هل انتهت تحف فنية لمونيه وبيكاسو وغوغان سرقت من هولندا العام 2012 محروقة في بلدة جميلة في الريف الروماني محاطة بحقول بدوار الشمس؟ هذا السؤال يشغل اوساط الفن والمحققين وبلدة كاركاليو (شرق) الواقعة على اقدام جبال ماسين مسقط رأس رادو دوغارو ووالدته اولغا التي قالت انها احرقت اللوحات المقدرة قيمتها ب18 مليون يورو في موقدة الحمام quot;املا في القضاء على الادلةquot;. وقد تراجعت اولغا عن اعترافها هذه لكن تحليلا اجراه متحف التاريخ الوطني في رومانيا كشف ان الرماد الذي ضبط في منزلها يحوي بقايا ثلاث الى اربع لوحات زيتية. واوضح مدير المتحف ارنست اوبرلاندر تارنوفيانو ان المسامير المستخدمة لتثبيت اللوحات على اطرها quot;تعود الى ما قبل نهاية القرن التاسع عشرquot;. الا انه لم يؤكد ان الامر يتعلق باللوحات التي سرقت من متحف كونستال في روتردام. واعتبارا من الثلاثاء يحاكم دوغارو ووالدته واربعة رومانيين اخرين في بوخارست في اطار احد اكبر عمليات سرقة اعمال فنية في هذا القرن.
في بلدة كاركاليو الجميلة على ضفاف نهر الدانوب، بشوارعها المحاطة بالزهور واشجار الفاكهة والمنازل ذات الالوان هادئة والحدائق التي تظللها الكرمة، اثارت القضية quot;صدمة في مجتمع غير معتاد على عمليات تفتيش يجريها عناصر شرطة ملثمونquot; على ما تقول ايكاترينا وهي quot;جدةquot; متقاعدة في السادسة والستين. وتقول اينسا توما رئيسة البلدية في مقابلة مع وكالة فرانس برس quot;كنت اتمنى الا يحصل هذا الامر. كنت اتمنى ان يتم الحديث عن بلدتنا بسبب تقاليدنا وثقافتنا وليس بسبب اللوحات المسروقةquot;. وتتابع قائلة quot;في الواقع ابناء البلدة يعملون بجهد ولا يتسببون بالمشاكلquot; املة الا تلحق تصرفات بعض الاشخاص الاذى على السكان جميعا.
غالبية السكان المسجلين في البلدة وعددهم ثلاثة الاف هم quot;ليبوفينيquot; وهي اقلية ناطقة بالروسية انتقل اسلافها للاقامة في رومانيا قبل 300 سنة هربا من الاضطهاد في روسيا القيصرية.
ويقيم 1250 فقط منهم غالبيتهم من المتقاعدين في البلدة باستمرار فيما يعمل الاخرون خصوصا في ايطاليا ولا سيما في مجال البناء والعناية بالمسنين. والى جانب لغة quot;ليبوفينيquot; اي الروسية القديمة يتقن كثيرون اللغة الايطالية في كاركاليو.
وتقول جدة اخرى ترفض الكشف عن اسمها quot;للاسف هذه القضية شوهت صورة بلدتنا في حين اننا اشخاص يجهدون في عملهمquot;. ومعروف عن quot;الليبوفينيquot; انهم عملوا بالالاف في ورش اشغال عامة في الحقبة الشيوعية. رادو دوغارو المتهم الرئيسي بعملية السرقة والبالغ حوالى عشرين عاما والدته ليبوفينية ووالده روماني. وكان غالبا ما يتوجه الى هولندا مع صديقته وهي من البلدة ايضا حيث كانت تمارس الدعارة. وهو له سوابق في قضايا تتعلق بعمليات قتل والاتجار بالبشر ويصفه بعض سكان البلدة بانه quot;عنيفquot; و quot;زعيم عصابة اجراميةquot; .
ويقول احد السكان مفضلا عدم الكشف عن اسمه خوفا من عمليات انتقامية quot;كلما كان يأتي الى البلدة كنا ندرك ان اشياء سيئة ستحصل فهذه العصابة تسرق وتهددquot;. اولغا والدة رادو كانت تقيم حتى توقيفها في منزل ابيض جميل. وقد تكون احرقت فيه اللوحات بعدما نبشتها من المقبرة التي خبأتها فيها بعد توقيف نجلها. واليوم تقيم في المنزل احدى صديقاتها التي ترفض دخول الصحافيين اليه وتؤكد انها quot;لا تعرف شيئاquot; عن اللوحات.
ويبدو ان دوغارو وضع اللوحات ايضا عند خالته مارفا المحبوبة جدا في البلدة من دون معرفتها وهي تقول لوكالة فرانس برس quot;لا زلت تحت وقع الصدمةquot;.
وبين اللوحات المسروقة quot;رأس مهرجquot; لبابلو بيكاسو وquot;جسر واترلوquot; و quot;جسر شارينغ روسquot; في لندن لكلود مونيه وquot;امرأة امام نافذة مفتوحةquot; لبول غوغان.
ويقول ياكوب ياكوب الذي يعمل في ايطاليا لكنه يمضي عطلة في بلدته quot;في حال حرقت فعلا فالامر مؤسف جدا لانها كان ارثا للاجيال المقبلةquot;. ودعا كاهن الكنيسة فاسيلي ايفلي اعضاء رعيته الى البوح بكل ما يعرفونه عن هذه اللوحات..