويأكلونهم مقهقهين!
والصينية سعيدة
بكل تلك الدراهم التي يقبضها من الحمير!
تبيع كل الأطفال
ومن ثم تغادر وهي تصفر وترقص
وتقول مع نفسها:
إنها السـ......عادة بعينها!

***
اليوم...
الإنسان مليء بالأسواق!!
هناكَ عربة يدوية
تدفع إنساناً!
وهي تضع رزمتين من الدنانير
على ظهر ذلك الرجل الهزيل
لتبادله بألف باقة من البصل الأخضر!
العربة اليدوية حزينة وهي تستطرد قائلة:
الرب يعلم بأنني أربي بهاتين الرزمتين من الدنانير
أسرةً بعينها..
غير أن الأسواق في أتون هذا الإنسان المزدحم
لن يقتربن منها
لتعود حزينةً إلى البيت مساءً..
لكنها تقول بدورها:
إنها السـ.... عادة بعينها؟!

***
اليوم...
الإنسان مليء بالأسواق!!
هناك سيارةُ أجرةٍ
وهي تفتح باب سائقها وتنادي:
دينار... بألف راكب!
وكتابٌ
منهمكٌ في شرح الوجود
يطبعه في فيلسوفٍ ويبيعه!
هناكَ منديلٌ
يبيع (ملا) رأسه في سوق الهرج
لبيتاع بثمنه
حفنةً من السعادة!

***
اليوم...
الإنسان مليء بالأسواق!!
هناكَ جدارٌ
يصبغ الصباغين!
هناكَ مكنسةٌ
ترمي بـ(كناس)ها الذي تمسكُ به
وتستطرد قائلة: بالله حرام، لن يرض الله بذلك!
هناكَ كرسيٌ..
يريد وزيره لأجل السوق!
وآلة كمنجة..
تعزف على عازفها لساعتين.. بألفي دينار!
رجلٌ يحملُ دراجة
والدراجة تبكي من أجل طفلٍ
غير أن الرجل يقول:
ليس لدي نقوداً كي أبتاع به ذلك الطفل!
وتسأل الدراجة:
إذن أين السـ...عادة؟!

***
اليوم...
الإنسان مليء بالأسواق!!
اليوم الإنسان.. في عمرٍ
يتغير كل لحظة!
تقف الهراوات بـ(شرطتها)
على أسواق الأرصفة
وهي تعدد أنسنة أيدي النقود إنساناً إنساناً!
هناك سيارة... منهمكة في شراء عاشقٍ!
والدجاج..
بأصحاب دكاكينها
لن تلحقَ بذبح (سكاكين)ها!
والعصائر متلهفة
لتركيب بائعيها
هناكَ حملٌ
يقف أمام دكانٍ تلطخت عتبته بالدماء
وهو ينادي
لدينا (معلاك) قصابٍ ذبحته تواً!
ومن ثم يستطردُ قائلاً:
هذه هي السـ....عادة!

***
اليوم...
الإنسان مليء بالأسواق!!
في الإنسان..
تباع السعادة بأبخس الأثمان!
لكن ليس هناكَ سوقٌ يقترب منها!
ومن بعيد..
ترى الناس يزدحمون في الأسواق غير إنكَ لن تر شيئاً آخر
غير الأسواق!
تزدحم الأرض بالأسواق!
والمدن تبيع الإنسان بأبخس الأثمان!
يا إلهي..
لماذا اليوم يزدحمُ الإنسان بالسوقِ؟!


عن صحيفة (هولير) اليومية، العدد (1540) في 26/2/2013.