&
&
بمناسبة الذكري العشرين لرحيل الشاعر محمد مهدي الجواهري، التي صادفت اواخر شهر تموز /يوليو 2017، ساهمت مع نخبة من المثقفين في استذكار الشاعر الجواهري. ادناه سرد اللقاء الاول، من &مداخلتي التى عنونتها "لقاءاتي الثلاثة مع الجواهري":
تسنى لي اللقاء بالشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري (1900- 1997)، ورؤيته عن كثب، والحديث معه بشكل شخصي ومنفرد ثلاث مرات. وما برحت اتذكر، لحين الوقت الحاضر، "حرارة" تلك اللقاءات وبهجتها... و"لذاذتها"، رغم مرور تلك السنين، او بالاحرى... عقود من سنين على تواريخ عهدها! واعتقد ان باعث تلك البهجة يرجع، في الاساس، الى محبتي واعتزازي الكبيرين بالشاعر الفذ: <شاعر العرب الكبير>، كما يحلو لنا تسميته بذلك!
كان الجواهري بالنسبة اليّ، انا الذي ترعرت على حب الجواهري والاهتمام به وتعقب اخباره، في مدينتي الصغيرة " الصويرة" (وهي من اعمال واسط)، التى تكن له الاحترام والتبجيل، والذي كان اسمه فيها، ولدى كثر من مثقفيها، مرادفاً لتقييمات كثيرة ومتنوعة، من مثل: "الشاعر المبدع"، و"البطل" و"الوطني" و"الانسان الشجاع" و"المناضل" ، وحتى ... "المتمرد"! وعندما حصلت على بعثة دراسية حكومية للدارسة خارج الوطن عام 1959، وجدتها فرصة مواتية لان ازور الجواهري في مكتبه بجريدة "الرأي العام" في شارع المتنبي ببغداد واللقاء معه. كنت تواً ، قد اشتريت "ديوانه" الشعري، من "المكتبة العصرية" المعروفة وقتذاك (ازيلت لاحقاً، وكان موقعها لصق مقهى الشابندر). كانت "حجة" الزيارة نيل توقيع الجواهري على ديوانه، ليكون لي تذكارا وفخرا في سنوات "غربتي" المقبل عليها! وعلى عجل تسلقت السلم الذي يوصلني الى الطابق الاول في احدى مباني الشارع المكتبي العتيد، حيث مكاتب الجريدة التى كان يصدرها. بالطبع لم يكن وقتها ضرورة لما يعرف اليوم بـ"الحس الامني". دخلت الى المكتب/ الشقة مباشرة، ورايته &لوحده، يتمشى في غرفته رواحا ومجيئا. فدفعت بالديون له، طالبا ان يوقعه. وقد انساني خجلي "الريفي"، تحيته اولاً. لكنه، اخذ الكتاب مني، وبدا كأنه يمارس فعلا عاديا ومعتادا، في حين توقعت "ورطة" كلامية، عن هذا "الطقس" الغريب على الحياة الثقافية وقتذاك، والخاص بتوقيع كتاب، الذي يقترحه هذا "الريفي" الخجول! بعد ذلك <القصة>... معروفة! اذ تحدثت بمقال مسهب، نشر على صفحة كاملة في جريدة المدى البغدادية بتاريخ 27 تموز &2004، عن ذلك اللقاء واللقاءات الاخرى التى جمعتني بالشاعر الكبير.&
ما اثارني في ذلك اللقاء، ليست "واقعة" رؤية الجواهري شخصياً واللقاء به، التى كنت اتوق الى تحقيقها منذ زمن؛ ما اثارني هي "اصابع" يديه! كانت اصابع نحيفه وطويلة؛...طويلة جدا! لم ارَ في حياتي اصابع بهذا الطول! وعندما طلب مني قلماً ليوقع الكتاب، تظاهرت باني لا احمله. اذ شعرت "بحسي الريفي"، باني اذا سلمته القلم (وكان معي في جيبي)، ستنتهي "المقابلة" سريعا، وهذا ليس في صالحي! في صالحي ان "امكث" عنده اطول فترة ممكنة. ومن حسن الطالع، فانه "فتش" كثيرا عن قلمه بين اوراق عديدة ومتناثرة في غرفته، حتى...وجده: "قلم باندان ضخم"! عند ذاك سألني عن اسمي، ثم وقع الكتاب مع تمنيات صادقة منه اليّ!. □□
&
معمار وأكاديمي
&