أقدمت عصابات "داعش" الإرهابية على هدم وتدمير عدد كبير من الآثار العراقية الموجودة في متحف الموصل التاريخي بعد دخولها إليه، ما شكّل صدمة بالنسبة للعراقيين ودفعهم الى التعليق على الكارثة الثقافية التي ألمّت بهم.

بغداد: دمّر تنظيم داعش‬ الارهابي، مفتخرا، الكنوز التاريخية والآثار في ‏متحف الموصل‬، وبث شريطا لعناصره الذين عاثوا طرقا وضربًا ونخرًا وكسرًا وتهشيمًا بالتماثيل في المتحف، وقد أصيب الكثير من المثقفين العراقيين بالصدمة لهذا التدمير غير المبرر لحضارة ظلت سالمة طوال آلاف السنين، على الرغم من أن قبائل وشعوب مختلفة مرت عليها، وأعرب الكثيرون عن ألمهم وأسفهم ان يصل الحال بهذه الكنوز إلى التخريب.
وعلمت (إيلاف) أن اتصالات دبلوماسية عراقية رفيعة جرت لعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن بخصوص جرائم داعش، وتخريبه الآثار العراقية، والآن ايضاً منظمة اليونسكو ستدعو &إلى اجتماع عاجل.
&والآثار تعود إلى حضارات بلاد ما بين النهرين، وبينها تمثال للثور الآشورى المجنح الذي يعود تاريخه إلى القرن التاسع ما قبل الميلاد، كذلك دمر ثور مجنح آخر عند بوابة نركال الأثرية في مدينة ‫‏الموصل‬ وهو رمز للحضارة ‫‏الآشورية‬.
&
الهوية العراقية في خبر كان
فقد ألقت الكاتبة لطفية الدليمي باللائمة على البرلمان العراقي والحكومة، وقالت: لم يعد هنا عراق - ايها البرلمان المتحجر، ايتها الحكومة النائمة اين انتم مما يجري؟ السبايا من بنات وأمهات ما زلن في زنازين الوحوش، المدن ما زالت تئن تحت احذية المتوحشين - الهوية العراقية بفضلكم وبفضل داعش ستصبح خبرا في كتب المؤرخين، اين انتم يا سراق العراق يا محاصصاتيون ؟؟ الاتستحقون الرجم وانتم تسلمون العراق وحضارته لداعش ؟؟ ام انتم بهذا فرحون ؟؟ فرؤيتكم للآثار الحضارية تلتقي مع داعش ألم يقل وزير منكم عن آثارنا انها الاصنام اللات والعزى وثالثتهم مناة الأخرى ؟ ويلكم من لعنة الزمن ، ودموع البشر وآهات الحجر .
&
آشوري يستغيث
ووجه المواطن الاشوري نوئيل ادور عزيز، &استغاثة إلى الجميع عبر رسائل قال فيها: إلى المرجعية الشريفة في النجف الأشرف ورجال الدين الافاضل، إلى الاخوة العرب والكرد وسياسييهم ومؤسساتهم، إلى اخوتنا في الوطن الجميل، إلى مثقفينا وكتابنا واحرار العالم، إلى كل انسان شريف على وجهه الارض، نحن الاشوريين اخوتكم في الارض، شاركناكم حروبكم وهمكم وافراحكم وعزاءكم،فاستشهدنا في ثوراتكم القومية والدينية والفلسفية، لنا حق عليكم ونريده منكم، ابناء هذه الامة يتعرضون إلى مخطط يسعى للنيل من وجودهم على ارض الاجداد، فلم يكتفوا بتهجيرنا وقتلنا فحسب، لكن حتى آثارنا وتاريخنا نالوا منهما، استحلفكم باسم الله ان توقفوا هذه المذبحة، استحلفكم باسم الانسانية ان تمدوا يدكم إلى من تبقى من هذا الشعب المسكين المظلوم لأكثر من ٢٥٠٠ سنة، فتاريخنا لديكم وانتم تعرفوننا جيدا، استحلفكم بدماء شهدائنا الاشوريين لديكم، افعلوا شيئا لابناء سهل نينوى والخابور، افعلوا اي شيء، ولا تقفوا مكتوفي الأيدي.
&
اوجاع وبكاء
اما الكاتب عمار السواد &فقد ترجم أحاسيسه ازاء الفيديو الذي بثه التنظيم، وقال : كل ضربة من هذه الفؤوس طعنة في قلب كل عراقي، فما قاوم نوائب الزمان وبقي من أثر للماضي العظيم... تستأصله أيد تريد أن تمحو كل أثر يذكرنا بهويتنا.ما جرى ويجري يهدف إلى إفراغ ذاكرتنا من العراق.
اما الاعلامي علي السراي فقد علق على مشهد التدمير بقوله : إعدام دموي جديد. إعدامٌ يُكمل مشهد التطهير، وتسوية التاريخ.صورة نهايتنا في أرضٍ من العدم.هذه صورة متخيلة لجرافة أسطورية خرجت من بطون الكتب، تدوّن "الشر" الغالب.كانت خامدة في مكان ما، وها قد جاء من وضع لها زيتاً من نصنا المقدس.هذه صورتنا نبكي بالألوان. لقطة مكبرة لجُبننا وخيبة أملنا بأنفسنا.هذه صورتنا ونحن نَقتُلُ ونُقتَل. هذا المعول شمعة ميلاد إندثارنا. هذا متحف يموت، لإحياء متحفنا الكبير: حفلة دم حتى الصباح. هذه لقطة ترفية، تسبق وتلحق ألبوم صورنا، منحورين مقطعين معلقين على أعمدة الرجم.

مطالبات ودعوات&
من جانبه طالب الشاعر أحمد عبد الحسين شعراء العراق بكتابة مناحات تعبر عن وجع التدمير ، وقال: بعد مشاهدة تدمير متحف الموصل، على شعراء العراق الآن، استحضار أرواح أجدادهم القدامى الذين سكنوا هذه الأرض منذ آلاف السنين.علينا الآن أن نكفّ عن الشعر ونكتب مناحات كمناحة أور.
اما الشاعر عبدالزهرة زكي فقال: لم يسترع انتباه العالم دمنا الذي يراق كل حين، فهل يستصرخ الضمائر دم آثارنا الذي أريق في متحف الموصل؟ إنها حضارة الإنسان حيثما كان،إنه صفر الانسانية العظيم الذي ابتدأ من هنا من حضارات وادي الرافدين.ألم ترتوِ المخابرات الدولية، من خلال صنيعتها داعش، من دمائنا لتذهب إلى دم التاريخ؟
واضاف: أدعو جميع مثقفينا ونخبنا إلى تحرير وثيقة بمختلف اللغات الحية موجهة إلى جميع مثقفي العالم والمهتمين بالحضارات القديمة وآثارها من أجل تحرك دولي مسؤول بمستوى الكارثة التي نتعرض لها.
من جهته هادي جلو مرعي قال: أدعو الحكومة العراقية لإعلان حال الحداد لثلاثة أيام بسبب الكارثة الكبرى بقيام داعش بتدمير حضارة آشور العظيمة، بعد كل الدمار والموت والتهجير الذي فرضوه هم اليوم ينهون حضارة الممالك والإمبراطوريات القديمة في نينوى، لا تجعلوهم يصلون إلى بابل ولا لأور وسومر وأكد "قاتلوهم من أجل ما بقي من حضارة أيها الرجال".
إلى ذلك قال الشاعر ابراهيم البهرزي: اذا كان حاضرنا ومستقبل اجيالنا قد اضاعته حفنة من ساسة المصادفات الداعرة والاقدار البلهاء وتراث ماضينا تدمره وتهيل عليه الرماد حفنة اخرى من جرذان المقدس العفن بأي شيء نباهي العالم؟ بل ماذا ظل لنا ليثبت اننا بشر مثل مخلوقات العالم الاخرى ؟
&
طمس هوية الموصل التاريخية
وكان التنظيم الارهابي فجّر جزءا من "سور نينوى" التاريخي الذي يعود للحضارة الآشورية بعد أن فخخه منذ أكثر من شهر، ويعتبر "سور نينوى" من الآثار المميزة في الشرق الأوسط عامة والعراق خاصة، وشاهدا على عظمة الحضارة الآشورية وقوتها منذ آلاف السنين.
&ويعد متحف الموصل، ثاني أكبر المتاحف العراقية، تأسس عام 1951 وتتركز مجاميع الآثار في متحف الموصل على آثار عصور ما قبل التاريخ لمنطقة الموصل، وآثار العصور الآشورية وآثار مدينة الحضر وآثار الحضارة الإسلامية.
وفي عام 1972 تم إنشاء المبنى الجديد لمتحف الموصل والموجود في يومنا هذا، ويتميز المتحف بكونه ثاني أقدم وأكبر متحف في العراق بعد المتحف العراقي في العاصمة بغداد.
وقد أغلق المتحف في العام 2003 بعد الغزو الأميركي للعراق، ولم يفتتح حتى عام 2012 ليستقبل الزوار خاصة من طلبة المدارس والكليات.

نبذه عن تاريخ الآشوريين في العراق
وترجع أصول الآشوريين إلى القبائل السامية التي استقرت شمال نهر دجلة في الألف الرابع قبل الميلاد، وأسست تلك القبائل مدينة آشور، واستطاع سكان المدينة أن يطوروا بعض الصناعات، وارتبطوا بالتجارة الخارجية مع المناطق المجاورة، إضافة إلى تمرسهم في الزراعة والري.
وقد ازدهرت دولتهم وأضحت الأقوى لتشمل معظم العراق وعيلام وجزءا من بلاد فارس وأجزاء من سوريا، ويعد أهم ملوكهم سرجون الثاني (727 – 705 ق.م.) ليس فقط بسبب إنجازاته الفنية والمعمارية العظيمة والتي كان منها تشييد عاصمة جديدة قرب نينوى أطلق عليها اسم (دور شروكين). كما عرف بفتوحاته الخارجية العظيمة منها القضاء على المملكة اليهودية الشمالية (السامرة) سنة 721 قبل الميلاد، ومن أهم ملوكها كذلك آشوربانيبال (668-626 ق.م.) فقد أغرم بالأدب والمعرفة فجمع الكتب من أنحاء البلاد وخزنها في دار كتب خاصة شيدها في عاصمته نينوى. وفي عهد آشوربانيبال بلغت الإمبراطورية الآشورية أوج مجدها وقوّتها وعظمتها.&
&