الرباط:&احتفاء بالذكرى العاشرة لرحيل الشاعر العربي الكبير محمود درويش، أطلق بيت الشعر في المغرب احتفالية ثقافية و شعرية وفنية كبرى، تحت عنوان"محمود درويش في الرباط"، اليوم الأربعاء، بشراكة مع صندوق الإيداع والتدبير و كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالعاصمة.
و أجمع مثقفون و أدباء ونقاد مغاربة على تميز محمود درويش الإنسان والشاعر والمناضل الذي شكل قيمة أدبية وإنسانية تمتد عبر ربوع الوطن العربي، وذلك في ندوة بعنوان"محمود درويش والتجربة الشعرية وآفاقها الجمالية".
و قال الكاتب العام لوزارة الثقافة عبد الإله عفيفي، في كلمة ألقاها نيابة عن الوزير محمد الأعرج، إن التظاهرة تعد تكريسا للمحبة الرفيعة التي ظلت متبادلة بين درويش والمغرب الثقافي بكل أطيافه ومكوناته، مما يمثل ترسيخا لإجماع المثقفين المغاربة على المكانة الاعتبارية لهذا الشاعر الذي ظل دائم الارتباط بالمغرب.
و أفاد رئيس بيت الشعر بالمغرب، مراد القادري، أن محمود درويش صديق عميق للشعرية المغربية ولأرضها المعطاءة، بحضوره في أكثر من مناسبة أدبية فضلا عن حصوله على جائزة الأركانة العالمية للشعر سنة 2008، التي لم يتمكن من حضور احتفالية تسلمها بسبب رحيله.
من جهته، ذكر رئيس شعبة اللغة العربية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، محمد الظريف، أن شعر درويش يعكس تفاصيل حياته التي عاشها، و مزجت بين الوطنية و الثورة و الإنسانية و الإخلاص لقضية تهم الأمة العربية.
و قال الشاعر والناقد علال الحجام إن درويش أحب المغرب بدرجة كبيرة و فضل مدينة الرباط التي كان يفكر في الإقامة بها في السنوات الأخيرة التي سبقت وفاته.
و زاد قائلا:"ذكاؤه يتجلى في مقاربته للمشهد الشعري و طريقة تناوله، فإلى حدود سنة 1970 كان يركز على القضية الفلسطينية أكثر من الشعرية، ليركز بعد ذلك على الجانب الجمالي حتى لا تستنزفه القضية".
و اعتبر الشاعر محمد بودويك أن ذكاءه يشمل تميزه في الإبداع الشعري، حيث تحولت العديد من الجمل لشعارات وهتافات، من قبيل"وطني ليس حقيبة وأنا لست مسافر" و"إنا نحب الورد لكننا نحب الخبز أكثر" و"أحن لخبز أمي وقهوة أمي"، ليصبح شاعرا بالقوة والفعل له صوت وإيقاع و سيولة بين الشعر والنثر.
و أضاف بودويك:"هو ليس حالة ولا ظاهرة شعرية، إنه شاعر الأحوال و المقامات والظروف والسياقات، يجمع بين الغزارة والتنوع والإحكام الكامل، كل ما أبدعه من شعر نوعي يتمحور حول المقاومة، يعبر عن قلقه الوجودي و سخريته وإقباله على الحياة درء للبؤس المسلط على شعبه".
وقال الشاعر والناقد عبد السلام المساوي إن محمود درويش يمثل نموذج الشاعر المنفتح على الجميع، سواء القارئ العادي أو النخب التي تتلقاه بشكل عميق.
واعتبر أنه جند نفسه ليكون واحدا من جنود المقاومة من خلال الدفاع بالكلمة العميقة التي سكنته وبصمت مسيرته في أماكن المنفى وبيت الطفولة و البحر"الدرويشي" الذي يخضع لحركاته الداخلية التي تعكس معاناة الذات الفلسطينية.
الجدير بالذكر أن الاحتفالية تشمل تنظيم معرض بعنوان"ورد أكثر" للفنانيين التشكيليين عزيز أزغاي وعبد الله الهيطوط و فؤاد شردودي، يستمر إلى غاية 12 يناير المقابل ، إضافة إلى صدور عدد خاص من مجلة"البيت" عن الشاعر الراحل، بمشاركة نخبة من الكتاب المغاربة والعرب.
و يعكس المعرض زوايا متعددة ومختلفة لرؤية كل فنان منهم لمحمود درويش، من خلال الرسومات والألوان و الاقتراب من تجربته الشعرية و رحلته الإنسانية التي تتقاطع مع قضية شعبه، حيث مذاق العزلة والغربة والترحال من أجل تأسيس خطاب شعري وجمالي متفرد.
التعليقات