بغداد:اعلن في محافظة النجف عن وفاة الفنان المسرحي احسان التلال عن عمر ناهز الخمسين عاما في احد مستشفيات المدينة بسبب ذبحة صدرية بعد ان دخل المستفى قبل اسبوعين لاصابته بالربو وأتهابات حادة في القصبات.
ودّع المسرحيون العراقيون زميلهم الكاتب والممثل احسان التلال بعد معاناة من المرض عن عمر ناهز الخمسين عاما، بعد مسيرة فنية حافلة بالانجازات ممثلا وكاتبا واداريا في فرقة النجف للتمثيل التي كان احد مؤسسيها الثلاثة وقد اجتهد كثيرا طوال السنوات من اجل ان يزدهر المسرح النجفي، ونال الراحل شهرة كبيرة بعد اعداده لمسرحية (الذي ظل في هذيانه يقظا) عن قصيدة للشاعر عدنان الصائغ اخرجها غانم حميد، واثارت ضجة كبيرة حين عرضها عام 1992 بعد 21 يوم من العروض المتواصلة الى ان اوقفتها السلطات ، وكان الراحل قبل دخوله المستشفى منشغلا بتهيئة الجزء الثالث من الهذيانات، في عملٍ يربو على 100 ممثل وممثلة.. وقد أعد له الكثير، لكن الموت كان له رأي اخر ,

والتلال نجفي المولد والنشأة ولد عام 1963،وكانت مدرسته الاولى بيت أبيه الاديب والشاعر علي التلال الذي جعل من بيته منتدى لإرتياد الشعراء والادباء النجفيين وغيرهم وإحسان تعلم من هذه المدرسة الاولى ومن محيطه فشب نابها فبرغم مواهبه الادبية والشعرية إنجذب الى الفن،وإعتاد والده إصطحابه معه في كل المنتديات والمجالس النجفية وكان الاستاذ الدكتور محمد حسين الاعرجي احد أصدقاء والده، يتوسم فيه قدرة التوجه نحو الأدب والفن، لذا حفز الاعرجي رحمه الله صاحبه مرارا ويسمعه بين حين وآخر هذه الجملة (إنتبه لولدك يا أبا إحسان فإنه إما أن يكون شاعرا أو ممثلا) وينجح التلال للأخذ بالأتجاهين الشعر والفن لمقدار ما عنده من جدية ونباهه.
بدأ عمله المسرحي عام 1978 في البت الثقافي العمالي، ثم مع فرقة نقابة الفنانين فرع النجف ومع مراكز الشباب ودار الثقافة الجماهيرية، وحاز على جائزة أفضل ممثل واعد عام 1982م في مهرجان وزارة التربية في محافظة صلاح الدين عن دورة في مسرحية (لماذا)، اكمل مشواره بأكاديمية الفنون الجميلة في بغداد وتخرج منها عام 1991، تعلم الاخراج على يد المخرج الكاتب والمخرج مهدي سميسم غير انه توجه الى تقديم عروض تجسد معاناة العراقيين بإطار كوميدي ساخر من واقعهم بشكل غير مباشر على الاغلب، وهو القائل: كان في مدينتنا مسرح مزدهر، في خلال سبعينيات القرن المنصرم، وظهرت لدينا فِرَق وطاقات مسرحية تضاهي فِرَق بغداد ،لكن مع بدء الحرب العراقية الإيرانية عام 1980، وتدهور أوضاع الفن والثقافة في العراق بسبب استبداد نظام صدام، انهارت مقومات العمل المسرحي لدينا، ومع ذلك فإن الضربة الأكثر إيلاماً للمسرحيين لم تكن في تدمير وحرق المسرح الوحيد في النجف عام 1991، وإنما في تركه على حاله خرباً طوال عقدين من الزمان
وشارك الراحل في العديد من الاعمال المسرحية ممثلا ، فيما كتب العديد من المسرحيات وهي: يوم جديد. إخراج غانم حميد، ما دار في ذهن الشيطان. إخراج غانم حميد،هذيان الذاكرة المر إخراج غانم حميد،أسمى النجوم إخراج سهير كمال بهنام، الذي ظل في هذيانه يقظ إخراج غانم حميد،سن العقل إخراج غانم حميد،هذيان المرايا إخراج إحسان ألخالدي، وردة وعذاب وأمل إخراج علي المطبعي،الحقيقة تحت الرمال إخراج علي المطبعي،شعيط ومعيط إخراج علي المطبعي،مملكة شعواط (لم تمثل)،علي بابا والأربعين سياسي (لم تمثل)،ألو بغداد(لم تمثل)،أشياء ليست للبيع (لم تمثل)،تراتيل في قلب مثقوب إخراج علي المطبعي،وزارة السماد (إعداد) عن مسرحية لمحي الدين زنكه إخراج علي المطبعي،والورثة (لم تمثل)، ويمكن الاشارة الى ان الثلاثية التي أعدها للمسرح تباعا لفتت أنظار النقاد والباحثين في مجال المسرح إليه إذ تمتاز المسرحيات الثلاث التي أعدها للمسرح (هذيان الذاكرة المر)، والجزء الثاني من (الذي ظل في هذيانه يقظا) والجزء الثالث: (تراتيل في قلب مثقوب) وتناولها العديد من طلبة الدراسات العليا في كلية الفنون الجميلة في جامعة بغداد وجامعة بابل سيما الجزء الثاني من الثلاثية (الذي ظل في هذيانه يقظا) في أطاريحهم لنيل شهادة الدكتوراه أو الماجستير. وأهم تلك الدراسات التي قدمت عن هذه المسرحية هي أطروحة الدكتوراه التي قدمتها الطالبة السعودية الأصل لؤلؤة عبد الرحمن لجامعة السوربون عام 2002 والموسومة بهذا العنوان (أدب الرفض خارج العراق وداخله).

يقول عنه الاستاذ الدكتور محسن عبد الصاحب المظفر: التلال نجم من نجوم الفن المسرحي النجفي المبرزين،جال في مسارح بغداد منذ بداية التسعينيات وذاع صيته بين الاوساط الشعبيةوكان مبتغاه محاربة الدكتاتورية ومناهضةالحرب،وصل مستوى إبداعه الى انه ينظم القصيدة الطويلة (للشاعر عدنان الصائغ)موظفة للمسرح أي أنه يحول القصيدة الى مسرحية وهذا في الشأن المسرحي إبداع لا يضاهيه إبداع.

اما الدكتور محمد حسين حبيب فقال عنه مخاطبا اياه: الان عرفت ما الذي كان (بعد الوصية) مسرحيتك الاخيرة تاليفا واخراجا وتمثيلا، موتك الذي كان بعد هذه الوصية يا صديقي، يا اكبر ساخر فيسبوكي ضمته قائمة اصدقائي: من سيسخر بعدك من التوافه ؟،يا اجمل شاعر (ابوذيات) فيسبوكية: من سيفجر قائمة اصدقائي بالقهقهات الممزوجة بالدموع،يا احلى احسان ضمته قائمة اصدقائي طيبا ونبلا وصدقا و (مسرحا)وهذيانات وثقت لفواجع عراقنا ودماء جنودنا ضحايا الحروب المتسلسلة، يا اكبر كذبة الى حد هذه اللحظة: هو رحيلك ؟ (معقولة يعني ؟؟)
فيما قال الفنان راسم منصور: لماذا يا إحسان التلال رحلت بكل هذة السرعة؟!،أنت تعرف أكثر من غيرك أني متطرف بالحزن حد الفزع.. أبا نشيد كنت في شدة آلمي أكتب لك وأكتب لك عندما أفرح، فكلا الحالتين أجدك قلبا دافئا،.. أحببتك يا صديقي الأستاذ وجعلت منك معلما وأخا وصديق،أبكاني فقدك الليلة ولن أنساك مهما بقيت لي أيام من بعدك،ستبكيك الأشجار والعصافير والنوارس.. ستبكيك الشوارع والمواقف العظيمة والأعمال الأبداعية الخالدة.. ستبكيك بغداد والنجف وتبكيك المدن التي أحببتها.. أبا نشيد الهستيريا تنتابني ياصديقي ويملا قلبي الآلم ولن أودعك ابدا.. بل أقول لك الى لقاء قريب.

وقال صديقه أحمد محمد الموسوي: احسان..، المسرحية لم يسدل عليها الستار بعد،ودورك فيها لم ينته،فهناك العديد من المواقف التي تحتاج إلى تعليقاتك وحواراتك الساخرة المبكيةوفيها ملايين المشاهد التي عليك أن ترسمها لنابرهافة حسك وروحك الشفيفةلنضحك عليها معا ثم نبكي ثم نضحك ثم......،احسان..لماذا تغادر الخشبة قبل أن يمل الجمهور؟؟؟!!!.