&إلى فاطمة ناصرية في الذكرى الثانية لرحيلها



كيف تخلّيتِ عنّا؟
كان يمكنك المكوث على سريرك&
الخشبي، للدفاع عن حقّنا في البقاء،
حقّنا، في استنشاق نسائم تخلو من التلوّث،&
في ردم العذاب الذي احتجنا عدّة أعوام لترميمه
تأخذين بيدنا، صوب ضوئك البالغ&
البساطة، مثل فوانيس قروية ناعسة،
صوب أحاديثك عن وجوه الذين مضوا&
عن روائح أمي التي تتجول في سهوب الرحمة
عن خسارات أبي الفادحة.
***
يا بقيّة أهلي،
كيف ذهبت منفردة بعد أذان&
الفجر، لملاقاة الموت
كيف خرجت من البيت وحدك
البيت الذي لم تبرحيه منذ شهور
البيت الذي سيكون أول من يسقط&
بعدك، ويسكنه الفقد والحشرات
كيف أغلقت الشبابيك بكل أناة
كيف بخّرتِ بالصلوات ثيابك،
ورفعتِ ابتهالاتك عاليا، تحسّبا&
للطريق المؤدي إلى المقبرة.
ستكونين قريبة من محبيك
أولئك الذين غادروك، لسبب بسيط:
لأن الحياة هشّة، والجوّ دافئ هناك.
***
يا شقيقة أمي،&
ما من سبيل يؤدي إليك
أطفالي الذين يتشمّمون ضوع فراشك،
يتساءلون، بأنين أحدّ من الخنجر:
مَنْ سوف يحضنهم في مساءات الخميس
من سينادي بالحلوى والطائرات&
الورقيّة عليهم، من سيرفع صوته&
فجأة، وهم يتعثرون في أثاث الغرفة
كيف يمكن لي أن أفهم هذا الغياب المفاجئ
الغياب المتربّص بضحيته القادمة
وتعليقها على لافتة لوحة إعلانية
الغياب الذي يجهل الفارق بين&
الغصن والمقصلة، الغياب الساعي إلى&
تفخيخ طرائده بطريقة استعراضية.&
كيف يمكن للدنيا أن تفرط فيك&
بأنانية بائسة، وأن الطمأنينة&
غادرتنا إلى غير رجعة.
***
للوهلة الأولى، اعتقدت أن ذلك&
مجرد عرض تجريبي للجنازة،
أو أنك تختبرين المحبة في قلوبنا
المحبة التي كانت تتغذى على ساعديك&
محبة يتردد الآن صهيلها في الهواء
الهواء الملبد بميراثك المتبقي:
فناجين القهوة، ضحكتك التهاميّة،
وجهك الأسمر المقدود من قمح الأرض،
الثياب الشعبية المعلقة على الحائط،
السجاجيد المطلية باللون الأخضر.
لو في استطاعتك الآن أن تتخيّلي جلوسنا&
على سريرك، منتظرين رجوعك،
لتحاشيت الذهاب إلى ضريحك &
دون مرافقة العائلة.