&
كل عرض مسرحي مبني على قناعات ضرورية ومهمة هو حالة إتفاق مابين خشبة المسرح أي الممثل وعملية تواصل مع المتلقي والغاية هي أن نحول الساكن في الحياة الى متحرك وخلق نشاط إنساني من خلال الفعل بكل أشكاله ومضامينه عندها يصل المتلقي الى قناعات وفق دلالات والعلامات والاشارات البصرية والسمعية كلها تخلق التواصل الاجتماعي والانساني وعملية التعبير عن الافكاروالاحاسيس وكثير من العواطف والمشاعر الانسانية ضمن الواقع اليومي الحياتي المحدد بوحدة الزمان والمكان وخلق عملية المعرفة والتواصل من محور الخطاب المسرحي وخصوصية لغة العرض المسرحي تبقى أهمية الواقع الاجتماعي وكل الظروف السياسية ونوعية العلاقات الاجتماعية والظروف التي تسهم وتساعد على إخراج العمل المسرحي ويبقى التأويل عنصر كيميائي مهم لتفعيل الخطاب المسرحي. كل هذه العناصر تجتمع وتكتمل في العرض المسرحي وفق ألية المنهج والاسلوب وطريقة معالجة العرض المسرحي وحقيقة تفسيره ويبقى العنصر المهم والايجابي هو خلق التواصل وإيصال الرسائل مابين الممثل والمتلقي أي تكملة لغة المُرسلْ والمرسَلْ إليه كون المتلقي يستلم الخطاب المسرحي ويحاول قراءة الاحداث وإعادة صياغتها من جديد وتتوقف العملية برمتها على إبداع الممثل وقدرته على إيصال كل الخطابات بحيوية العلاقات ويجعل المتلقي يعيش الواقع بكل أشكالاته وإرهاصاته وتكتمل صيرورة وديمومة الحياة على الخلفية الثقافية ووعي الكاتب والمخرج والممثل وكذلك العنصر الاهم هو المتلقي الذكي والواعي والذي له القدرة الفائقة في فهم وتحليل كل بنى العرض المسرحي من خلال تجربته وخبرته الحياتية. المسرح هو إنتاج ونتاج الحياة وكل عرض مسرحي هو صورة من الحياة اليومية للفرد والمجتمع ويبقى الانسان هو المحور ومركز الصراع الحيوي داخل خلية المجتمع وصراعاته أحيانا نحتاج ان نبتعد عن المباشرة في الخطاب المسرحي ونعتمد على بعض حالات الغموض لكي نجعل من المتلقي يتحرك ويلعب دور الفاعل والخالق للعرض المسرحي ولكي نتحاشى الغموض علينا بالابتعاد عن التهويمات البصرية والشكلية بحجة الابهار الجمالي الغير مقنع لذلك يفقد العرض المسرحي صلة التواصل مع المتلقي والوجود الانساني ونفقد الثقة وعملية الاقناع مابين الطرفين ويبقى أهمية الخطاب المسرحي في تقديم المتعة الجمالية والفكرية ولكي نتواصل في خطابنا المسرحي مع المتلقي علينا ان نربط ما في مخيلته بالواقع والغرض هو إغناء العرض المسرحي وربط تفكير المتلقي بواقعه وهنا تبرز أهمية الممثل كدلالة في إيصال الخطاب المسرحي عندما يأتي المتلقي للعرض المسرحي تنشط مخيلته ويتحول الى مفسر لبنية العرض المسرحي واهمية الخطاب المسرحي في خلق التفاعل الجدلي بين جميع الاطراف أقصد الممثل والمتلقي من خلال خلق المحفزات من الثراء والعمق في بنية العرض المسرحي لذلك نكسب ود المتلقي ونكشف كل وشائج وشبكات العلاقة وخصوصية الصراع في كل العلاقات السياسية والاجتماعية مابين الفرد والمجتمع على مستوى المجتمعات المدنية والحضرية والمجتمات المنغلقة وابراز الحرية الفردية والاجتماعية في ظل مهرجان كلاويش الثقافي والسنوي في مدينة السليمانية عرضت مسرحية الحلاج تأليف فوآد مجيد ميسري وإخراج بكر رشيد على مسرح &مديرية الثقافة تناول فيها شخصية المنصور بن حسين الحلاج المتصوف الذي عاش في منتصف القرن الثالث للهجرة.تمثيل سوران إسماعيل ،موفق عارف،كمال علي،سالار ماهر،رزكار أمين، عبدول حمة جوان ،أكو عمر،شيركو حمه سعيد،أكرم حمه كوله، بهاء الدين عازباني، بيان زريفي،ارام غمبار فحلاج السليمانية ليس له علاقة بعمق التأريخ المختلف عليه فقهيآ وهو شخصية مثيرة للجدل وفق مواقف ومذاهب البعض فمنهم من يتهمه بالزندقة ومنهم من يعتبره ثائرآ في مواجهه قوى الجهل والتخلف كما في مسرحيتنا الحلاج وضع وهو مقيد بالسلاسل في قفص الاتهام وفي محكمة شبه صورية وحاكم وظيفته تكميم الافواه محكمة يديرها قوى الظلام وربما هناك المئات مثل شخصية الحلاج بأسماء وعناوين مختلفة أصبحت قرابين شهادة للدفاع عن الكلمة الحرة كم حلاج موجود في زمننا هذا زمن التسقيط السياسي وتكفير الاخر والذبح والتهجير وخاصة في فترة فقدان الاسس الانسانية بسبب الظروف السياسية القاسية والاوضاع الاجتماعية والاقتصادية القحط لذلك وظيفة الفنان والمثقف تتمحور في التحريض ضد الجهل والتخلف الاجتماعي بفقدان مدنية الحياة والمقصود المجتمعات المدنية والحضرية بسبب غوغائية السلطة وعلى المثقف المسرحي مجابهة التخلف الاجتماعي بخطاب مسرحي يرتقي الى الجدية والموضوعية والعقلانية وإعلان موقفه السياسي والاجتماعي والفكري المباشر في زمن يسوده التخلف وقوى الشر وتغيب فيه العدالة والحرية وربما تغتال الديمقراطية نقصد هنا إرتباط الخطاب بالزمكانية وفق زمن تقديم المسرحية وبيئة العرض المسرحي عبارة عن دال ومدلول ومؤثر على المتلقي في نفس الوقت وكذلك تأثير الممثل واللغة المحكية وتعيين الاشياء التي تشكل الواقع ووظيفة المخرج في المعالجة &والتفسير هو إيصال رسالة العرض المسرحي .مسرحية الحلاج سبق للكاتب المصري والشاعر صلاح عبدالصبور أن كتبها وكذلك الكاتب العراقي طارق الخزاعي بعنوان الحلاج ينقط &دمآ أما مسرحية الحلاج للكاتب الكردي فؤاد مجيد ميسري هو حلاج عصره المرتبط إسمآ بعمق التأريخ الاسلامي يطرح الحقيقة ويقصد الحق لذلك يتهمْ بالزنديق وربما الكافر ذلك الصوفي المتأمل وهو يفضح المنافقين وتجار الحروب ترك الصمت وأعلن الحرب على عبودية الخوف والدجل هذه هي شخصية الحلاج المثيرة للجدل البعض يعتبره مشرك لكونه ربط بين الذات الالهية في الذات الانسانية كانت نهايته حزينة وتبقى خصوصية أبعاد شخصية الحلاج وتعامله مع حرية الفكر والمجتمع والدين في مثل هكذا مسرحيات أقحم المخرج بكر رشيد السينما كجانب تسجيلي للتعريف بسيرة الحلاج وشبابه وتحولت خشبة المسرح الى قاعة محكمة والحلاج مقيد بالسلاسل في قفص الاتهام وهو يدافع عن طروحاته وأفكاره بريقة إداعية وخطابية ربما البعض يعتبره صوفي كيف يصرخ في حواراته &لكن في مثل هكذا مواقف تتطلب الحالة بعض الخطابية عندما توجه له الاسئلة من الحاكم والقاضي في محكمة وهم يتهمونه بالزنديق لكونه إدعى الالوهية يبقى الفنان سوران إسماعيل صاحب كاريزما جميلة على خشبة المسرح يمتلك قوة التعبير وصوت رخامي وهو فنان عاشق لفنه وقد عمل معي في العديد من المسرحيات وله دراية فائقة ومتجددة في أداء عدة شخصيات على خشبة المسرح بالرغم في شخصية الحلاج كانت حركته موضعية ومقيد لكنه كان يدير دفة شخصيته بذكاء أوجد المؤلف والمخرج شخصية الراوي وتعليقاته على سير الاحداث وحركاته الرشيقة في القاعة وعلى خشبة المسرح محاولة المخرج كسر الايهام وكان الممثل كمال علي موفقآ في أداء شخصية الراوي من خلال الحركة وسحر الكلمة والقدرة على الفعل أما شهود الزور وهم جالسين وسط القاعة مع الجمهور ومن بينهم بائعة الهوى كانت جميلة الطلعة وتتصرف بغنج وطريقة الغجريات والراقصات وهي تتهم الحلاج برجل الشهوات وكانت الفنانة بيان زريفي رائعة ومنسجمة وموفقة في أداء الشخصية .وكذلك شهود الزور الممثل أكرم حمة والمثل &وبهاء الدين عزباني كان أداؤهم رائع .هل يستطيع الرجل الصوفي وهو يواجه الموت الفنان سوران إسماعيل وهو يمثل شخصية الحلاج وهو يدافع عن الحقيقة وتبقى الكلمة للمتلقي صحيح أزياء هيئة المحكمة والشهود تمثل القرن الثالث الهجري لكن أزياء الحلاج سوران إسماعيل وكذلك الراوي تمثل العصر وتوحي لعصرنا ويومنا الحالي ونحن نواجه قوى التخلف وقوى الشر والظلام وليست الحالة مرتبطة بالصوفية أراد المخرج أن يجعلنا أكثر قربآ من الزمن بل هي ثورة الانسان المعاصر ضد الظلم الاجتماعي والفردي صحيح إنها قاعة محكمة توحي للماضي لكن ظلال الواقع في أزياء وشخصية الحلاج ويبقى هذا البطل المتمرد على الفقر والجوع وفساد المجتمع وهو وليد عصره وأبقى أؤكد وأتفق مع المخرج بكر رشيد فحلاج مسرحيتنا ليس له أي علاقة بعمق التأريخ فقط محتواه الفكري والدفاع عن الحقيقة وهو اشبه مايكون بشخصية غاليلو وهويدافع عن نفسه وعلمه في مواجهة قوى التخلف وإتهامه بالهرطقة فحلاج يومنا يتهمْ بالكافر وهو يواجه الظلم والتخلف هذه هي تهمته وقضيته الاساسية. الحلاج هو إنسان عصرنا الدامي فموضوعه ليس فردي وفق سيميائية عنوان المسرحية وتبقى دعوته للخلاص من الشر الحقيقي والظلم الاجتماعي وحكم الفاسدين فحلاج مسرحيتنا يدعوا الى حراك شعبي وثورة من أجل التغيير لكن مع الاسف تحول البعض من الفقراء في زمن شراء الذمم بالمال الى شهود زور ضده بسبب المغريات المالية والخوف على رقابهم .هذا ماأراده المخرج بكر رشيد بحضور الشهود من وسط الجمهور لنتحول جميعآ الى مذنبين وقد ساهمنا في ذبح الحلاج وهو في قفص الاتهام وربما سكوتنا بسبب الخوف ويبقى الحلاج ثائر عصره مثل ما كان الحسين ثائرآ .وتبقى مسرحية الحلاج هي محور الصراع اليومي وهي تركز على تيمة مهمة الجوع والفقر والظلم &واللصوص وقطاع الطرق وكيفية مجابهة قوى الشر لتحقيق الامل والاماني الحرة لمجتمعنا ونكسر حاجز الخوف والانبطاح وكم &مثل هذا النموذج المثقف والثوري موجود في زمننا وأين نجد المنقذ الذي يختار التضحية والشهادة من أجل الاخرين &وزوال عصر الشر ربما استخدم المخرج &تقنية السينما الفلاش باك في تصوير شخصية الحلاج ونهاية معاصرة لطريقة &قتل الحلاج وهي فجيعة يومية لصورة عصرنا وواقعنا اليومي لكل من يرفع صوته في مجابهة قوى الظلام &في مسرحية الحلاج نحن وجدنا أنفسنا إزاء &تداخل بين نقيضين قديم وجديد وحديث في الطرح وبعض الملابس العصرية ودلالات ألوانها تلقي بظلال من الشك وكذلك التناقض في النظرة وخاصة في أزياء شخصية الحلاج واللون البرتقالي وكذلك أزياء الراوي واللون الابيض أما الشخصيات الشريرة تلبس ملابس بألوانها السوداء والشعر الطويل إستطاع المخرج بكر رشيد وضع الممثلين تحت إضاءة واضحة وبسيطة وسينوغراف جميل بتنفيد شيركوحمة سعيد وأمير وشخصيات مسرحية مهمة وخاصة الملك وهيئة المحكمة والحلاج كان أداء موفق عارف رائع ومدهش وأخاد وهو يحاور ويحاكم الحلاج وكذلك الممثل رزكار أمين ممثل قدير وبارع في حركته وفي صوته وصمته وقوة التعبير في شكله أما الممثل سالار ماهر كان جميل وساحر ورائع رغم قصر دوره وهو ممثل أكاديمي يفهم لغة المسرح وقوة شخصيته الرائعة وفي مسرحية الحلاج شارك عدد كبير من الممثلين الكبار في الفلم السينمائي &لغرض توضيح شخصية الحلاج منهم الفنان اكبير عبدول حمه جوان والفنان القدير والجميل أكو عمر والفنان شيركو حمه سعيد &وتبقى مسرحية الحلاج &نص أدبي مهم &ذات دلالة ومضمون وهدف ورسالة مهمة حتى &وإن إختلف بعض الفقهاء على شخصية الحلاج &والكاتب المسرحي الكردي فوأد مجيد ميسري كاتب كبير وله خبرة واسعة وعميقة في كتابة وتدوين النصوص المسرحية الملحمية &&
عصمان فارس مخرج وناقد مسرحي