مسرح كلارا ستوكهولم المؤلفة ثيا فون هاربو المخرجة مولين ستينبري والسينوغراف أندرس أوستبري ونحن ندخل أروقة المسرح يصادفنا عالم الظلام والعالم السفلي وتبقى ماريا& تحمل الشموع لكي تضيئ الظلام الدامس رجل بلا قلب ومستبد يحكم ويدير مدينة متروبوليس سنة ١٩٢٧ اخرجها كفلم صامت المخرج فيرتز لانغ ونحن نشاهدها كمسرحية عبارة عن تحفة ومدينة تعبيرية وعالم أفلام الخيال ربما قريبة من العالم الافتراضي لفلم ماتريكس. المسرحية والتي نحن في صدد تحليلها عبارة عن بناء وتأثيرات بصرية ورقص على ايقاع وطريقة الروبوتات واستخدام الموسيقى الالكترونية واشخاص يرتدون بدلات عالم الفضاء وصورة عرض الازياء وفتاة تدخن على خشبة المسرح عالم ومستقبل مجهول مطعّمْ بمسرح مابعد الحداثة ومحاولة الفصل ماين الجنسين مجاميع من الطبقة العاملة تعيش في حالة بؤس وقوى فوقية تتحكمْ بالحياة ويبقى الحاكم فريد راين يحاول إكتشاف ماهية الحياة ويتحكم بحياة الناس ويدير ألات التشغيل وتظهرماريا العذراء وهي تجابه المرأة الشريرة وربما نجد مشاهد قريبة من مسرح بريخت ومسرجيات& أوغست سترندبري كما في شخصية أغنيس في مسرحية الحلم نجد عناصر الرقص والاثارة تبقى مسرحية متروبوليس قد تجاوزت الغموض نيش أجواء التمرد& والثورة والدراما . تجمعات العمال والحياة الصعبة والقاسية وتمرد الابناء على الاباء أطفال يصرخون نريد الشمس لكونهم يعيشون في ظلام العالم السفلي والمنقد هي ماريا وإمومتها لإنقاد العالم من الانهيار ومساندة إنتفاضة الشباب ورفض قوانين العمل والعبودية والمسرحية مبنية على مجموعة هائلة من الصور البصرية والتعبيرية وتحمل جاذبية المشروع التعبيري وتبقى المسرحية عبارة عن درس حي لحياة الناس مجموعة من البشر بملابس سوداء يخرجون من الانفاق الحديدية ويمارسون تدريبات رياضية اشبه ماتكون بتدريبات عسكرية وهم يعيشون تحت الارض ومجاميع اخرى تعمل بغموض وتعيش الذل والمهانة في العمل ويتعاملون مع البشركروبوتات& وألات وماكنات وفي الفصل الثاني تطور ايقاع الحركات والحوارات لكل المجاميع وتجمعات العمال وظهرت النوايا الشريرة ويعلق الحاكم على صليب في عمق المسرح ويجرد من كل شيئ ويفقد السيطرة وقوة التحكم باالاخرين .واختلف المشهد الدرامي وتصاعدت وثيرة الاحداث على عكس بداية المشاهد الاولى من المسرحية كانت عبارة عن ميزانسين لمجاميع من الشابات والشباب يرتدون ملابس سبورت رياضية يقودهم شخص ذو نظارات سوداء وهو يدخن طوال العرض على خشبة المسرح ويأمر الجميع ومجاميع اخرى ترتدي الملابس الجلدية السوداء والغامقة وشخص صاحب شعر طويل يدربهم على ممارسة العنف واستخدام القوة العضلية عالم مجهول يعيش تحت الارض اطفال يصرخون نريد الشمس في هذا العالم الافتراضي والموبوء بالخوف نرى شخصيات تتحرك على شكل روبوتات وشخصيات تعمل مثل الماكنة عالم يسوده الرعب والقتل والتفتيش والرقابة ،ربما تبقى ماريا الوحيدة والمنقدة تحمل الضوء وهي& تبحث عن الحب المفقود في هذا الزمن المجهول وهي تحاول انقاد الجميع وخاصة الاطفال واخراجهم من تحت الارض والخلاص من حكم الاستبداد في ظل حاكم مستبد وبدون قلب ومؤسساته البيروقراطية وفي مدينة متروبوليس تجد العجائب والغرائب الانسان يتصرف بارادة واوامر الاخرين مدينة بلا أمن وأمان مجموعة ضحايا يومية بشر تعمل وتتحول الى ماكنات في زمن التكنولوجيا& كل شيئ وارد وكل الامور مبهمة السلطة الحاكمة فوق والسلطة الدينية تحت من يحكم ومن الحاكم؟ لانعرف تتداخل وتختلط الامور علينا ومع ذلك وفرت لنا المخرجة فرصة المتابعة وبشكل رائع من خلال وجود سايك خلفي عبارة عن شاشة ووثيقة تظهر عليه لتوضيح ماذا يحصل في المشهد القادم ونحن نغوص في عالم بشخصياته المبهمة وعالم موبوء بالشر واعتمدت المخرجة على مجاميع مسرح الرقص وحركة الاجساد وفي مشهد ماريا تقود المجاميع للرقص وسط شراشف ملونة تنزل من سطح المسرح الى ارضية المسرح وفي الجهة الاخرى إمرأة تصرخ بهيستريا إقتلوني; لاأريد أن أعمل ولا أريد أن أكون ماكنة وليس هناك شيئ جميل هنا. وفي مشهد الختام نشاهد الجميع يهرب بحثآ عن الامان وهطول المطر القاتل وموت الاطفال ومحاولة ماريا انقاد الاطفال في مشهد جميل وخلاب من السينوغرافيا وحركة المجاميع ودوران خشبة المسرح المتحرك ونزول هيرسات& الاضاءة الى ارضية المسرح .وفي عرض مسرحية متروبوليس عشنا أجواء تقنيات خصوصية السينوغرافيا الفعالة والخلابة ومع الاسف الكثير من الجمهور المسرحي لايعير أهمية& لمعرفة أسماء مهمة في مجال السينوغرافيا ويبقى المتلقي المختص يدرك اهمية المشهد الدراماتيكي وجماليات العرض المسرحي ليس فقط بجهد المخرج أو الممثلين قد شكل فنان السينوغراف وخاصة في مسرحية متروبوليس عنصرآ حيويآ في علم الجمال والفنون المختلفة وكل الفنون الرفيعة التي تتوجه الى الروح وفي مثل هكذا عروض تبقى السينوغرافيا حاجة ملحة لتكوين خشبة المسرح ويقوي واقعية التعبير ويعززها ويبقى دور الفنان السينوغرافي والمسرحي قادر على خلق حقيقة فنية تنسجم مع مضمون العرض المسرحي يبقى المسرح في عصرنا له خصوصيته ويجب إستيعاب جماليات فن العمارة واستغلال خشبة المسرح أو جزء منها ووجود الممثل والمجاميع وهي تتحرك في الاجزاء الاخرى وتحويل الفراغ المسرحي فراغ سينوغرافي من خلال الاضاءة والتقنية والايقاع والحجم والفراغ وتصوير العالم بشكل أكثر دقة وتبقى أولوية المخرج المعاصر أوالمخرجة المعاصرة البحث عن وسائل لتحقيق أفكاره ويبقى خير نصير لتحقيق ذلك هو السينوغراف وهو يستوعب بناء الفراغ المسرحي وخاصة في مسرحية متروبوليس

عصمان فارس مخرج وناقد مسرحي ستوكهولم