طليطلة: أخيراً، وبعد أن تجاوز الترجمان الأمهر الثالثة والستين من عمره، هو رجل الظل بامتياز، هاهي بادرة جميلة تأتي من مدرسة طليطلة للمترجمين TOLEDO ESCUELA TRADUCTORES
الواقعة بقصر الملك دون بيدرو وسط المدينة، لتكريم صالح علماني.
صالح الذي أمضى ما يزيد على ثلاثة عقود من الزمن، وهو يترجم بعض أبهى وأرفع ما كُتب في الإسبانية من أدب. وكنت قد كتبت هنا عن صدور ترجمته رقم مئة، دون أن يلتفت له أحد، سواء من الجانب الإسباني أو العربي، على أمل أن يكون هذا الحدث الفذ، بدلالاته الاستثنائية الفارقة، فاتحةً لإعطاء الرجل بعض ما يستحقه من الجانبين. هو الذي شكّل بعمله الدءوب والباهي، أفضل جسر بين الثقافتين في العصر الحديث.
إذن عمّا قريب، سوف تحتضن المدرسة الأعرق تاريخياً في عموم قارة أوروبا، تلك التي أسّسها الملك ألفونسو العاشر، قبل ثمانية قرون، وترُجمت عبرها أهم مخطوطات الحضارة الإسلامية .. ستحتضن علماني ونخبة من كبار الأدباء والمترجمين الإسبان، للاحتفال والاحتفاء بالرجل / الجسر. الرجل الذي آثر أن يعمل بصمت رهباني، ويتجنّب الإعلام بمختلف وسائله ووسائطه، لينقل للعربية مئة ثمرة من أبهى ما أنتجته شجرة الثقافة الإسبانية على مرّ العصور، وبخاصة في عقودها الأخيرة.
جدير بالذكر أن مدرسة طليطلة للمترجمين مؤسسة للبحث تابعة لجامعة كستيا-لامنتشا، وتعود بداية نشاطها إلى سنة 1994 تحت لواء المجلس الجامعي لطليطلة وذلك بدعم من المؤسسة الأوروبية للثقافة. ويديرها حالياً واحد من أفضل المترجمين الإسبان للغة والأدب العربيين: السيد لويس ميغيل.