فوجئ العديد من الفنانين العراقيين في اختيار فيلم "القادسية" من إنتاج العراق ليعرض ضمن افتتاح المهرجان القومي للسينما المصرية مساء الجمعة الخامس من شهر كانون الأول/ديسمبر الحالي، على الرغم من التحفظات المصرية عليه.


عبد الجبار العتابي من بغداد: تنطلق فعاليات المهرجان القومي للسينما المصرية مساء الجمعة المقبل، وسيعرض في الافتتاح فيلم "القادسية"، إنتاج دائرة السينما والمسرح العراقية عام 1981، وهو من إخراج صلاح أبو سيف، وبطولة سعاد حسني وعزت العلايلي وليلى طاهر والعديد من الفنانين العراقيين، من أبرزهم شذى سالم وكنعان وصفي وسامي قفطان.

أثار الفيلم دهشة العديد من الفنانين والإعلاميين العراقيين، لكونه إنتاجًا عراقيًا، بينما المهرجان يمثل السينما المصرية، فضلًا عن اعتراف العديد من الفنانين المصريين بشيء من الندم لاشتراكه في الفيلم، ومنهم الفنان عزت العلايلي، بطل الفيلم، الذي جسّد دور «سعد بن أبي وقاص»، الذي أكد أنه لم يكن على علم بأن الفيلم كان موجّهًا سياسيًا، خاصة أن إنتاجه كان قبل بدء حرب العراق ضد إيران، فضلًا عن منعه من العرض في مصر من قبل الأزهر آنذاك.

مرمّم احتفاء بالسندريللا
إلا أن البعض، ومنهم الناقد السينمائي العراقي مهدي عباس، لم يجد أن هناك سرًا في هذا الاختيار من بين مئات أفلام الفنانة الراحلة سعاد حسني، وقال: لا أعرف تحديدًا ما سر الاختيار، ولكن يبدو أن لديهم نسخة جديدة، وأرادوا عرضها، ولا أعتقد بوجود أي تعليل، وقد اتصلت بإدارة المهرجان، ولم تتم إجابتي.. لكن المعروف أن المهرجان سنويًا يفتتح إما بفيلم نادر مرمّم أو بفيلم قديم مميز.
&
وأضاف: كان المفروض أن يتم الافتتاح بفيلم مصري قديم مرمّم، ولكن تم تغيير الافتتاح بالقادسية، تكريمًا لسعاد حسني، كما قال أحد المواقع، لكونه عملًا عربيًا مشتركًا من فنيين وفنانين من مختلف الأقطار العربية، وأعتقد أن الحكومة المصرية ووزارة الثقافة ليست لديهما أية حساسية تجاه أي موضوع، وإذا كانت هنالك إشارة إلى إيران، فوزير الثقافة المصري كان أول المرحّبين بفوز الفيلم الإيراني بالجائزة الكبرى في مهرجان القاهرة.

العلايلي: استغلتنا المخابرات
يذكر أن الفنان عزت العلايلي، بطل الفيلم، الذي جسد دور «سعد بن أبي وقاص»، قال بعد سنوات إنه لم يكن على علم بأن الفيلم كان موجّهًا سياسيًا، خاصة أن إنتاجه كان قبل بدء حرب العراق ضد إيران. وأوضح العلايلي.. عندما تم توجيه الدعوة إلينا من مؤسسة السينما العراقية، قررنا تشكيل فريق العمل من كاتب السيناريو محفوظ عبدالرحمن والمخرج صلاح أبوسيف، والأبطال الراحلة سعاد حسني وليلى طاهر وأنا ومهندس الديكور مختار عبدالجواد وأنس أبو يوسف، واتفقنا على تقديم عمل تاريخي، ولم نتوقع أن يتم استغلالنا في ما بعد لصالح المخابرات العراقية وحزب البعث.

أضاف: "قدمت الشركة المنتجة إنتاجًا ضخمًا، ولم تعبأ بتوزيع الفيلم، حيث تم عرضه في سينما واحدة فقط في مصر، وتحديدًا في حي شبرا، وعندما ذهبت الشركة المنتجة إلى مهرجان «كان» أدركنا الهدف من وراء هذا العمل، وهو ما أوجعنا جميعًا، حيث اكتشفنا أنه تم استغلالنا لخدمة المصلحة العراقية ضد إيران. وتابع: الغريب أنه عندما عرض أمر هذا الفيلم على الرئيس السادات، كان رد فعله أنه لا بد أن تشارك مصر في أي عمل فني عربي، رغم خصومته الشديدة لنظام صدام حسين، مؤكدًا أن السادات لم يكن على علم بأن الفيلم موجّه سياسيًا، وإلا لكان رفض مشاركتنا فيه.

وعن منع الأزهر عرض الفيلم آنذاك، قال العلايلي: لم يكن الاعتراض بسبب سياسي، وإنما جاء الاعتراض على عدم جواز ظهور شخص الصحابي «سعد بن أبي وقاص» في عمل فني، لأنه أحد العشرة المبشّرين بالجنة.

عكاشة: أبو سيف ليس فخورًا به
من جانبه، نفى الكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة أن يكون فيلم «القادسية» من إنتاج مصري، مؤكدًا أن الفيلم كان يحمل أهدافًا دعائية لحرب ظالمة شنها العراق ضد إيران بدعم أميركي. وقال عكاشة: لا أعتقد أن المخرج صلاح أبوسيف كان فخورًا بهذا العمل، بل اعتبره من أسوأ أفلامه على الإطلاق، موضحًا أن أي عمل فني موجّه سياسيًا من حاكم ديكتاتور يأتي بنتائج ضعيفة.

وأضاف: لسنا بحاجة إلى إعادة مثل هذه الأفلام لتصحيح أوضاع أو مغالطات تاريخية لاختلاف الوضع الحالي عن ذي قبل، موضحًا أن حرب «القادسية» كانت ضد بلاد الفرس من غير المسلمين، بينما الحرب التي خاضها صدام كانت ضد إيران الدولة المسلمة، ومن ثم فليس هناك وجه للمقارنة بين الصحابي «سعد بن أبي وقاص»، حامي البوابة الشرقية للدولة الإسلامية، وبين صدام حسين، الذي خاض حربه بهدف إشاعة الفرقة بين السنة والشيعة.
&
&